لتكن المراجعات للعُمانيين فقط

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٠٩/يناير/٢٠٢٠ ١٢:١٦ م
لتكن المراجعات للعُمانيين فقط

علي بن راسد المطاعني

من الإجراءات التي يتطلب أن تتخذها الجهات الحكومية في سبيل تشجيع الشركات على توظيف المواطنين لديها هو قصر مراجعتها على المواطنين فقط خاصة في بعض الجوانب كالعقود والمناقصات وتقديم المشتريات، فهذا الإجراء قد يوفر آلاف فرص العمل لأبنائنا من الخريجين والخريجات الباحثين عن عمل، فضلاً عن أنه قد يقضي على بعض الممارسات الخاطئة كالرشى التي قد يُقدم (البعض) على منحها لبعض ضعاف النفوس، وسد مثل هذه المنافذ من شأنه أن يعزز من اتجاهات التعمين في الأجهزة الحكومية ويقضي كذلك على الممارسات الخاطئة خاصة في ظل وجود كوادر وطنية مؤهلة للعمل في هذا المجال.

هذا الإجراء مفعّل حاليًا لدى وزارة القوى العاملة وشرطة عُمان السلطانية وغيرها من الجهات في مهنة مندوب علاقات عامة وغيرها، وقد أفرز هذا التفعيل عن توفير آلاف الوظائف للمواطنين، وهذا ما يتعيّن على باقي الجهات الحكومية اتباعه في إطار دورها المفترض لمساندة جهود التوظيف التي يضطلع بها المركز الوطني للتشغيل كآخر مرحلة في إطار الجهود الحكومية لإدارة ملف التعمين في البلاد، غير أنه وإن لم تتضافر وتتكامل الجهود من جانب كل الجهات في الدولة لرفد هذا الاتجاه فإن الجهود ستبقى عاجزة عن الإيفاء بالاستحقاقات الوطنية في مجال التوظيف.

فاليوم ماذا يضير وزارة معيّنة أو جهة حكومية أو شبه حكومية لو أصدرت قرارًا مفاده أن المرجعات بشأن المناقصات وتقديمها لن يُسمح بها إلا للمواطن، بالقطع هو قرار لن يكلف شيئًا غير توفر الإرادة الكافية لإصداره وتطبيقه، فهناك الكثير من أبناء الوطن ينتظرون على أحر من الجمر مثل هذه المبادرات لينطلقوا لخدمة وطنهم في مجال هم أحق به من غيرهم ووفقًا لكل المقاييس والمعايير العمالية والمهنية.

كما أن القرار ومن ناحية أخرى سيساهم دون ريب في الحد من الجهود المبذولة لتقليم أظافر أصحاب النفوس الضعيفة خاصة في مجال إرساء العقود والمناقصات من جانب الجهات الحكومية، وتعمين هذه الوظائف سيفرز بالضرورة حقيقة أن المواطن يستحي أو ينتابه الخوف من أن يطلب من مواطن مثله قبول «رشوة» لتسهيل أو تمرير معاملة غير مستوفية للشروط، خوفًا من افتضاح أمره أو إفشاء سره، ولكن الأمر سيغدو أسهل لو أن المراجع كان وافدًا، وهنا تكمن الأهمية الجوهرية من تطبيق هذا القرار في هذه المهن أو الوظائف.

على ذلك، هناك الكثير من الأفكار والمبادرات التي تحفّز الجهات الحكومية ومراكز التوظيف لاستيعاب المواطنين، كما أن الأمر يحتاج لتضافر الجهود الحكومية وتكاملها في البحث عن المزيد من المهن القابلة للتعمين وتطبيقها على أرض الواقع وبالسرعة القصوى، وهذا هو النهج الذي ينبغي أن يُتّبع في المرحلة القادمة، وهذا هو السبيل الكفيل بتهدئة النفوس التي ما برحت تسمع تصريحات متناقضة بشأن التعمين، فالتصريحات تؤكد، والممارسات على الأرض تنفي، وتلك هي عين المفارقة.

نأمل أن تسن الجهات الحكومية القوانين والتشريعات اللازمة والكفيلة بتطبيق هذه الأفكار، وفي ذات الوقت شحذ الخيال وتوحيد الجهود للبحث عن المزيد من السوانح والفرص للمواطنين في كل مرافق الدولة.