هل أنت ذات الشخص ؟

مقالات رأي و تحليلات الجمعة ١١/أكتوبر/٢٠١٩ ١٨:٤٢ م
هل أنت ذات الشخص ؟

د. لميس ضيف

عندما يعود لحياتك من جديد أشخاص خرجوا منها أو أبتعدو لأي سبب كان فإن أول وأكثر ما يزعجك هي التغيرات التي طرأت عليهم . وقد تكون جذرية للحد الذي تجد نفسك فيه وأن تتساءل: هل هذا هو الشخص ذاته الذي كنت مقربا له .. أم أن الانسجام الذي كنا نشعر به كان متوهما وخياليا تماما ؟

يحصل هذا مع الأزواج الذين تبعدهم الغربة وظروف العمل ، والأقارب الذين تخترق الخلافات قربهم ، والأحباب الذين تحول بينهم أمواج الحياة . فهل التغيير جرم تستحق عليه اللوم .. أم أن العلاقة هي من يتغير فيورث هذا الشعور بتغير الشخص نفسه .

حسنا ؛ البشر يتغيرون، وتتسلل تلك التغيرات النفسية للشخص - كالتجاعيد تماماً- ببطئ وبلا ضجيج ولا جلبة . وأحيانا يتغير المرء بشكل دراماتيكي وجذري بحيث لا يبقى منه إلا الإسم فقط . فيغدو شخصا آخر بنفس الملامح وبصمة الأصابع ويحدث ذلك بشكل خاص لأولئك الذين يختبرون ظروفا قاهرة تصهرهم بحميمها وتشكل من الرماد شخصية جديدة قد تكون أفضل أو أسوء من سابقتها بمراحل .

أما بالنسبة لمن يتغيرون طبيعيا ، دون هزات وزلازل عميقة ، فإنهم غالبا ما يتطورون للأفضل . تزيدهم الأيام حكمة والتجارب عمقا ويتلاشى عته وإستهتار الشباب منهم . فيصبحون نسخة أجمل من أنفسهم .

ومن توافقت معه في مرحلة من حياته /‏ حياتها قد لا تتوافق معه في مرحلة أخرى يتغير فيها مزاجكما . وكثيرا ما ينمو الأقران بسرعات متفاوتة وقد يؤثر ذلك عليهم أيضا . ولا يشعر الأشخاص اللصيقين ببعضهم بكل تلك التغيرات . لأن علاقاتهم خاضعة لمبدأ التأثير المتبادل .

بالمفاد ؛ لا تلم أحدا إن تغير ، وينسحب ذلك على نفسك أيضا ، فالكل يتغير عدا الأموات « ومن بيننا أحياء كالأموات لا يتغيرون وللحديث عنه مقام آخر «. أما الحي فيتغير تباعا لنسخة أخرى من نفسه قد لا تعجبك ولا تناسبك دوما ولكنها قوانين الكون التي لا مفر منها .