مزون للألبان والمصارة العمانية زاد للمستقبل

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٤/ديسمبر/٢٠١٩ ١١:٣٠ ص
مزون للألبان والمصارة العمانية زاد للمستقبل

علي المطاعني

في خضم الأحداث الوطنية بين شهري أكتوبر ونوفمبر هناك حدثان لا يقلان أهمية عن غيرهما من كبريات الأحداث الوطنية والاقتصادية خاصة، وفي تقديري أنهما لم يحظيا بالتغطية الإعلامية الملائمة والتي تتناسب مع أهميتهما ودورهما في حياتنا وأمننا واقتصادنا وتحقيق الاكتفاء الذاتي، هما تدشين مزون للألبان منتجاتها، وافتتاح مصنع المصارة العُمانية، فهذان المنتجان لهما أهمية لا تقل عن مجمل الاحتفالات التي أقيمت، فهما يرتبطان بحياتنا اليومية طعاما وملبسا، ولا يستغنى عنهما أي مواطن على هذه الأرض الطيبة .

فهل هناك من لا يشرب حليبا في بيته، أم هل هناك من لا يعتمر مصرا وهو ذاهب لعمله أو لأي مناسبة كانت؟ ، بالطبع الكل يتفق على أن لهما حضورا في حياتنا اليومية واللحظية، فهما يسهمان في الحد من الاستيراد وتعزيز ميزان المدفوعات، وهنا تكمن أهميتهما الاستراتيجية في تحقيق العديد من المتطلبات الضرورية .

لاشك أن الحديث عن الإنتاج والإنتاجية والصناعة هي بوابة المستقبل في هذا الوطن، أكثر من الكتل الإسمنتية والمشروعات غير الإنتاجية والخدمية ذات القيمة المضافة، فهذا منطق يجب أن يعلو ولا يُعلى عليه في هذا المنعطف الدقيق من عمر النهضة العُمانية المباركة، إذ علينا أن نركز على هذا المفهوم الحيوي باعتباره المطية الأصدق لتحقيق الرفاة لأبناء هذا الوطن، فتطوير الصناعات والمنتجات الوطنية هو الزاد الذي لا ينضب والمعين وقت الأزمات وهو الملاذ الذي نتكئ عليه في كل حين .

فتدشين منتجات مزون للألبان ‏يعد حدثا كبيرا في خضم توجهاتنا لتأمين الأمن الغذائي من المنتجات الحيوانية والدواجن التي تشكل نسبة عالية من احتياجاتنا اليومية، فاستيرادنا من اللحوم يزيد على 90 % والدواجن 70 % ، وهذه المشروعات الغذائية ذات أهمية كبيرة في سد العجز لدينا في أهم الصناعات الغذائية التي يجب أن تحظى بكل الاهتمام والدعم الحكومي والمجتمعي والأهلي للنهوض بها وتفضيلها في الشراء، ومن هنا يجب أن يأخذ هذا الحدث حقه من تسليط الأضواء عليه باعتباره حدثا مميزا والاستدامة في عكس القيمة المضافه له على كل المستويات والأصعدة .

كما أن مصنع المصارة العُمانية كأول إنتاج عُماني للمصارة في السلطنة وما يشكله هذا المصنع من أهمية كبيرة في توفير احتياجات السوق المحلي من المصارة هو أمر يستحق التوقف عنده، فاليوم استهلاكنا من المصارة في الأعياد والمناسبات وحياتنا اليومية ربما يبلغ في المتوسط أكثر من ميلوني مصر بحساب أن كل مواطن يشتري واحدا أو إثنين في السنة، رغم أن المشتريات تفوق ذلك واقعيا، فتوفيره محليا ذو أهمية كبيرة في توطين هذه الصناعة وما يشكله ذلك من أهمية في الحد من الاستيراد وتوجيه تلك المبالغ لاحتياجات أخرى .

فهذه الصناعات وتلك المنتجات يجب الاهتمام بها بشكل أكبر من غيرها باعتبارها تقدم قيمة مضافة عالية، ليس فيما تقدمه للمجتمع وما تستوعبه من كوادر وليس بما تضيفه للسوق المحلي فقط وإنما تحقق الهدف الأغلى وهو الحد من الاستيراد وهو توجه الدولة في كل المراحل والمستويات .
بطبيعة الحال فإن أبواب الاستيراد مفتوحة على مصراعيها لكن تعزيز الصناعات الوطنية بأنواعها سيقلص من الاعتماد عليه في سد احتياجاتنا ويعزز من فاعلية وقوة اقتصادنا الوطني.
نأمل أن تحظى هذه المنتجات وتلك الصناعات بالمزيد من الاهتمام والالتفاف الرسمي والمجتمعي بها فهي وسليتنا الوحيدة لإقامة صرح متماسك من الصناعات الوطنية نؤكد عبرها على مفهوم تنويع مصادر الدخل لفائدة الوطن حاضره ومستقبله.