الصين تتأقلم

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٣/نوفمبر/٢٠١٩ ١١:٣٣ ص
الصين تتأقلم

أندرو شينج

شياو جينج

احتفلت جمهورية الصين الشعبية في الاول من اكتوبر بالذكرى السبعين لتأسيسها وذلك بعروض عسكرية ومسيرات شعبية مثيرة للاعجاب كان الهدف منها ابراز التقدم الاستثنائي الذي احرزته البلاد تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني . ما تزال هناك تحديات صعبة تواجه الصين ولكن سجلها لغاية الان والموارد الموجودة تحت تصرفها تشير الى ان الصين قادرة على إنجاز تلك المهمة.

لا يمكن لأي شخص ان ينكر انجازات الصين ففي الاريعين سنة الفائتة حققت الصين اسرع توسع مستدام على الاطلاق من قبل اقتصاد رئيس مما مكّن اكثر من 850 مليون انسان من الهرب من براثن الفقر وكما زاد الاستثمار في البنية الأساسية والعلوم والتقنية والتعليم والصحة فلقد ارتفعت مستويات المعيشة
بسرعة.

ان العالم الخارجي يرفض بشكل متزايد كذلك الارتباط بالصين علما ان الولايات المتحدة تقود الطريق في هذا الخصوص .ان الحرب التجارية للرئيس دونالد ترامب لم تدع أي مجال للشك ان الولايات المتحدة الامريكية تعتبر الصين منافسا استراتيجيا وليس شريكا محتملا وهناك البعض في الولايات المتحدة الامريكية يدعو لفك ارتباط كامل بين اكبر اقتصاديين بالعالم ما لم تقم الصين بعمل تغييرات اساسية لنظامها السياسي والاقتصادي وسياستها الخارجية.

ان الصين لم تكن الضحية الوحيدة لحمائية الولايات المتحدة الأمريكية حيث استهدف ترامب كذلك الهند والاتحاد الاوروبي وغيرها وعليه الى جانب العداوة المباشرة من الولايات المتحدة الامريكية فإن على الصين التعامل مع تحولات جيوسياسية واقتصادية عميقة وغير متوقعة وتحركها بشكل جزئي ردة الفعل ضد العولمة وهي نفس العملية التي مكّنت الصين من الصعود.

لقد بدأ القادة الصينيون العمل لمواجهة ردة الفعل تلك من خلال تسليط الأضواء على فوائد التجارة والتعاون الدولي كما أعادوا التأكيد كذلك على الاصلاح الهيكلي المستمر والانفتاح.

لكن هذا لا يعني ان الصين تحتاج العالم أو على الاقل ليس بالدرجة التي يؤمن بها ترامب ومستشاروه وبينما الانفتاح يعتبرمصلحة صينية ويصب كذلك في مصلحة اولئك الذين تتعامل معهم- فإن المناوشات التجارية الاخيرة قد سلطت الضوء على قوة ومتانة الاقتصاد الصيني.في واقع الأمر نظرا لحجم الصين فإن هناك ما يكفي من المنافسة الاقتصادية المحلية للاستمرار في تحريك التقدم وحتى بدون التعاملات الخارجية علما ان هناك اقتصادات قليلة كبيرة بدرجة تكفي لاختبار نماذج تنموية مختلفة متوازية بدون الشعور بالقلق من الصدمات المنهجية ولكن هذا بالضبط ما تفعله الصين. إن للصين تقاليد طويلة الأمد من التجربة والتأقلم مع وجود تنافس بين المدن على وجه الخصوص مما يحقق اختراقات تنموية .

ان الحكومة المركزية الان تعمل على تأهيل مجموعات حضرية اكبر بكثير منطقة ذا جريتر باي (تغطي تسع مدن حول دلتا نهر بيرل في إقليم غوانغدونغ بالإضافة الى هونغ كونغ ومكاو ) ودلتا نهر يانغتزي ( ترتكز على شنغهاي) ومجموعة بيجين –تيانتجين هيبي – من اجل ان تصبح منابر لمزيد من التجارب والمنافسة.
لو اضفنا لذلك مجالا كبيرا للتحفيز المالي والنقدي- وهذا يعود جزئيا لمعدل توفير محلي كبير فإن القادة الصينيين يشعرون بثقة اكبر من أي وقت مضى ان باستطاعتهم مقاومة الجهود الخارجية لإملاء سياسات عليهم .يجب ان يتوقع الغرب ان الصين ستلتزم بسياستها المتعلقة بالصبر الاستراتيجي وان تسعى لمزيد من المكاسب المتعلقة بالكفاءة وتطبيق اصلاحات ضرورية وان كانت صعبة . سوف تستمر الصين خلال هذه العملية باعطاء الاولوية للمحافظة على الاستقرار الاجتماعي والسياسي- وهو متطلب مسبق للتنمية الاقتصادية طويلة المدى وكما لاحظ داني رودريك من هارفرد مؤخرا « لو اعطينا الدولة اليد العليا في التحكم بالمجتمع وبشكل مفرط فإنها ستصبح دولة استبدادية وعندما تصبح الدولة ضعيفة امام المجتمع فإن الوضع سيتحول لفوضى» وبالنسبة للصين فإن التحقق من ان انفتاح اكبر لن يجلب مشاكل مثل انعدام الاستقرار أو الفساد يتطلب دولة قوية .

ان عالم القطب الواحد الذي تقوده الولايات المتحدة الامريكية يتفكك بسرعة ليس بسبب ان العالم اراد هذه النتيجة ولكن بسبب الهيمنة وهذه مأساة ولكن الشيء الوحيد الذي تستطيع الصين- او اي دولة -عمله في هذه اللحظة هو الـتأقلم مع الواقع الجديد والى الان هذا يعني المحافظة على الاستقرار الداخلي وتعزيز التنمية مع مقاومة الضغوطات الخارجية للتصرف ضد مصالحها الخاصة.

أندرو شينج :زميل متميز في معهد آسيا العالمي في جامعة هونج كونج

شياو جينج:رئيس مؤسسة هونج كونج للتمويل الدولي