رئـــة العالم تحترق

الحدث الأحد ٢٥/أغسطس/٢٠١٩ ١٣:١٩ م
رئـــة العالم تحترق

وكالات

على الرغم من الأحداث الغريبة والعجيبة التي بتنا نراها تحدث في العالم يوميا، ومنها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، فإن الأصعب والأخطر ما زلنا لم نلتفت له كــــثيرا بعد، وهو ما يحدث من تغيرات مناخية وبيئية، ولعل منها ما شاهدناه وسمـــــعنا عنه مؤخرا من احتراق لغابات الأمازون التي تمثل رئة العالم، وانهيـــــارات جليـــدية مما يحدث خللا عالميا، وبالطبع سيكون له أثرعلى الغلاف الجوي وعلى الكون، بل وعلى البشرية جمعاء.. مما جعل البعض يتساءل: ماذا يحدث في العالم؟

وقد نبهت وزيرة البيئة البرازيلية السابقة، مارينا سيلفا، إلى أن الوضع في غابات الأمازون التي تدفع فاتورة باهظة جراء الحرائق وقطع الأشجار بات «خارجا عن السيطرة». واتهمت سيلفا، حكومة الرئيس جايير بولسونارو بإتاحة المجال أمام «سلوكيات جنونية» تضر بنظام بيئي حيوي للكوكب.
وأكدت المرشحة السابقة للانتخابات الرئاسية، في مقابلة مع وكالة «فرانس برس» على هامش زيارتها للعاصمة الكولومبية بوجوتا، أن البرازيل تتمتع بالمعارف و»التكنولوجيا» اللازمة للسيطرة على الحرائق، التي تلتهم مساحات شاسعة من الأمازون بفعل ما اعتبرته «إهمال» فريق الرئيس اليميني المتطرف المشكك بواقع التغير المناخي.
وأشارت مارينا سيلفا (61 عاما) التي شغلت منصب وزيرة البيئة بين 2003 و2008 في عهد الرئيس اليساري لويس إينياسيو لولا دا سيلفا (2003-2010)، إلى وجود حركة قيد التبلور للمطالبة بإسقاط البرلمان للمبادرات التشريعية «المنافية» لمبادئ حماية الطبيعة.
ووجهت انتقادات لاذعة للرئيس البرازيلي معتبرة أن ما يحصل في غابات الأمازون التي تقع 60 في المئة من مساحتها في البرازيل، يشكل «جريمة ضد الإنسانية». ودعت سيـــــلفا إلى اعتماد مبدأ حماية الطبيعة موجــــبا أخلاقيا بمعزل عن المواقف السياسية.
ومن ناحية، وبحسب بيان صحفي لجامعة نيويورك أبوظبي أخرى اكتشف فريق باحثين من مركز التغيير العالمي لمستوى سطح البحر في جامعة نيويورك أبوظبي، بدعم من مكتب البرامج القطبية التابع لمؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية، أن مياه المحيطات الدافئة بشكل غير اعتيادي تتسبّب بذوبان سريعٍ لنهر هيلهايم الجليدي في «جرينلاند»، - وهو الأكبر من نوعه في المنطقة والجزيرة هي الأكبر في العالم والتي حدث بسببها إشاكالية وخلاف كبير مؤخرا بين الرئيس الأمريكي ترامب، ورئيسة وزراء الدنمارك - وللمرة الأولى، تم العثور على مياه دافئة استوائية المنشأ عند عمق موحّد بدلاً من المياه القطبية الباردة في الجهة الأمامية من الانفصال الجليدي لنهر هيلهايم، وهو ما تسبّب بارتفاع غير اعتيادي لمعدلات الذوبان. وفي العادة، تصل حرارة مياه المحيطات بالقرب من أطراف النهر الجليدي إلى درجة التجمّد، مما يجعل مستويات الذوبان منخفضة.
وفي 5 أغسطس 2019، أطلق فريق من الباحثين تحت إشراف ديفيد هولاند، أستاذ الرياضيات في معهد كورانت للعلوم الرياضية بجامعة نيويورك، والباحث الرئيسي في «مركز التغيير العالمي لمستوى سطح البحر» في جامعة نيويورك أبوظبي، مسباراً لرصد درجة حرارة المحيط محمولاً في طائرة هيلوكوبتر، وذلك في فتحة تشبه البركة أحدثتها مياه المحيطات الدافئة في الأوساط السميكة والمتجمدة عادةً أمام طرف النهر الجليدي. وتبعاً للحركة الطبيعية، يحمل تيار الخليج المياه الدافئة والمالحة من المناطق الاستوائية شمالاً، حيث تلتقي في جرينلاند مع المياه الباردة والعذبة قادمةً من المنطقة القطبية. وتتحرك المياه الاستوائية تحت المياه القطبية نظراً لملوحتها الشديدة. ولكن هولاند وفريقه اكتشفوا أن حرارة مياه المحيط في قاعدة النهر الجليدي كانت أعلى بأكثر من أربع درجات مئوية بدءاً من الأعلى إلى الأسفل عند عمق 800 متراً. وتم تأكيد نتائج هذا الاكتشاف مؤخراً في مشروع «المحيطات تُذيب جرينلاند» الذي أطلقته «ناسا».
وفي معرض تعليقه على هذا الاكتشاف، قال هولاند: «من الصعب على النهر الجليدي الاستعاضة عن الكتلة المُذابة جراء المياه الدافئة بنفس السرعة حيث يذوب السطح ويتسرّب داخل طبقات الجليد متدفقاً تحت النهر الجليدي وفي المحيط. وتمتلك مثل هذه المياه العذبة في أعماق الواجهة الأمامية للشق الجليدي قوّة هائلة للطفو والوصول إلى السطح، فتسحب معها المياه الاستوائية العميقة والدافئة نحو السطح أيضاً.
ويمكن العثور على المياه الاستوائية الدافئة والعميقة في العديد من مواقع المضائق البحرية بجرينلاند. ويتغير وجودها بمرور الوقت اعتماداً على حركة تيار الخليج. وعلى مدار العقدين الماضيين، تم العثور على مياه استـــــوائية دافئة وفيرة في الأعماق. وتتــــــعرض الأنهار الجليدية في جرينلاند - مـــثل هيلهايم - لوتيرة ذوبان متسارعة وخطيرة منذ وصول هذه المياه الدافئة.
وأضاف هولاند: «نحن متفاجئون باكتشاف أن ازدياد معدل ذوبان الأنهار الجليدية السطحية جرّاء ارتفاع درجة حرارة الجو قد يرتبط بتأثير المحيطات الدافئة. وعلى نحو رئيسي، يعتبر الهواء الحارّ ومياه المحيطات الدافئة ضربتين موجعتين تتسببان بذوبان الأنهار الجليدية بشكل سريع».