هل لإيران أن تصمد؟

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٨/ديسمبر/٢٠١٩ ١٣:١٢ م
هل لإيران أن تصمد؟

جواد صالحي أصفهاني

بلاكسبورغ، فرجينيا- منذ أن سحب الرئيس، دونالد ترامب، الولايات المتحدة من الاتفاقية النووية الإيرانية، في مايو 2018، وأعاد فرض العقوبات، انخفض الناتج الاقتصادي الإيراني انخفاضا ملحوظا. ومع أن الانهيار الاقتصادي ليس وشيكاً، فإن الوقت ليس في صالح إيران. إذ في ظل الاضطراب الذي تشهده السياسة الأمريكية، والانتخابات الرئاسية التي تلوح في الأفق، يواجه قادة إيران، الآن، مهمة لا يحسدون عليها، وهي تحديد ما إذا كانوا سيتعاملون مع إدارة ترامب، وكيف سيتعاملون مع هذه الإدارة، التي، مع أنها عدائية، تحتاج إلى فوز رفيع المستوى.

وكما هو الحال، غالبا، في السياسة الخارجية، فإن قيادة إيران منقسمة حول ميزان تكلفة التحدث مع ترامب، وفوائده. وقد يعتقد البعض أن الأمر يستحق الانتظار إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020، من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات، والتي من المحتمل أن تكون مع إدارة ديمقراطية، أكثر قابلية للتنبؤ، وأقل تقلبا.

ولكن، إذا فاز ترامب بالانتخابات، فسيصبح موقفه أقوى من أي وقت مضى، مما سيجعله أقل انفتاحًا على التنازلات، عندما يكون لديه مصلحة شخصية في انتصار ملموس، في السياسة الخارجية، أو الأهم من ذلك، تحقيق انتصار واحد . وفضلا عن ذلك، قد تكون الظروف الاقتصادية في إيران مزرية بعد عام من الآن، مما سيضعف موقفها التفاوضي أكثر.

وفي ضوء هذه المعطيات، يخوض صانعو السياسة الإيرانية مناقشات حادة حول آفاق النمو الطويل الأمد، واستراتيجية التنمية الاقتصادية. ومن جهة، هناك متشددون في إيران، ويريدون إعادة هيكلة الاقتصاد، حتى يتمكن من الصمود أمام العزلة الدولية بشكل أفضل.

وترسم البيانات التي نشرت في الآونة الأخيرة، أيضًا، صورة إيجابية عن التوظيف. إذ خلال الربع الثالث من عام 2019، بلغ عدد الإيرانيين العاملين رقما قياسيا، إذ وصل إلى 24.75 مليون، بزيادة سنوية قيمتها 3.3٪؛ وأضاف الاقتصاد حوالي 800000 وظيفة، ثلثها في مجال التصنيع؛ وبلغ معدل البطالة 10.5٪، وهو أدنى مستوى لها في سبع سنوات.

وتشير هذه التطورات إلى أن القيود المفروضة على صادرات النفط، قد تجبر إيران على تنويع اقتصادها، وهو نوع من المرض الهولندي المعكوس. ويجادل المتشددون في البلاد، بأن العقوبات الأمريكية تحفز «اقتصاد المقاومة»، الذي، على العموم، يعتمد بدرجة أقل على التجارة، وخاصة على التجارة مع الغرب.

ويأمل المحافظون الإيرانيون بالتأكيد، أن يمنع هذا الاقتصاد، «الغزو الثقافي» الذي يصاحب العولمة. ولكن حكومة الرئيس، حسن روحاني، ذات التوجه الإصلاحي، والتي يهيمن عليها التكنوقراطيون، ليس لها مصلحة في هدر ثلاثة عقود من الجهود من أجل كبح هيمنة الدولة، وانفتاح الاقتصاد. إنها، تدعم، إلى جانب جهود مكثفة في القطاع الخاص، فكرة الليبرالية الغربية المتمثلة في أن الحكومة المحدودة، والمقاولة الحرة، توفر السبيل الوحيد العملي نحو الرخاء.

إن القطاع العام الإيراني، الذي يكافح لتغطية نفقاته الحالية، ليس في وضع يتيح له تعويض خسارة الاستثمار الأجنبي. ويواجه القطاع الخاص، بدوره، أزمة ائتمانية، وذلك لأن معظم البنوك الإيرانية أصبحت الآن مفلسة.

وفي الوقت الحالي، تتحرك إيران لتوسيع أنشطتها لتخصيب اليورانيوم، في توبيخ حاد للمجتمع الدولي الذي تخلى عنها. ولم تكن إيران تستحق عقوبات جزائية عندما أعاد ترامب فرضها، لأنها لم تنتهك شروط الاتفاق النووي. وبإظهارها للعالم أنها لن تستسلم، تأمل إيران في إنهاء الجمود الحالي، دون قبول مطالب الولايات المتحدة.

وليست إيران الطرف الوحيد الذي عليه أن يختار. بل يجب على الزعماء الغربيين الآن، أن يقرروا بشأن كيفية الاستجابة لأنشطة التخصيب- والتي، بالتأكيد، لازالت بعيدة كل البعد عن مستوى صنع الأسلحة النووية.

وقد تتسبب أنظمة العقوبات الخرقاء في محنة شديدة لإيران، ولكن هناك حدود واضحة لفعاليتها. وفضلا عن ذلك، فإنها تعزز موقف المتشددين الإيرانيين، وتقوض إصلاحييها المعتدلين.

يجب على المجتمع الدولي اتباع نهج أكثر دقة، موجها إيران نحو مزيد من الانفتاح، بدلاً من إجباره على الاستسلام. ومثل هذا النهج من شأنه، بالتأكيد، أن يحسن احتمال نجاح المفاوضات، قبل الانتخابات الأمريكية، وبعدها.

أستاذ الاقتصاد في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، وزميل رفيع المستوى في الاقتصاد والتنمية العالميين في مؤسسة بروكينجز