من مُعيل إلى مُعال

مقالات رأي و تحليلات الأحد ١٥/ديسمبر/٢٠١٩ ١١:٢٩ ص
من مُعيل إلى مُعال

علي المطاعني

في الوقت الذي تواجه فيه الحكومة مشكلة الباحثين عن عمل من مخرجات الجامعات والكليات التي تزداد وتتفاقم سنويا وما يتطلبه الأمر من حتمية البحث وإيجاد الحلول العملية والناجعة والتي تتيح إستيعاب أبناء الوطن وتمكينهم من خدمة وطنهم في شتى المجالات .

في هذا الوقت تحديدا برزت مشكلة أخرى لا تقل خطورة ألا وهي معضلة تسريح بعض الشركات للمواطنين تحت عدة أسباب ومبررات بعضها لقلة الأعمال والعقود والمناقصات وبعضها الآخر بصيغة تنويه للحكومة بضرورة منح المزيد من الأعمال ، وأخرى على صيغة مساومة لا أكثر تمارسها بعض الشركات لمنحها أعمال إضافية ، والصورة بكل تفاصيلها المتشابكة والمتداخلة يتعين معها ومن جانب الحكومة إيجاد ترتيبات دقيقة وممنهجة لمعالجة هذه الاشكاليات من خلال أنظمة دقيقة تسهم في ضمان إستمرارية المواطنين في أعمالهم وفي ذات الوقت تضمن توفر الأعمال للشركات حتى لا تجد نفسها تأكل من لحمها الحي ، فشركات القطاع الخاص ليس لها أي موارد غير أعمالها ومشروعاتها التي تضطلع بها ، وفي حالة تحقيق أي خسائر لاقدر الله ، أو توقف للمشروعات التي كانت تنفذها وبغير وجود آليه تؤكد على إستمرار المشروعات فإنها ستضطر للتوقف حتى لا تحصد المزيد من الخسائر ، وإذا ما توقفت فذلك يعني بالمنطق تسريح العاملين لديها ، هي معادلة رياضية أو حسابية لاتقبل أنصاف الحلول ويعرفها الجميع .

بلاشك أن مشكلة المسرحين عن العمل من الشركات وعلى ضوء تلك الحقائق تستفحل يوما بعد آخر ، تارة لإنتهاء عقود عملها مع الجهات الحكومية مع استمراريتهم في أعمال أخرى قد تقل شأنا عن ما سبقها ، أو تسريح بعض المواطنين بعد أن حصلت الشركات على ماذونيات وإستقدمت احتياجاتها من القوى العاملة الأجنبية لفترات طويلة إلى غير ذلك من ممارسات معروفة وومنهجة في بعض الشركات لاجلها .

فصور الالتفاف على القوانين من جانب هذا البعض كثيرة ومعروفة للأسف ولم تجد ما يقابلها من قوانين صارمة لتحد من إتساعها ، فهناك بعض الشركات توظف مواطنين وتجعلهم بمنازلهم، وبعضهم يتدرب رسميا على حساب الحكومة ويلتحق بالعمل بالشركة لفترة ثم يُسرح ، وذلك يعني ذهاب أموال التدريب كهباء منثورا .

ومن ناحية عامة فإن مشكلة المسرحين عن العمل ستبقى معضلة وربما عصية على الحل العاجل ، فبعض العاملين لديهم إستحقاقات مادية وإلتزامات تجاه الغير كالبنوك ووكالات السيارات ونفقات ومستلزمات تجاه أسرهم وعوائلهم ، وتسريحههم بغتة وبين ليلة وضحاها والدفع بهم لعرض الشارع هو أمر جلل بكل المقاييس الإجتماعية والأخلاقية والقانونية ، فهناك أسر قد ينفرض عقدها ، وهناك أطفال قد يضيع مستقبلهم ليضافوا لقوائم الفاقد التربوي ، ولكشوفات الأمية التي مابرحت الدولة تبذل الجهد للقضاء عليها ، ففقدان المُعيل ليتحول إلى مُعال له أثار وخيمة واسعة النطاق يصعب حصرها عدديا في هذه العجالة .

بالطبع هناك جهود تبذل من قبل الجهات المختصة لمعالجة هذه القضية والحد من تداعياتها مع الشركات ومن جانب اتحاد عمال السلطنة وغيرها من الجهات ، إلا أن الأمور تحتاج إلى إعادة نظر جذرية تعتمد على المواطن وتمكينه ومنع إستقدام عمالة في أنشطة يوجد بها مواطنون وبل وعدم التجديد لهم حتى إذا أردنا أن تستقيم الأمور.

نأمل أن تكون المعالجات لهذه الأمور بشكل جذري وشامل ليجد المواطن الأمن والأمان المهني والوظيفي في بلده ، ففي ذلك ضمان لتماسك الأسرة العُمانية وهي الأصل والغاية في كل تقدم ورقي ننشده.