ذكرى نور الأنوار

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١١/نوفمبر/٢٠١٩ ١٢:٣٩ م
ذكرى نور الأنوار

محمد بن رامس الرواس

شهر ربيع الأول مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام ، إنها بحق ذكرى لا توازيها ذكرى لا على مر العصور ولا السنين ولا الأيام ، فهي ليست ذكرى سجلت وكتبت لتنسى ، وتتلاشى بل هى ذكرى خالدة ستبقى مشعة الى ما شاء الله ، وستظل مترسخة فى تاريخ البشرية الى يوم الدين ، ففى هذا الشهر قبل حوالي 1440 عاما ولد سيد الكونين والثقلين عليه أفضل الصلاة والسلام واطل على البشر كافة ليظهر دين الإسلام الحنيف وينشر النبأ العظيم ، ويزيل آثار الجهل والتخلف ويعلم البشرية سبل الرشاد ...

وفى البيئة الجديدة التى أوجدها عليه أفضل الصلاة والسلام بالمدينة المنورة أرسى وأسس دولة الإسلام العظيمة وبدأ بحل مشاكل البشر ودونها الصحابة الأفذاذ وعمل بكل طاقته وجهده وما سخره الله له من علم ليجهزهم للانتقال الى مرحلة نشر النور والإيمان ، بعد هيمنة الجهل وانتشار الظلم والظلام ، فكان مجيئه عليه أفضل الصلاة والسلام اعظم خبر وأجمل نور من الرحمن الرحيم نزل بالحق المبين الى كافة البشر أجمعين .

لقد كسر صلى الله عليه وسلم كافة قيود التخلف سواء فى الاستعباد وسوء المعاملات، واعطى للمرأة حقوقها ووضح طريق الهداية وارسى سبل السلام وألف بين الناس ووضح لهم أمر التقوى وترك لهم قرآنا وسنة نبوية خالدتين لا يزيغ عنهما الا هالك وقال : «الدين المعاملة» وهذا هو لب صلاح المسلم ومقياس تدينه .

وبمولده عليه الصلاة والسلام كسرت كل قيود واغلال العبودية وعبدة الأصنام والنار والنجوم والأفلاك ، فتحرر الإنسان وسما الى عبودية الخالق سبحانه وتعالى ، فالحمد لله القوي سلطانه الواضح برهانه المبسوط فى الوجود كرمه وإحسانه ...
وجرت الأقدار الإلهية برسالة الإسلام التى كانت مختومة لسيدنا محمد عليه افضل الصلاة والسلام ، فاستهل نزوله من بطن أمه بأن وقع من بطنها ساجداً لله موميا بذلك الى شكره وحمده جل وعلا والى وحدانية الخالق وربوبيته، فكبر ونشأ فى عناية ربه الكريم وتشرب من الوحى عظيم التنزيل ، فدعا الى الله على بصيرة وأجابه بالإذعان من كانت بصيرة منيرة ...

لم يكن مولده عليه أفضل الصلاة كباقي الأيام والشهور ، فقد ظهرت من العجائب والدلائل ما أشارت الى سمو منزلته عند رب السماء وعرف الراسخون فى العلم منزلته عند ربه ومنهم الراهب بحيرى بالشام وورقة بن نوفل بمكة وغيرهم ، فالوقت اقترب بما لديهم من علم بأن الوقت حان وأن سيد الأنام لوامع نوره على وشك البدء والمهمة العظمى قادمة ، ويا لها من مهمة غيرت مسار الإنسانية جمعاء نحو الخير والسلامة والأسلام وكما بدأ بمولده عليه الصلاة والسلام اختاره ربه فى نفس الشهر العظيم ربيع الأول من يوم الاثنين فصعدت روحه عليه الصلاة والسلام وهى تواقة للقاء ربها الكريم وختمت بذلك الرسالات وطويت الصحف وبقي القرآن معجزة الرسول الخالدة الى يوم الدين .