السينما الإماراتية تتجه للشرق الأوسط

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/يونيو/٢٠١٩ ١٢:٥١ م
السينما الإماراتية تتجه للشرق الأوسط

كيث جيه. فرنانديز

غالباً ما يعيش المغتربون في دوائر اجتماعية منغلقة وذلك إما لأنهم لا يستطيعون الاندماج في المجتمع أو لأنهم لا يبذلون جهداً لتحقيق هذا الاندماج ،مما يزيد من شعورهم بالغربة المجتمعية بل ويوحي إليهم بأنهم سجناء في مجتمعات ذات شبكات اجتماعية راسخة لا يمكنهم الانخراط فيها.ولذلك ،فقد يعيش المغتربون وأبناء البلد أنماطاً حياتية مختلفة تماماً حتى وإن تقاسموا العيش في نفس الوطن.

يستعرض المخرج الإماراتي محمد سعيد حارب هذه الفكرة في قالب كوميدي من خلال أول أفلامه الروائية الطويلة «راشد و رجب» ،الذي قامت شركة «إيمج نيشن» بإنتاجه وعرضه في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال عيد الفطر المبارك.وقد حظى الفيلم بردود فعل إيجابية من جانب النقاد والجمهور على حد سواء. ويلعب دور رجب في هذا الفيلم الممثل المصري شادي ألفونس، الذي عرفه الجمهور من خلال حلقات «ساترداي نايت لايف بالعربي». خلال الأحداث ،يتعرض رجب وهو شاب مصري محبوب يعمل في مجال خدمة توصيل الوجبات السريعة ،لحادث غريب يؤدي إلى تبديل جسده مع راشد وهو رجل أعمال إماراتي ثري ذو طبع حاد يلعب دوره نجم الإعلام الاجتماعي مروان عبد الله صالح في أولى أعماله السينمائية. تدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي يستعرض كيفية تعامل راشد ورجب مع قضايا اختلاف الجنسية والثقافة ومواقف الحياة اليومية وحتى لهجاتهم العربية المختلفة بشكل ساخر ليثير الفيلم في نفس المشاهد تساؤلات عديدة عمّن ينعم حقاً بحياة أفضل.

من جانبه يقول المنتج علي مصطفى :»غالباً ما يظن الناس أن الأخرين يعيشون حياة أكثر راحة وطمأنينة وسعادة منهم ،ولكن هذا ليس صحيحاً في المطلق.من المهم أن تُقدر النعم التي قد وهبك الله إياها مهما كانت. فعلى الرغم من اختلاف الثقافات،فإن المجتمعات تتشابه في قيم المساواة والتضامن. يتسبب الحادث الذي يقع في الفيلم إلى تبديل جسدي الشخصيتين ويعيش كل منهما تجربة حياة الآخر. ويدركان في نهاية الأحداث أنهما يبحثان في حياتهما عن نفس الأهداف تقريباً. «

ويتولى عملية الإنتاج المشترك لهذا العمل مصطفى علي مخرج فيلمي «دار الحي» و»ذا وورثي»بالتعاون مع المخرج الإماراتي ماجد الأنصاري مخرج فيلم «زنزانة» والمخرج رامي ياسين مخرج فيلم «سريانا» ،حيث يعمل الثلاثي على المساعدة في حل المشكلات الفنية وتقديم الرأي والمشورة وقتما احتاج حارب لإخراج فيلمه السينمائي الروائي الأول على أفضل وجه. وقد اشتهر المخرج الإماراتي حارب بعمله في مجال الرسوم المتحركة، وخاصة في المسلسل التلفزيوني الشهير «فريج».

وقد استفاد حارب من خبراته الفنية السابقة وعمل على وضع منهج خاص به في فيلمه الكوميدي «راشد ورجب».ويوضح حارب قائلا :»هناك رابط مشترك يجمع بين كل أعمالي ،حيث أنني أعشق الرسوم المتحركة والشعر. وتطغى طبيعة عملي في مجال الرسوم المتحركة على هذا الفيلم ،لذلك ربما قد تكون ميولي الفنية هي القاسم المشترك بين مسلسل «فريج» و فيلم»راشد ورجب». « ويجهز حارب مفاجئة لجمهوره تتعلق بشخصية أم سلوم من شخصيات مسلسل «فريج» .

ربما اعتاد الجمهور على مشاهدة نوعية الأفلام التي تتطرق إلى فكرة تبادل الأجساد بين الأشخاص ،ولكن حارب لديه موهبة في فهم أفضليات الجمهور في المنطقة بما يضمن نجاح الفيلم. في الواقع إذا توافر السيناريو والحوار الجيدين في أي عمل ،فإن ذلك يساعد على تحقيقه إيرادات كبيرة عنده عرضه في دول أخرى.لقد حاولت الأفلام الإماراتية في السابق تحقيق مردود طيب والنجاح في دول أخرى مثل مصر ولكن دون جدوى ،على الرغم من التشابه بين البلدين العربيين من حيث الثقافة و الموضوعات التي تجذب الجمهور.
وحول هذه النقطة يقول مصطفى علي :»كنا نحاول دوماً طرح أفلام إماراتية في مصر على مدى فترة ليست بالقصيرة ،ولكنها لم تلقَ النجاح والإقبال المنشود لسبب أو لآخر ،حتى الأفلام التي شعرنا بأنها جاذبة للجمهور على المستوى الدولي. ولكن استطاع حارب في نهاية الأمر من خلال فيلم «راشد ورجب» أن يجد الأسلوب الكوميدي المناسب للمنطقة العربية. وحاز الفيلم ،الذي دار فيه نصف الحوار باللهجة المصرية والنصف الأخر بلهجة مصرية ينطقها شخص من الخليج ، على إعجاب الجمهور المصري بصورة كبيرة. «
تم تصوير الفيلم في دبي، وسيتم عرضه قريباً في جميع أنحاء العالم بفضل اتفاقية مبيعات عالمية تم توقيعها مع وكالة أيه. جي. سي. إنترناشونال.
ومن ناحية أخرى ،يتسم حارب بسعة صدره وتقبله للنقد ،ولاسيما وأن مسلسله «فريج» تعرض للنقد من فئات من الجمهور رأت أنه لا يتماشى وتقاليد الثقافة العربية.
ويقول حارب :»أشعر بالدهشة من كثرة الأشخاص الذين يتصيدون الأخطاء. أحياناً كنت أود أن أقول لهم :لماذا لا تبتكرون الرسوم المتحركة التي تعبر عنكم ؟قدموا لنا ثقافتنا كما يحلو لكم. هذه هي رؤيتي الخاصة للأمور. ومن ثم ،فإنه لا يوجد معيار لتحديد الصواب والخطأ في مجال الإبداع الفني. «