هكذا يبرز حب الوطن

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٢٠/أكتوبر/٢٠١٩ ١١:٣٦ ص
هكذا يبرز حب الوطن

علي المطاعني

في الوقت الذي أنهت فيه الجهات المختصة كافة الإجراءات المتعلقة بإنتخابات الدورة التاسعة لمجلس الشورى سواء من ناحية المترشحين والناخبين إستعدادا ليوم الفصل في الأسبوع الأخير من أكتوبر القادم بإذن الله، ومع بدء الحملات الإنتخابية للمترشحين وفق القواعد المحددة للدعاية والإعلان، فإن الكرة الأن في ملعب الناخبين البالغ عددهم أكثر من 700 ألف مواطن ومواطنة يحق لهم التصويت، وبالتالي فإن الفرصة مواتية للناخبين لإختيار أفضل مجلس يمثلهم من خلال التركيز على معايير وأسس أفضل بعيدا عن العصبيات والفئويات والقبلية والعشائرية والزمالة والصداقة وغيرها من مخلفات الماضي في هذا الشأن.

وليكن الإختيار كما نادينا دوما على أسس الكفاءة والقدرة والإمكانية والتأهيل للقيام بمسؤوليات التشريع والمراقبة في مجلس الشورى ومسؤولية ترجمة صلاحيات المجلس وحسن إستخدام الأدوات البرلمانية المتاحة في العمل البرلماني القائم على الوعي بمسؤوليات الأعضاء ودورهم تحت قبة المجلس.

فاليوم ولله الحمد هناك وعي متزايد حول ماهية المجلس والدور المناط به وكيف سيغدو في المستقبل، وكيف يحقق آمال وتطلعات الشارع في أن يرى مجلس يتحدث بلسان الناخبين ويعبر عن ذواتهم وتطلعاتهم ويقدم مردودا طيبا في إطار المشاركة السياسية الحقيقية بنحو أفضل من مما كان الأمر عليه في الدورات السابقة لتأكيد حقيقة أن التجربة الديمقراطية تمضي قدما للأمام وبخطى واثقة.

كل ذلك لا يتأتى إلا من خلال الحرص على إختيار الأكفأ والأفضل بعيدا عن المجاملات وبإعتبار أن الزمن فضلا عن الوعي قد أملى ضرورة التسامي فوق تلك الصغائر التي تنال من تجربتنا الديمقراطية المتفردة.

وبطبيعة الحال فإن الإرتقاء بالتجربة عبر وعي الناخبين وحرصهم على نبذ العصبيات ذلك سيلهم القيادة السياسية لزيادة جرعة الصلاحيات الممنوحة للمجلس، وذلك يعني أيضا قدرته على القيام بمسؤوليات أكبر وأهم في رسم سياسات التنمية والنهوض بها إلى مستويات أعلى وأفضل تسهم في صياغة غد أفضل لعُمان وشعبها، كل تلك الأماني الوردية هي الآن قريبة المنال إذ تعتمد على اختيارنا لصفوة المترشحين القادرين على تمثيل أبناء عُمان من خلال المعايير الدقيقة والمعروفة الآن للجميع.

فالخضوع والإذعان للإعتبارات المناطقية والمذهبية وغيرها هي فيروسات قادرة على جندلة التجربة الديمقراطية في مهدها بل وتعيق تطورها المستقبلي فبذرة السؤ لن تنبت نباتا طيبا فيه للناس صلاح وخير، وهذه مسؤولية جسيمة تقع على كاهل الفرد بدءا ثم على كاهل المجتمع الكبير بعد ذلك.

بالطبع نسب ما حققته التجارب السابقة في إختيار بعض الولايات للكفاءات البرلمانية الجيدة كان واضحا في الممارسة الديمقراطية التي أسهمت في صنع الفارق في العمل الشورى، في حين بقى الكثير من الأعضاء يمثلون ولا ياتهم ولا يمثلونها في الوقت ذاته والمعنى المقصود واضح هنا، فهؤلاء جاءوا للمجلس نتيجة لأخطاء فادحة وإختيارات غير موفقة من قبل أغلبية الناخبين، وهنا مربط الفرس إذ نؤكد في هذا المنعطف على أهمية هذا المنحى في تطوير العمل البرلماني لإستكمال التطوير المرتجى عبر إختيار الأفضل، فذلك هو السبيل الوحيد لتطوير الشورى في بلادنا.

هناك بالفعل من يعي مسؤولياته في هذا الشأن تلك حقيقة لا ننكرها، وهؤلاء لن يخضعوا بالتأكيد للضغوط والوعود الواهية والمجاملات المهلكة والممارسات الخاطئة التي يبتدعها البعض على حساب مصلحة الوطن العليا.

نأمل أن تكلل العملية الإنتخابية بالنجاح ويكمل المجتمع الجهود المبذولة لإخراج العرس الديمقراطي بأبهى صورة من خلال إختيار أفضل النخب القادرة على التعاطي الديمقراطي الفاعل في الفترة القادمة وليس ذلك بغريب على أبناء هذا الوطن، مستلهمين من ما يجسده حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم حفظه الله في تكريس حب الوطن وخدمته في كل ميادين العمل، فإنتخاب الأفضل هو تعبير ناطق وفصيح عن حب ملك نياط القلوب لهذا الوطن العزيز..