قابوس سلطان الحكمة والتسامح

مقالات رأي و تحليلات الخميس ١٦/يناير/٢٠٢٠ ١٣:٣٤ م
قابوس سلطان الحكمة والتسامح

محمد محمود عثمان

العين تدمع والقلب يحزن لفراق المغفور له السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه فهو سلطان الحكمة والتسامح والمحبة، في عصر المحن السياسية والتقلبات الاقتصادية والأزمات الإقليمية والدولية التي تموج بها الساحة العالمية ، بعد أن ودعت عُمان فــي لحظات حزينة ، قائد السفينة وربانها الذي جنبها الامواج المتلاطمة ، بل العاتية في بعض الأحيان ، وحفظ حق الشعب العماني في حياة كريمة ومستقرة ، ونأ بهم من شرور الحروب وأهوالها ، وبنى نهضة شامخة وراسخة يشهدها أجيال الحاضر والمستقبل، منذ أن تقلد مقاليد الحكم قبل 50 عاما ، من خلال تجربة فريدة في منطقة الخليج لارتباطها بمتغيرات عالمية وإقليمية متباينة ، ونشهد بأنها لم تكن سهلة أو بسيطة بل كانت قاسية وشديدة القسوة ، لتبدأ عُمان خطواتها بثقة نحو الانفتاح على العالم تتفاعل بأحداثه وتنفعل بها ، بعدما رسمت نهجا وخطـــا سياسيا متميزا في العلاقات الدولية والعربية والخليجية، قائما على الحيـــاد والعقلانية وعدم التدخل في شــؤون الغيـــر.

وعدم الانسياق في ركب الآخرين يسارا أو يمينا، في وضوح وشفافية وبدون مواربة ،فقد تربت على يديه أجيال متتالية من المسؤولين الشباب الذين سيحملون لواء المسيرة في السنوات القادمة ،فقد مثل السلطان قابوس طوال فترة حكمة – التي اتسمت بالحكمة وبعد النظر - رمانة الميزان والتوازن في العلاقات الدولية والإقليمية ،الذي انعكست آثاره الإيجابية على المجتمع العماني واستقراره، بعد سنوات عجاف سبقت عام 1970، لتلج عٌمان في عصر جديد يزخر بالمشروعات و التحولات العملاقة من خلال جسر من النجاحات والإنجازات تواصل مسافاته إلى وقتنا هذا، مرتبطة باسم السلطان قابوس، والتي تتجسد معالمها في السياسات المستقرة وخطط التنمية المتواصلة التي تشيد بها المؤسسات المالية الدولية، نتيجة للتنوع الاقتصادي الذي أعطته السياسات الاقتصادية اهتماما كبيرا، أو جعلته مرتكزا بل محورا أساسيا في عمليات التنمية المستدامة ،في البادية والحضر على السواء ، والتي تسجل صفحة وضاءة في تاريخ الشعب العماني وفي تاريخ السلطان قابوس بن سعيد الذي فجر طاقات الأمل في نفوس الجميع الذين التفوا حوله بكل حب وتقدير ، وفق استراتيجية طويلة المدى صاحبتها عمليات تطوير في الأطر القانونية والتشريعية ، وبناء الدولة العصرية بمؤسساتها القانونية ، التي ساعدت على انتقال السلطة بيسر وأمان وسلاسة إلى القائد الجديد السلطان هيثم بن طارق ، لتستمر على نهجه وهدى خطاه في السلام والمحبة والتسامح

حتى أصبحت السلطنة موضع اهتمام مختلف القوى الدولية مما يدل على التميز في فكر السلطان والقدرة على استقراء الواقع والمستقبل والمتغيرات العالمية بصورة جيدة تضمن التفاعل الإيجابي مع العالم والالمام بمشاكله والتحديات التي تفرضها التحولات والمستجدات العالمية من وقت إلى آخر , وربط ذلك زمانيا ومكانيا بمصالح المواطن العماني، لذلك فالجميع من مواطنين ومقيمين صابر ومحتسب لإرادة الله سبحانه وتعالى، بعد أن أودع السلطان قابوس الأمانة في أعناق أبنائه لمواصلة المسيرة والإضافة إليها ، لتظل عُمان قوية وصامدة وقادرة على مواجهة التحديات وتحقيق الطموحات الآنية والمستقبلية، انبثاقا من إرث حضاري عظيم لحضارة عمانية عتيدة ، يشهد لها القاصي والداني من شعوب العالم قاطبة .

mohmeedosman@yahoo.com