ملاءة

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٥/ديسمبر/٢٠١٩ ١١:٣٧ ص
ملاءة

علي المطاعني

يعد تدشين مركز عُمان للمعلومات الإئتمانية والمالية «ملاءة» الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 38/‏2019 ، كمؤسسة مستقلة تابعة للبنك المركزي العُماني لممارسة دوره في رفد الجهد المصرفي والتمويلي في السلطنة وكخطوة مهمة في تعزيز الجدارة الائتمانية للأفراد والمؤسسات ولتسهيل وتسريع العمليات الائتمانية بشكل يتواكب مع التطورات الاقتصادية والتكنولوجية التي يشهدها العالم وتلبية للاحتياجات التمويلية المتعددة المستويات والمتباينة للعمل الائتماني في الأسواق، كل ذلك أمر يبعث على الارتياح لما يشهده هذا القطاع من تطورات تثلج الصدر و‏تهدف إلى بناء بنك معلومات يسهم في توفير الجدارة الائتمانية ‏كأول بنك من نوعه في المنطقة قد يختزل الكثير من الجهد والوقت لمنح التمويل على اختلافه وما قد يسهم به في تعزيز الجدارة الائتمانية بالاستفادة من الخدمات والبيانات التي يوفرها المركز .

لاشك أن تدشين المركز لعملياته في أقصر فترة قياسية من ستة أشهر من تاريخ إصدار المرسوم السلطاني بانشائه، والانتهاء من العمليات التأسيسية لبدء عملياته التشغيلية في القطاع المالي والمصرفي، بل توقيع عمليات انضمام له من جانب البنوك وشركات التمويل والاتصالات والتأمين وصناديق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وغيرها بهدف الاستفادة من خدماته تعكس الجدية في العمل في هذا المرفق الائتماني الحيوي في البلاد ودوره في المرحلة القادمة على العديد من الأصعدة والمستويات التي من شأنها أن تسهم في أريحية توفر البيانات الائتمانية للقطاعات التمويلية على مدار الساعة عن الأفراد والمؤسسات والشركات على اختلافها بدون تأخير في الإجراءات المتبعة في تقييم الوضع الائتماني للراغبين في الإستفادة من الخدمات التمويلية المختلفة.

فالمركز وبما سيوفره من خدمات يعد نقلة نوعية كبيرة في تدفق البيانات عن الجدارة الائتمانية للأفراد والمؤسسات وإيجاد تقييمات تصنيفية تسهم في وضع مستويات من الجدارة الائتمانية وفق مؤشرات ونقاط تعكس الأوضاع المالية للأفراد والشركات بناء على جدارتهم الائتمانية والملاءة المالية المتبعة منهم في إدارة أموالهم .

فهذا المركز سيعمل على تحسين الجدارة الاتئمانية للأفراد والمؤسسات من خلال وضع تقييم ائتماني عام من خلال عكس الملاءة المالية للدخل العام للأفراد ليس فقط الرواتب الثابتة التي تحتكم عليها المؤسسات التمويلية فقط في الوقت الراهن وما يمثله ذلك من تحديات في تحديد الجدارة الائتمانية من عدمها للراغبين في الاستفادة من التمويل على اختلافه، بل إن بعض الراغبين في الحصول على تقرير ائتماني عن جدارتهم الائتمانية يمكن أن يحصلوا عليها من المركز ولأي أغراض ائتمانية أخرى يرغبونها في الإيجارات أو شراء الأجل من الشركات لتقييم الملاءة المالية لهم وتوضيح قدراتهم المالية وكفاءتهم في الشراء المؤجل مما يحسن من مستويات الائتمان في الأسواق ويعزز من الثقة وفق مؤشرات وتقارير من المركز توضح الوضع الائتماني للأفراد والمؤسسات.

كما أن المركز سيسهم كذلك في ترسيخ ثقافة ائتمانية في المجتمع تفضي لتصحيح الكثير من السلوكيات الخاطئة لدى الأفراد والمؤسسات في تعزيز جدارتها الائتمانية ومن خلال اتباع خطوات تسهم في رفع درجات ومؤشرات الجدارة الائتمانية من خلال الانتظام في دفع المستحقات وعدم التخلف في تسديد بعض الفواتير والالتزامات البسيطة وتأثيرات تلك السلوكيات في وضع وتقييم الجدارة الائتمانية للأفراد والمؤسسات مما يسهم في الارتقاء بمفهوم الانتظام في التسديد وانعكاساته الإيجابية على إنسيابية دفع المستحقات وتدفقها في الأسواق على نحو صحيح يعزز من الثقة الائتمانية في العمل التمويلي الأجل ويرفع من مستويات الائتمان بنسب أكبر من المستويات المتحققة في الوقت الراهن؛ مما قد يسهم في تنشيط وتحريك عمليات البيع ودوران السيولة المالية في الأسواق بشكل سلس وسريع.

فالملاءة المالية تعد اليوم هي صمام الأمان للأفراد والمؤسسات في تقييم أوضاعها المالية وكسب ثقة الجهات التمويلية، إلا أن تقييمها من جهة مستقلة لم يكن متوفرا، فمركز عُمان للمعلومات الائتمانية «ملاءة» وبما قد يوفره من بيانات دقيقة عن أوضاع المتعاملين مع المؤسسات التمويلية سيصحح الكثير من التقييمات والتصنيفات غير الدقيقة والتوقعات غير المنصفة للأفراد والشركات في طلبها لبعض التمويل من البنوك وشركات التمويل وغيرها.
ومن حسن الطالع أن تمتد خدمات ملاءة إلى شركات الاتصالات والتأمين والكهرباء والمياه وكل المؤسسات التي توفر خدمات البيع بالأجل لخدماتها أو الدفع بعد الاستفادة من الخدمات بما يساهم في إيجاد صورة واضحة عن الجدارة الائتمانية الواسعة تسهم في رسم صورة واضحة عن الوضع الائتماني بشكل دقيق عن كل الراغبين في التمويل على اختلافه.

بالطبع إن هذا المركز وما يقدمه من خدمات للمؤسسات المصرفية والتمويلية التي ألزم المرسوم السلطاني السامي بانضمامها له ستستفيد في معالجة التعثر في السداد من بعض الفئات أفرادا وشركات ويحمي أموال المساهمين في المؤسسات التمويلية والمصرفية بشكل كبير ويرفع مستوياتها التقييمة والائتمانية وبالتالي ينعكس على أرباحها وربما تختفي بعض المفاهيم السالبة كالديون المعدومة من ميزانيات البنوك وشركات التمويل وغيرها، فهذه الخدمات والبيانات التي سيقدمها المركز ستعمل على تغيير الكثير من المفاهيم المغلوطة وتعزز من الثقة في الجدارة الائتمانية للجميع دون استثناء ووفق بيانات دقيقة ترسم خارطة واضحة وبناء لمعطيات من واقع التعاملات والممارسات المالية لكل واحد منا.

نأمل أن تكلل جهود مركز عُمان للمعلومات الائتمانية والمالية «ملاءة» بالنجاح ولما سيوفره من خدمات دقيقة عن الجدارة الائتمانية أو القدرة على السداد باللغة الدارجة سواء من جانب الأفراد أو المؤسسات وقبل هذا وذاك تصحيح سلوكياتهم لتحسين التقييم الائتماني لهم، وهذا المكسب الأكبر للفرد والمجتمع عندما تغدو السلوكيات رشيدة وتتجة لاستحداث توازن عقلاني بين متطلباتها وقدراتها المالية والائتمانية بعيدا عن الشطط والسوكيات غير الرشيدة ، فالجدارة الائتمانية تعزز المعطيات الائتمانية التي تحمي الفرد والمجتمع بنحو جلي.