أدباء يفتشون في تفاصيل "صدى الأمس"

مزاج الأربعاء ١٨/سبتمبر/٢٠١٩ ١٣:٠٠ م
أدباء يفتشون في تفاصيل "صدى الأمس"

مسقط ـ الشبيبة

أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء يوم أمس الأول بمقرها بمرتفعات المطار ندوة أدبية في شعر وسيرة المرحوم الشاعر ربيع العلوي، لمجموعة من الكتّاب والأدباء والشعراء في السلطنة، بحضور شعري عماني متنوع. هذه الندوة التي أدارتها الشاعرة كوثر الهاشمية شارك فيها الشعراء مسعود الحمداني وعلي الحارثي وعوض درويش العلوي وجاسم العلوي "أخ الشاعر الراحل".

قدم جاسم العلوي قراءة في السيرة الذاتية للشاعر المرحوم ربيع العلوي، وفي قراءته أشار إلى الموطن الأصلي للشاعر الراحل العلوي وهو ولاية صور، مرورا برحلته العملية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة وعمله في إحدى مؤسساتها الرسمية خلال الأعوام من 1975م و حتى 1984م.

موضحا التحاق الراحل بالعمل في جريدة الفجر الاماراتية كمحرر لصفحة الشعر الشعبي، حيث كان ربيع العلوي كثير السفر، و زار عددا لا بأس به من بلدان العالم، خلالها تعرف على العديد من الأصدقاء، وأضح جاسم العلوي أن في نهاية عام 1984م، وقرر الانتماء في عام 1985م لأسرة التحرير في جريدة عمان كمحرر لصفحة الشعر الشعبي. وأوضح جاسم العلوي أن الشاعر الراحل التف حوله عدد كبير من الشعراء والشاعرات، وكان يجتمع ببعضهم كل خميس في مجلس والده بولاية صور، وممن يشاركون في تلك الجلسات الشعراء محفوظ الفارسي، محمد علي بهوان، عتيق فايل المخيني، وعبدالله بن حمدان الفارسي. و في عام 1988م صدر ديوانه "صدى الأمس"، والذي لامس من خلاله قلوب من يحبهم ويحبونه وبعد مضي عام من اصدار ديوانه الوحيد توفي الشاعر الراحل في مدينة صور.

أما الكاتب والشاعر مسعود الحمداني فقد قدم ورقة عمل حملت عنوان: «قراءة في ملامح ديوان ربيع العلوي .. المرأة وإرهاصات التجديد»، وفي بداية حديثه ذهب الحمداني لديوان الشاعر صدى الأمس»،

و قال إنه يلخص تجربة شعرية خاصة وخالصة للشاعر، ومغايرة في نفس الوقت، فالديوان رغم حجمه الصغير إلا أنه يمثل فترة تحوّل جذرية للقصيدة الشعبية العمانية، فقصيدة التفعيلة في ذاك الوقت لم يكن لها مساحة تذكر في قاموس الشعراء، بل أن الكثيرين كانوا يستهجنون هذا اللون من الشعر، ويعتبرونه جسدا غريبا على المشهد الشعري العماني بشكل عام موضحا إنه أول ديوان شعر عماني شعبي يعتمد على شعر التفعيلة. وأشار الحمداني أن للمرأة مساحة كبيرة في قصيدة المرحوم ربيع العلوي، فكل قصائد الديوان لا تخرج عن إطار الغزل والرومانسية، والحاجة للآخر، ولا تشكل المرأة جسدا في قصيدته، ولكنها تشكل روحا هائمة، وسامية ومستقلة، وليس أدل على هذا الصدق، وهذه العاطفة من إهداء ديوانه إلى زوجته سعاد، حيث تناول الشاعر المرأة في نصوصه كذات وروح، وككائن شفاف، وليس كجسد، فلا نكاد نقرأ نصا يحوي غزلا فاحشا، أو وصفا حسيا لجسد المرأة، بل هي "نصوص محتشمة" ، إن جاز التعبير. وقال الحمداني أن في نصوص المجموعة الشعرية يتضح أن التجديد الذي أدخله الشاعر ربيع العلوي لم يتجاوز الشكل، بينما ظل المضمون كما هو، ولم تتعد الأغراض الشعرية دائرة الغزل، فلا وجود لقصيدة ذاتية خالصة بالمفهوم العام .

فيما قدم الشاعر عوض بن درويش العلوي ورقة عمل أخرى بعنوان: «أوزان وموسيقى الشعر النبطي في ديوان صدى الامس» للشاعر ربيع بن سالم العلوي، وهنا أكد عوض العلوي أن الاتجاه الذي اتبعه الراحل ربيع العلوي يسمى بالشعر الشعبي الحديث "النبطي"، ويمثله عدد غير قليل من ابناء جيل النهضه ومن هؤلاء الشاعر ربيع بن سالم العلوي رحمه الله، وقال الشاعر عوض أن الديوان شدني من خلال الإهداء الذي تضمن مقولة الشاعر الراحل إلى "سعاد"، التي جعلت مني قلبا يعزف على أوتار الأمس فأثرى صداها مشاعري، ومقدمة الديوان التي كتبها سالم بن سيف الخالدي المحرر بجريدة الفجر الإماراتية إذ قال فيها: "إن هذا الديوان وُجِدَ ليغني، وقال عن الشاعر ربيع بن سالم العلوي إنه يجمع بين أصالة المعنى و طلاوة الأوزان"، حري أن يستقر في كل قلبٍ ووجدان، وللديوان 28 نصٍ بين قصيدةٍ ومقطوعةٍ نبطية متنوعة الأوزان والموسيقى، وتنوعت هذه المجموعة الشعرية في موسيقاها فشكلت موجة جديدة ما كانت تُطرق في ذلك الأوان، تراوحت بين الموسيقى التقليدية المعروفة والمتمثلة في القصائد العمودية التي غلب عليها بحر المسحوب، وبحر الصخري، حيث كانت مجموعته صدى الأمس بمثابة حركة من حركات التحرر الأدبية اختطت مساَرها الذي عكس شخصية الشاعر النبطي العماني أو الشاعر الشعبي الحديث الذي تميزت و تفردت شخصيته على الشاعر القديم.

أما الشاعر علي الحارثي فقد قدم ورقة عمل ذهبت لتفتش عن تفاصيل اللغة والأسلوب في إصدار "صدى الأمس"، للمرحوم الشاعر ربيع بن سالم العلوي، وهنا أوضح الشاعر الحارثي أن اللغة لدى الشاعر ربيع العلوي في إصداره «صدى الأمس» لخصت أسلوبه في في عدة نقاط تتمثل في أن أسلوب الشاعر الكتابي يندرج ضمن ما يمكن تسميته الأسلوب التعبيري الحسي لنزوعه نسبيا نحو المباشرة وابتعاده عن التجريد، فلا يحتاج القارئ إلى جهد ذهني كبير ليصل إلى الدلالة ويستمتع بجمال الصورة، كما أن الشاعر أبتعد عن كل غريب ووحشي من الألفاظ واعتمد على اللغة البسيطة التي يستطيع الجميع إدراكها مع الاحتفاظ بسموها وقوتها في ضمن نظام موسيقي ملائم، وأمتاز أسلوب الشاعر بالاتزان وتآلف جميع عناصر النص من فكرة ولغة وخيال وعاطفة وموسيقى في نسق واحد مترابط لتعبر جميعها عن شاعر متمكن كما ظهرت بعض خصائص المذهب الرومنسي في أسلوب الشاعر ربيع العلوي مثل الغنائية والاعتماد العواطف والمشاعر العميقة واستشعار جمال الطبيعة والتحرر نسبيا من سلطة النص العمودي للشعر الشعبي خاصة في فترة ظهور الشاعر ثمانينات القرن الماضي، فيما كشفت موضوعات النصوص وموسيقاها في إصدار صدى الأمس عن أسلوب رقيق منسجم مع المعاني الرقيقة التي تناولتها وذلك يعبر عن شخصية عاطفية جدا وشاعر فنان يتعامل مع محيطة بإحساس مرهف يلجأ إلى خياله الخصب كلما أجدب واقعه ليبث فيه من اخضرار روحه "ربيعاً" من شعر.

تضمنت الندوة مناقشة أدبية مفتوحة مع الشعراء الحضور الذين قدموا بعض المداخلات التي أضافت إلى تفاصيل ما قدم من أوراق عمل.