السلطة في عهد ترامب

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢١/يوليو/٢٠١٩ ١٣:٢٢ م
السلطة في عهد ترامب

بقلم - جوزيف س. ناي

اتُّهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتسلح بالعولمة الاقتصادية. إذ كانت العقوبات، والتعريفات، وتقييد الوصول إلى الدولار من الأدوات الرئيسية لسياسته الخارجية، ولم يكن مقيدًا من قبل الحلفاء، أو المؤسسات، أو القواعد في استخدامها. ووفقًا لصحيفة الإيكونيميست، تستمد أمريكا نفوذها ليس فقط من القوات، وناقلات الطائرات، ولكن من كونها العقدة المركزية في الشبكة التي تدعم العولمة. «إن هذه الشبكة من الشركات، والأفكار، والمعايير تعكس البراعة الأمريكية وتضخمها.» ولكن سياسة ترامب قد «تثير أزمة، وتؤدي إلى تآكل أغلى ما تملكه أمريكا- شرعيتها».

في هذا العام، في استجابة لم تكن دقيقة كثيرا لتعريفات ترامب، حرص الرئيس الصيني على أن تلتقط صور له، وهو يزور موقع إنتاج للمعادن النادرة التي تعد صادراته حيوية لمنتجي الإلكترونيات في الولايات المتحدة.ولدى الولايات المتحدة (وغيرها من الدول) شكاوى مشروعة بشأن السلوك الاقتصادي الصيني مثل سرقة الملكية الفكرية، وتقديم الدعم المالي للشركات التي تملكها الدولة، والتي أمالت كفة المنافسة التجارية لصالحها. وفضلا عن ذلك، هناك أسباب أمنية مهمة للولايات المتحدة لتجنب الاعتماد على الشركات الصينية مثل هواوي للاتصالات اللاسلكية 5. G ورفضت الصين السماح لـشركة فيسبوك،أوغوغل بالعمل داخل جدار الحماية العظيم التابع لها،لأسباب أمنية تتعلق بحرية التعبير. ولكن تقييد بعض التقنيات والشركات لأسباب أمنية شيء، والتسبب في حدوث خلل كبير في سلاسل الإمداد التجارية لتعزيز التأثير السياسي، شيء آخر. وليس واضحا إلى متى سيستمر التأثير، أو قيمة التكاليف الطويلة الأمد الناتجة عن ذلك.وحتى إذا كانت الدول الأخرى غير قادرة على تخليص نفسها على المدى القصير من شبكات الولايات المتحدة للاعتماد المتبادل، فإن الحوافز للقيام بذلك ستتعزز على المدى الطويل. وفي غضون ذلك، سيكون هناك أضرار باهظة التكلفة على مستوى المؤسسات الدولية، التي تحد من النزاعات وتخلق منافع عامة عالمية. وكما قال هنري كيسنجر، لا يعتمد النظام العالمي على توازن القوى المستقر فقط، ولكن يعتمد أيضًا على الإحساس بالشرعية، والتي تسهم المؤسسات في تحقيقها. وكان ترامب محقًا في الرد على السلوك الاقتصادي الصيني، ولكنه كان مخطئًا عندما فعل ذلك دون اعتبار التكاليف المفروضة على حلفاء الولايات المتحدة، والمؤسسات الدولية. وتضعف نفس المشكلة سياساته تجاه إيران وأوروبا.إن تحالفات مثل حلف الناتو تحقق استقرارا في التوقعات. كما أن وجود مؤسسات مثل الأمم المتحدة، ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، والوكالة الدولية للطاقة الذرية يعزز الأمن. وقد تكون الأسواق المفتوحة والعولمة الاقتصادية مدمرة، ولكنها توفر الثروة أيضًا (وإن كانت موزعة في كثير من الأحيان بشكل غير متكافئ). إن الحفاظ على الاستقرار المالي أمر حاسم للحياة اليومية لملايين الأميركيين، والأجانب على حد سواء، مع أنهم قد لا يلاحظون ذلك حتى يختفي. وبغض النظر عما يفعله رد الفعل الشعبوي تجاه العولمة الاقتصادية، فإنه لا مفر من العولمة البيئية. فلاتحترم غازات الدفيئة والأوبئة الحدود السياسية. ولا تتفق قوانين السياسة الشعبوية، التي أملت على ترامب رفضه للعلوم، وسحبه للولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ لعام 2015، مع قوانين الفيزياء.

وستحتاج الدول بشكل متزايد إلى إطار لتعزيز التعاون في استخدام البحر والفضاء، ومكافحة تغير المناخ والأوبئة. إن الإشارة إلى إطار مثل «النظام الدولي الليبرالي» يخلط بين الخيارات عن طريق دمج الترويج للقيم الديمقراطية الليبرالية مع إنشاء إطار مؤسسي لتعزيز المنافع العامة العالمية. وتختلف الصين والولايات المتحدة بشأن الديمقراطية الليبرالية، لكننا نتشارك مصلحة في تطوير نظام مفتوح قائم على قواعد لإدارة الترابط الاقتصادي والبيئي.

ويقول بعض المدافعين عن إدارة ترامب بأن أسلوبه غير التقليدي، واستعداده لخرق القواعد ورفض المؤسسات سيجلب مكاسبا كبيرة في قضايا مثل الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، أو نقل الصين للتكنولوجيا بالإكراه، أو تغيير النظام في إيران. ولكن علاقة القوة والترابط تتغير بمرور الوقت، ويمكن أن تُثبِت استراتيجية التلاعب المفرط بالمكانة الأمريكية المتميزة في الترابط العالمي، أنها تؤدي إلى هزيمة أصحابها . وكما ذكرت مجلة الإيكونيميست، فإن التكاليف المؤسسية لاستخدام سياسة الضربة القاضية، قد تضعف من القوة الأمريكية على المدى الطويل. وفي هذه الحالة، سيكون نهج ترامب مكلفًا بالنسبة لأمن أمريكا القومي، وازدهارها، وأسلوب حياتها.

أستاذ بجامعة هارفارد