العبور التاريخي

الحدث الاثنين ٠١/يوليو/٢٠١٩ ١٢:٥٦ م
العبور التاريخي

بيونغ يانغ-وكالات

دخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب أراضي كوريا الشمالية سيراً على الأقدام الأحد في خطوات تاريخية إلى جانب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

وعبر ترامب الحدود الفاصلة بين الكوريتين في قرية بانمونجوم حيث تمّ توقيع الهدنة عام 1953. ولم يدخل يوماً أي رئيس أميركي الأراضي الكورية الشمالية.
وبرفقة رجل بيونغ يانغ القوي، قام الملياردير الأميركي ببضع خطوات داخل الأراضي الكورية الشمالية، قبل أن يقف إلى جانب كيم للسماح للصحافيين بالتقاط الصور على الخط الفاصل.
واعتبر ترامب «أنه يوم عظيم بالنسبة للعالم» وقال إنه «فخور» لعبوره حدود المنطقة المنزوعة السلاح.
وأصبح ترامب بذلك أول رئيس أميركي في منصبه، تطأ قدمه أراضي الدولة الشيوعية. وبرفقة رجل بيونغ يانغ القوي، قام الملياردير الأميركي ببضع خطوات داخل الأراضي الكورية الشمالية، قبل أن يقف إلى جانب كيم للسماح للصحافيين بالتقاط الصور على الخط الفاصل.
واعتبر ترامب «أنه يوم عظيم بالنسبة للعالم». وأعرب كيم من جهته عن أمله في «تجاوز العقبات» بفضل علاقاته مع ترامب.
وقد لا يكون اللقاء كافياً لحلّ الملف النووي الكوري الشمالي الحساس، لكنه يحمل رمزية مهمّة بالنسبة لبلدين كانا يتبادلان التهديدات بتدمير بعضهما منذ عام ونصف العام.
وقبل وصوله السبت إلى كوريا الجنوبية، وجّه ترامب دعوة مفاجئة عبر تويتر لكيم للقدوم إلى المنطقة المنزوعة السلاح وقول «مرحباً».
لكن قبل ساعات من الزيارة المرتقبة، لم يكن معروفاً ما إذا كان الزعيم الكوري الشمالي سيحضر.
وأكد ترامب أنّ كيم «يرغب كثيرًا بذلك» مشيراً إلى أن الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن سيرافقه مهما يحصل على الحدود.وشدّد على أن اللقاء «سيكون قصيراً جداً قائلاً «مصافحة تعني الكثير».
وهذا اللقاء الثالث بين الرجلين بعد قمتهما التاريخية في سنغافورة في يونيو 2018 ولقائهما الفاشل في هانوي في فبراير الفائت.
والعام الفائت، عبر كيم جونغ أون نفسه الحدود أثناء أول قمة في المنطقة المنزوعة السلاح مع نظيره الكوري الجنوبي. وكان ترامب قال السبت بشأن عبوره الحدود نحو كوريا الشمالية «سأشعر بالارتياح للقيام بذلك. لن تكون هناك أي مشكلة لدي».

«لقاء من أجل الكاميرات»
ولدى وصوله إلى المنطقة المنزوعة السلاح، زار ترامب منصةً يمكن رؤية أراضي كوريا الشمالية منها، خصوصاً علم عملاق مرفوع على عامود يبلغ طوله 160 متراً.

وقال ترامب متوجهاً إلى الصحافة، «كان هناك نزاع كبير هنا قبل لقائنا في سنغافورة» مضيفاً «مذاك، اختفى الخطر».
ويرى خبراء أن اللقاء قد لا يكون كافياً لحلّ الملف الحساس المتعلق بنزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية الذي تعثّر بسببه التقارب مع واشنطن. وتطلب إدارة ترامب أن تتخلى بيونغ يانغ نهائياً عن برنامجها النووي قبل رفع العقوبات الدولية، الأمر الذي ترفضه كوريا الشمالية.
ويقول الباحث الأميركي جوشوا بولاك من معهد «ميدلبوري» للدراسات الدولية إن «لو حصل هذا الحدث منذ أكثر من عام، كان يمكن اعتباره بمثابة اختراق نفسي».
وكتب على تويتر «لكن الآن؟ لقاء من أجل الكاميرات ومن دون جدول أعمال لن يتمكن من محو عام من الأوهام والخيبات».
ويعتبر بولاك أن إعادة إحياء المفاوضات تتطلب «أمراً مختلف عن رسالة مؤلفة من صفحة واحدة ومصافحة يدّ جديدة»، في إشارة إلى المراسلات بين كيم وترامب.
وقام كل الرؤساء الأميركيين باستثناء جورج بوش الأب، بزيارة رمزية إلى المنطقة المنزوعة السلاح. وأُرغم ترامب على كسر التقليد أثناء زيارته الأولى إلى كوريا الجنوبية عام 2017 بسبب الضباب الذي منع مروحيته من الهبوط.
ويأتي هذا التطوّر المفاجئ بعد مرور أربعة أشهر على قمة هانوي بين ترامب وكيم والتي باءت بالفشل لعدم إحراز أي تقدم في ملف نزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية. ومذاك تراوح المفاوضات بين البلدين مكانها.
وهبطت طائرة الرئيس الأميركي السبت في قاعدة أوسان الجوية في جنوب سيول، بحسب ما أفاد مراسل لوكالة فرانس برس كان على متنها،وكتب الرئيس الأميركي على تويتر «أثناء وجودي هناك، إذا رأى زعيم كوريا الشمالية كيم هذه الرسالة، يمكنني أن أقابله على الحدود/المنطقة المنزوعة السلاح لأصافحه وأقول له مرحباً(؟)!»
وأوضح ترامب أنه تصرّف عفويا وأن أي تحضيرات لم تحصل. وقال «فكّرت في ذلك هذا الصباح». وقال رداً على سؤال بشأن إمكانية عبوره الحدود نحو كوريا الشمالية إذا التقى كيم في المنطقة المنزوعة السلاح «بالتأكيد سأفعل. وسأشعر بالارتياح للقيام بذلك. لن تكون هناك أي مشكلة لدي».

عرض «مثير للاهتمام»
وأكد ترامب أن كيم يتابع حسابه على موقع تويتر وأنه تواصل معه «بسرعة» بعد اقتراحه العفوي.

واعتبرت كوريا الشمالية أن العرض «مثير للاهتمام جداً»، غير أنها أكدت عدم تلقيها دعوة رسمية بذلك بعد ملمحةً إلى احتمال انعقاد اللقاء. وأوضح الباحث في معهد سيجونغ الخاص في سيول شيونغ سيونغ-تشانغ لوكالة فرانس برس «بشكل عام، هذا يعني أن كيم سيأتي إذا تلقى اقتراحاً رسمياً».
ولدى سؤاله خلال عشاء مع نظيره الكوري الجنوبي مون جاي-إن عن إمكانية عقد اللقاء لم يؤكد ترامب ان المصافحة ستحصل واكتفى بالقول «سنرى، نحن نعمل على ذلك».
وخلال العقود الثلاثة الأخيرة، أصبحت زيارة المنطقة منزوعة السلاح أمرا شبه متعارف عليه بالنسبة للرؤساء الأميركيين منذ زارها رونالد ريغان عام 1983. وحده جورج بوش الأب لم يزرها.

مقارنة لافتة
لكن زيارة ترامب ستأتي في أجواء مختلفة. فبعد سنوات من ارتفاع حدة التوترات بسبب برنامجي بيونغ يانغ النووي والعسكري، شهدت شبه الجزيرة الكورية انفراجاً ملحوظاً. وفي أبريل 2018، التقى كيم جونغ أون والرئيس الكوري الجنوبي مون جاي-إن في قرية بانمونجوم في المنطقة منزوعة السلاح، لمصافحة تاريخية على الخط الفاصل بين الكوريتين. تقع هذه المنطقة العازلة على بعد عشرات الكيلومترات شمال سيول ويبلغ عرضها أربعة كيلومترات وتمتدّ على 248 كيلومترا. وتنتشر فيها الحواجز المكهربة وحقول الألغام والجدران المضادة للدبابات.

وأشار المحلل في مجموعة «أوراسيا غروب» الاستشارية سكوت سيمان إلى أن حدثا من هذا القبيل قد «يقود إلى إعادة إحياء المحادثات» لكن لا يجب توقّع إحراز «تقدم كبير على المدى القصير في جهود نزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية».
واغتنم ترامب الفرصة ليتحدّث مرة جديدة عن فكرته بناء جدار على الحدود مع المكسيك لمنع الهجرة غير القانونية إلى الولايات المتحدة. وفي مقارنة لافتة بين الحدود الأميركية-المكسيكية والحدود بين الكوريتين قال ترامب «عندما نتحدث عن جدار، عندما نتحدث عن حدود، هذا ما نسمّيه حدوداً»، مشيراً إلى المنطقة منزوعة السلاح بين الكوريتين، مضيفا «لا أحد يعبر هذه الحدود».
وفي نوفمبر 2017، حاول ترامب أثناء تواجده في سيول، زيارة المنطقة منزوعة السلاح. وأقلعت المروحية الرئاسية آنذاك من قاعدة يونغسان متوجّهةً إلى الموقع، لكنها اضطرت للعودة بسبب الظروف المناخية.