التباكي على جدران تويتر

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١١/نوفمبر/٢٠١٩ ١٢:٣١ م
التباكي على جدران تويتر

علي بن راشد المطاعني

قبل فترة تداولت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي أقصوصة إعلان تنفيذي لموظف وافد والأحكام التي صدرت على إحدى الشركات لصالح الوافد، وجن جنون بعض مستخدمي وسائل التواصل الإجتماعي حول ما حكمت له المحكمة من حقوق، وتم تأويل الأمور وزادت التحليلات كما وكيفا حول هذا الجانب.

في حين نحن وعندما يفصل مواطن أو يبعد عن عمله أو يتضايق فقط نهرع لوسائل التواصل الاجتماعي لنبكي ونستبكي على حوائطها وجدرانها ونذرف الدمع مدرارا هناك، ثم نطلق في تلك الفضاءات الممتدة بغير بداية ولا نهاية نطلق التأوهات والإستغاثات مطالبين من جمهور التواصل مدنا بقوارب الإستغاثة، فالموج الظالم كما نراه في إرتفاع ملحوظ، غير إنه وفي نهاية المطاف لن نحصل إلا على بضع كلمات مواساة على سبيل تخفيف الآلام والأوجاع، تماما كتناولنا لقرص مسكن للألم.

فأين العلاج إذن، وهل ركضنا لوسائل التواصل لنبث إليها قضايانا هو الحل، البعض قد يعتقد بأن ذلك هو الحل الأمثل لأي قضية عمالية، هنا فإنهم يخلطون مابين (القانون) وما بين (العواطف)، القانون يتطلب فهمه وإستيعابه وتطبيقه على الحالة محل التداول والنقاش، أما العواطف فستبقى كما هي لن تحل معضلة قانونية صرفة، وإنما تقدم العزاء، والعزاء لن يعدو أن يكون كلمات لا أكثر لاتلبث أن تقتلعها الرياح لا الريح وتمضي بها إلى حيث ينبغي إن تكون وهو العدم.

هنا يكمن الفرق بيننا وبين الوافدين، وهو الوعي بالواجبات والحقوق وقراءة وإستيعاب القوانين المنظمة للعلاقة بين العامل وصاحب العمل، فلو طرحنا سؤالا عن كم عدد المواطنين الذين إطلعوا على قانون العمل العُماني قبل وأثناء إلتحاقهم بالشركات والمؤسسات والجهات، سنجد النسبة ضئيلة للغاية، لذلك عندما تقع الملمات لايحتمون بالقانون بل بوسائل التواصل إذ أنها لا تتطلب أي معرفة بالقانون، ويمكن اللجؤ إليها والإحتماء بحماها وبث اللوعة والضنى عند محرابها، وفي النهاية لن تقدم لهم حلا قانونيا، تلك هي المأساة في أكمل صورها.

على ذلك لا نستطيع أن نكسب الإحكام في المحاكم ولن نستطيع أن ننال حقوقنا المضيعة معززين مكرمين، فالقانون وكما نعرف لايفرق في ساحاته بين وافد ومواطن، تلك هي أبجديات العدالة المطبقة في بلادنا ولله الحمد.

فكسب الأحكام في المحاكم يتطلب بعد تقديم الشكوى تعزيزها بالأدلة والبراهين والمستندات المؤكدة على وقوع المظلمة ومستندة للنصوص والمواد القانونية التي تدين الشركة أو المؤسسة لإنتهاكها القانون، عندها أو وقتها فإن القضاء العادل سيصدر بالتأكيد أحكامه لصالح المواطن بعد التيقن والتثبت من وقوع المظلمة بحقه، تلك هي الأقصوصة بأختصار، وليكن واضحا أن فيسبوك وتويتر وإنستجرام وسناب شات لن تصدر حكما قضائيا لصالح أي مواطن رفع شكوى لمنصاتها الهوائية، فستبقى الشكوى قابعة هناك محاطة بسيل عارم من الآهات، وبقدر لايستهان به من عبارات التضامن الأخوى والوجداني، كل هذا الزخم من التضامن لن يستطيع أن يدخل أي قاعة من قاعات القضاء العُماني مطالبا بإنصاف صاحب المظلمة، ستبقى القضية معلقة هناك في تلك الفضاءات إلى يوم الدين، أما الحق فسيبقى بعيد المنال إذا ما اصر المواطن على أن حقه سيعود إليه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وحدها.

نامل من كل المواطنين بالشركات والمؤسسات إقتناء نسخ من قانون العمل ومباشرة قراءته قراءات دقيقة ومتأنية ولابأس من حفظه، والإستعانة بالمحامين لتفسير بعض المواد التي قد تستعصي عليهم، ففي هذه الخطوات التثقيفية فائدة مزودجة لأنفسهم بدءا ولأرباب الشركات والمؤسسات بعدئذ..