نحو إجراءات وقائية للاستيراد!

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٠٦/يناير/٢٠٢٠ ١٢:٠٣ م
نحو إجراءات وقائية للاستيراد!

علي بن راشد المطاعني

على الرغم من التحذيرات من عدم استيراد المواد غير المطابقة للمواصفات والمقاييس لخطورتها على الفرد والمجتمع من كافة الجوانب وانعكاساتها السالبة على الصحة والبيئة معًا، إلا أن هناك الكثير من الممارسات الخاطئة في هذا الشأن يتطلب من الجهات الحكومية اتّخاذ إجراءات وقائية حولها تهدف إلى التحقق من مطابقة هذه المواد المستوردة للمواصفات العُمانية والخليجية من خلال إخضاعها للفحص في المختبرات أسوة بما تقوم به الكثير من الدول في إطار حمايتها لمواطنيها وأسواقها من السلع والبضائع المستوردة غير المطابقة للمواصفات المعتمدة. لقد طفحت للسطح الكثير من الممارسات المغشوشة في الآونة الأخيرة ازدادت على إثرها المخاوف والهواجس من تبعاتها شديدة الخطر والتي قد تكون مهلكة أيضًا.

ففي الوقت الذي تراهن فيه الجهات المختصة على وعي المواطن وحرصه على استيراد المواد والسلع المطابقة للمواصفات والمقاييس العُمانية والخليجية والتوعية بها في كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وعبر حملات متوالية ووجود علامات المطابقة الخليجية والتنبيه على ضرورة الإطلاع على الرمز الخاص بها، وقبل ذلك اعتمادها بقرارات رسمية، إلا أن محاولات (بعض) ضعاف النفوس ستظل قائمة ما بقيت النفس البشرية أمّارة بالثراء السريع على حساب العفة ونظافة اليد واللسان، وستسلك بعض الدول المصدّرة العديد من الطرق الملتوية لإغواء المستوردين بالسير على طريق الأشواك، كل ذلك يحدث على حساب أمننا الصحي والبيئي وهي خطوط حمراء ووفقًا لكل القوانين السارية بالبلاد.

الإحصائيات التي نشرتها الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف توضح بأن هناك ارتفاعًا في الحرائق، فهناك أكثر من 1300 حريق في عام 2018م في محافظات السلطنة معظمها ناتج عن مواد كهربائية كفاءتها ضعيفة وغير مطابقة للمواصفات أو لا تحتمل أحمالًا كهربائية متوسطة أو عالية وغيرها من الأسباب، فضلًا عن رداءة المواد الأسمنتية وتدني جودتها وعدم مطابقتها للمواصفات، كلها بضائع دخلت البلاد من خلال بعض الوافدين الذين لا يهمهم إلا الربح السريع غير مكترثين بالكوارث التي تسببها هذه المواد على صحة الفرد والمجتمع وإضرارها بقطاع الإنشاءات عبر تصدع المباني وغيرها، وهو ما يتطلب إيجاد وسائل أكثر فاعلية للحد من الظاهرة المنهكة للمجتمع والمهدرة للمال العام والخاص على حد سواء، ومع هذا فإن السجال المؤسف لا نحسبه سيتوقف بين ليلة وضحاها فهناك إغراءات يسيل لها اللعاب تقدم للمستوردين وتتركز الإغراءات على (الأسعار) فهي تقل بمئات المرات عن الأصناف الأصلية والجيّدة وبذلك فإن الثراء السريع والفاحش آتٍ لا محالة.

ولمقابلة هذا الواقع فإن الجهود المبذولة في التوعية ماضية لإيجاد ذلك الوعي المجتمعي العفيف الموضح بجلاء لخطورة الأمر، وهي مساعٍ تحتاج إلى وقت طويل حتى تؤتي أكلها، وسيستمر الشد والجذب في ذات الوقت ما بين الخير والشر إلى ما لا نهاية؛ تلك هي الدنيا، ومع الإقرار بضرورة الاستمرار بغير كلل في برامج التوعية عبر كافة الوسائل الإعلامية فإن هذه المساعي لا بد وأن تقترن بتشديد الإجراءات الخاصة بالرصد والمتابعة والمداهمة وإجراء الفحوصات المختبرية لقطع الشك باليقين ولبتر الأيادي التي تسعى للنيل من الوطن ومواطنيه.

بالطبع من الصعوبة تفتيش وتفحص كل شحنة تدخل السلطنة من المنافذ الحدودية وذلك لكمية البضائع المستوردة بالأعداد الكبيرة، بل إنه إذا تم تفتيش كل البضائع سوف تغلق المنافذ لشدة الزحمة، وهو يعكس صعوبة مثل هذه الإجراءات ليس في السلطنة وإنما في كل دول العالم، ومع ذلك تؤخذ عيّنات عشوائية من بعض الشحنات وتُضبط الكثير من السلع غير المطابقة، هو ما يفرض أن تخضع بعض السلع غير المطابقة لإجراءات الفحوصات المخبرية للتأكد من مطابقتها من عدمه قبل وصولها الأسواق.

نأمل أن تتخذ الجهات المختصة كل ما يضمن سلامة المواد المستوردة والتأكد من مطابقتها للمواصفات والمقاييس المعتمدة محليًا وخليجيًا وتفعيل كل الإجراءات التي تحد من الظاهرة وصولًا لأسواق خالية من المواد التي تشكّل خطورة على الفرد والمجتمع، وباعتبار أن هذا الفرد هو أغلى رأس مال نملكه.