رياضة التزلج بين الأطفال الأفغان

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٧/أكتوبر/٢٠١٩ ١٣:١٨ م
رياضة التزلج بين الأطفال الأفغان

كيث جيه. فرنانديز

غيّر التزلج على اللوح حياة الطفلة مدينه ذات الاثني عشر عاماً من مدينة كابول الأفغانية. إذ أصبحت الآن قادرة على القراءة والكتابة، وزادت ثقتها بنفسها على مدار العام الذي حضرت فيه برامج في مدرسة تديرها مؤسسة سكيتيستان ، وهي منظمة غير حكومية تهدف إلى تمكين الأطفال من خلال المزج غير التقليدي بين دروس التزلج على اللوح والتعلم في الفصول الدراسية.

وتقول الفتاة مدينه، التي تم تغيير اسمها لحماية هويتها:»يمكنني الآن كتابة أسماء الآخرين وقراءتها. فقبل الانضمام إلى سكيتيستان، لم أكن أجرؤ على الوقوف والتحدث بثقة، ولكنني الآن أصبحت شخصية مختلفة تماماً. أنا فخورة بنفسي الآن لأنني حصلت على المرتبة الأولى في امتحان الصف الأول!»

وأشارت كلير دوغان، نائبة المدير التنفيذي للمنظمة، إنه على مدار العقد الفائت عملت سكيتيستان مع أكثر من 7000 طفل في أفغانستان. ويبلغ عدد الطلاب النشطين المسجلين في مدارس التزلج حوالي 2500 طالب.

انطلقت المنظمة في عام 2007، عندما حصل المتزلج الأسترالي أوليفر بيركوفيتش على وظيفة في كابول. وكان يتزلج في شوارع المدينة بغرض الترفيه وجذب الأطفال الفضوليين، الذين كانوا يتبعونه ويطلبون منه تجربة التزلج على اللوح. واستجابةً لهذا الاهتمام، بدأ بتنظيم دورات تزلج غير رسمية في نافورة مهجورة، وسرعان ما لاحظ أنها وسيلة رائعة لكسر الحواجز الاجتماعية.

وأوضحت دوغان متحدثةً من مقر المنظمة غير الحكومية في برلين:»نظراً لأن التزلج كان شيئاً جديداً تماماً في أفغانستان، لم تكن هناك قواعد حول من يمكنه الانضمام، ولاحظ أوليفر أن الأولاد والبنات على حد سواء يقومون بالتزلج، وأن الأطفال من مختلف الطبقات الاقتصادية والأعراق المختلفة يتزلجون معاً.» وقد تطورت منظمة سكيتيستان تلك الدورات إلى برنامج يستهدف «القاعدة الشعبية من أجل التنمية»، وافتُتحت المنظمة أول مدرسة تزلج على اللوح في مدينة كابول في عام 2009، والتي كانت أكبر منشأة رياضية داخلية في أفغانستان.

وتهدف برامج التعليم المقدمة من المنظمة اليوم، والتي تعتمد على الإبداع والفنون، إلى مساعدة الأطفال في أفغانستان (في كابول ومزار الشريف) وكمبوديا (بنوم بنه) وجنوب أفريقيا (جوهانسبرج)، وتشكيل مستقبل أفضل لهم. وتُركز هذه المنظمة الخيرية بصفةٍ خاصة على الوصول إلى الأطفال من مجموعات يتم استبعادها في كثير من الأحيان من فرص التعليم مثل: الفتيات والأطفال من ذوي الإعاقة واللاجئين الداخليين ومن ينتمون إلى طبقات منخفضة الدخل. وإلى جانب تعليم مهارات التزلج من القفز والحركات الخداعية، تولي برامج سكيتيستان اهتماماً بموضوعات مرتبطة بالواقع القائم على الأرض مثل: حقوق الإنسان وقضايا الجنسين وإعادة التدوير.

ويطلق على أكبر برنامج في المنظمة غير الحكومية اليوم اسم «تزلج وأبدع»، حيث يتم الجمع بين المناهج الدراسية القائمة على الفنون ودورات التزلج.

وتتابع دوغان قائلة: «تم تصميم برنامج «تزلج وأبدع» لمساعدة الأطفال على استكشاف قدراتهم الإبداعية وتوسيع مهاراتهم في التفكير النقدي، وكذلك مساعدة الأطفال على رؤية أنفسهم كصناع تغيير محتملين. وفي عام 2018، تم وضع 48 منهجاً دراسياً عالمياً من الدروس الأكثر رواجاً والأكثر إفادة، ويمتثل جميع طلابنا الآن إلى هذا المنهج الدراسي.»

وتشمل الدروس المُتّبَعة بشكل خاص موضوعات مثل: «الحدائق المعاد تدويرها»، حيث يتعلم الأطفال عن دورة حياة النباتات وأهمية الحد من النفايات وصنع أواني الزهور الخاصة بهم؛ و «الكرسي الملكي» الذي يهدف إلى تعليم الطلاب أهمية احترام الذات وتقدير مواهب الآخرين؛ و «الاختراعات المذهلة»، الذي يغطي أهم التطورات العلمية في دولهم وكيفية عملها.

وفي أفغانستان، تدير سكيتيستان أيضاً برنامجاً للعودة إلى المدارس يتبع الصفوف الثلاثة الأولى للمناهج الدراسية الوطنية الأفغانية المعترف بها من قبل وزارة التعليم في البلاد. ويستهدف هذا البرنامج الأطفال غير الملتحقين بالمدارس مثل: الأطفال المشردين داخلياً بسبب الصراعات المحلية، ويتيح البرنامج لهم اللحاق بالركب والالتحاق بالمدارس العامة فيما بعد. وتقول دوغان إن حوالي ثلثي طلاب المنظمة غير الحكومية (60 طالباً) في مدرسة مزار الشريف من الأطفال المشردين داخليًا.

ومنذ البداية، كان الهدف الرئيسي هو إشراك المزيد من الفتيات.

وتفيد دوغان قائلة: «إن هذا الشكل من أشكال تمكين الفتيات هو في صميم ما نقوم به في سكيتيستان. ففي بلد كثيراً ما تُستبعد فيه الفتيات عن المشاركة في أي نشاط بدني، فقد ثبت أن رياضة التزلج على اللوح استثناءً، ونحن نبذل جهداً خاصاً لتشجيع الفتيات على المشاركة. ويشمل ذلك تخصيص أيام محددة للفتيات فقط في مدرسة التزلج وتوظيف موظفات و إرساء نماذج يحتذى بها. ويعد التزلج على اللوح الآن أكبر رياضة للفتيات في أفغانستان.»

واليوم، نجد أن حوالي 51 % من طلاب سكيتيستان من الفتيات. وقد انضم العديد منهن مثل مدينه، فقط لأن إحدى موظفات التوعية المجتمعية زارت منازلهن.

وتذكر الفتاة مدينه: «إن المعلمة المجتمعية التابعة لمدرسة سكيتيستان قالت لأمي «إذا كنتي لا تريدين أن تظل ابنتك أُميّة، فأرسليها إلى سكيتيستان.»

كما ستشهد مدينه وزميلاتها في المدرسة، أنه بمجرد أن تمضي عجلة التنمية التعليمية للأمام، فإنه لا يوجد مجال للرجوع بها للخلف.

محرر واستشاري مجتمعي يكتب في شتى المجالات من الجمال إلى قواعد البيانات المتسلسلة.