أجندة مناخ محورها المرأة

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٠٨/أكتوبر/٢٠١٩ ١١:٥٦ ص
أجندة مناخ محورها المرأة

أليسون هولدر

سيفانانثي ثانينثيران

أصبح العالم أكثر وعياً من أي وقت مضى بخطر المناخ، ويتجلى ذلك في رحلة الناشطة المراهقة غريتا ثانبورغ، التي حظيت بكثير من الدعاية؛ إذ عبرت غريتا المحيط الأطلسي على متن سفينة دون انبعاثات، من أجل حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى انتشار الاحتجاجات المناخية، ومع ذلك، فإن هذا الوعي المتزايد لم يترجم بعد إلى عمل جماعي من قبل قادة العالم للتخفيف من تغير المناخ، فما بالك أن يترجم إلى جهود مستهدفة لحماية الفئات الأكثر هشاشة- بدءا من النساء والفتيات.

إن الحقائق تتحدث عن نفسها. فالنساء أكثر احتمالا أن يعشن في الفقر من الرجال، وتجعل الأدوار الاجتماعية الجنسانية التي تولد اختلالات القوة الاجتماعية والاقتصادية، النساء والفتيات، بشكل خاص، عرضة لمجموعة واسعة من عواقب المناخ، بما في ذلك انخفاض فرص الحصول على المياه، والغذاء، والمأوى، والخدمات الضرورية.

وليس من المستغرب أن يكون 80٪ من النازحين بسبب تغير المناخ من النساء. وفضلا عن ذلك، فإن النساء أكثر عرضة من الرجال لزيادة عبء العمل، وفقدان الدخل بسبب الكوارث المناخية. إذ في جنوب السودان- وهي من بين الدول الأسرع احتراراً في العالم– أجبرت موجات الجفاف والفيضانات الفتيات والنساء على السير مسافة أبعد لجمع الحطب، والحصول على المياه، وهو تغيير يستغرق الكثير من الوقت وقد يكون خطيرًا.

ولأن تلبية احتياجات الأسر من الطاقة، والمياه، والغذاء، أصبحت أصعب، غالباً ما تُجبر الفتيات على ترك المدرسة، أو الزواج في سن مبكرة. وهذا يؤدي إلى تفاقم أوجه عدم المساواة القائمة، ويرسخ هشاشة هؤلاء الفتيات.

كما أن النساء أكثر عرضة لمواجهة العواقب الصحية الحساسة للمناخ، مثل نقص التغذية، والملاريا، والموت في الكوارث الطبيعية، مثل الجفاف والفيضانات. وكشف تقرير لمنظمة أوكسفام أنه في الهند، وإندونيسيا، وسريلانكا، فاق عدد الرجال الناجين من تسونامي عام 2004 عدد النساء الناجيات بحوالي ثلاث مرات. وخلال زلزال عام 2015 في نيبال، لم تتمكن العديد من النساء الحوامل من الوصول إلى المراكز الصحية، مما زاد من خطر حدوث مضاعفات، أو حتى الوفاة.

وتفيد منظمة الصحة العالمية أن تأثير النوع الاجتماعي على أمد الحياة في الكوارث الطبيعية غالبا ما يكون أكبر في الكوارث الأكثر شدة، وحيث تكون الحالة الاجتماعية والاقتصادية للمرأة أضعف. وبمعنى آخر، لا يمكننا معالجة أزمة المناخ دون معالجة أزمة المساواة بين الجنسين.

ومن المؤكد أن هناك أزمة مساواة بين الجنسين. لقد أطلقت شراكتنا Equal Measures 2030(التدابير المتساوية 2030)، في الآونة الأخيرة مؤشر أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالجنسين،والذي يحلل البيانات المتعلقة بمعظم أهداف التنمية المستدامة الـ17 في 129 دولة، والتي تمثل 95٪ من فتيات ونساء العالم. واستنادًا إلى مؤشرات مثل القابلية للتأثر بتغير المناخ، والصحة، والفرص الاقتصادية، وحقوق الملكية، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، قيمنا مستوى كل بلد في المساواة بين الجنسين. إذ على مقياس من 100 نقطة، بلغ المتوسط العالمي 65.7 فقط– وهي بالكاد درجة النجاح- مع عدم تحقيق أي بلد للمساواة الكاملة بين الجنسين، على النحو الذي توخاه الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة.

وبالنسبة إلى الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة- «اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ وآثاره»- أخذ بحثنا في عين الاعتبار ثلاثة مواضيع. يتجلى الأول في الهشاشة العامة أمام تغير المناخ. وهذا يختلف باختلاف البلدان والمناطق: إذ في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، على سبيل المثال، يتضرر أكثر من 100 مليون شخص بالفعل من تغير المناخ كل عام. ولكن لا أحد محصن ضد ذلك.

وفيما يتعلق بالموضوع الثاني- التزام الدولة بالحد من مخاطر الكوارث- فإن 15 دولة فقط من 129 دولة (11٪) تحصل على درجات ممتازة. ونظرا لكون العالم يواجه حالة الطوارئ المناخية، ينبغي أن تحاول البلدان توقع الكوارث والاستعداد لها، واضعة صوب أعينها حماية أكثر الفئات هشاشة.
وحقق الموضوع الثالث- تمثيل المرأة في العملية السياسية المتعلقة بتغير المناخ- نتائجا مخيبة للآمال كذلك. مع أن الأبحاث تشير إلى أن زيادة مشاركة المرأة في صنع السياسات تؤدي إلى نتائج أفضل، بما في ذلك تراجع عدم المساواة، تظل المرأة في جميع أنحاء العالم ممثلة تمثيلا ناقصا في الهيئات التي تقرر بشأن سياسة المناخ.

ما المطلوب من البلدان لإحراز تقدم بشأن الهدف الخامس والهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة المترابطين ارتباطا وثيقا؟ سنوصي هنا بسبع أشياء.
• تحسين التخطيط، وخلق قواعد بيانات مصنفة حسب نوع الجنس، ومتضمنة لمعلومات عن المجتمعات المهمشة والضعيفة.
• تعزيز المساءلة عن طريق مطالبة الحكومات بالحفاظ على الوصول المفتوح إلى البيانات.
• تحسين التنسيق بين الوزارات الحكومية والهيئات الأخرى ذات الصلة.
• متابعة المبادرات المبتكرة والمستهدفة، مثل برنامج مشترك جديد لمركز آسيا والمحيط الهادئ للموارد والبحوث من أجل المرأة (ARROW) (أروو)، والجمعية الدانماركية لتنظيم الأسرة، التي تركز على تقاطع قابلية التأثر بالمناخ، والصحة، والحقوق الجنسية والإنجابية.
• زيادة تمثيل المرأة في هيئات صنع القرار الوطنية والعالمية التي تنشط في القضايا ذات الصلة بالمناخ.
• تطوير حلول تعكس وجهات نظر النساء المتأثرات بتغير المناخ.
• الالتزام بإجراءات أكثر طموحًا بشأن تغير المناخ والمساواة بين الجنسين، واستكمالها، بدءًا من قمة المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة هذا الشهر.

وعند التعامل مع التحديات المعقدة، قد تكون المفاضلات الخاطئة مغرية، حيث يزعم القادة أنه يتعين عليهم الاختيار بين العمل في مجالين. ولكن لا يمكن تحقيق الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة دون إحراز تقدم في الهدف الخامس من نفس الأهداف، ولا يمكننا الانتظار لتحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة قبل اتخاذ إجراء بشأن الهدف الثالث عشر من نفس الأهداف.

وينطبق هذا على أجندة أهداف التنمية المستدامة بأكملها: إذا حاولت البلدان السعي لتحقيق أهداف فردية بمعزل عن غيرها، فلن تحقق أيا منها. كما أن هناك حاجة ماسة إلى استراتيجيات طموحة، ومنسقة، وشاملة.

أليسون هولدر:مديرة مبادرة «Equal Measures 2030»

سيفانانثي ثانينثيران: المديرة التنفيذية لمركز آسيا والمحيط الهادئ للموارد والبحوث من أجل المرأة (ARROW).