النهضة الثانية

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٠/يناير/٢٠٢٠ ١١:٤٥ ص
النهضة الثانية

علي المطاعني

في الوقت الذي نحزن فيه على فقيد الأمة والوطن جلالة السلطان‏ قابوس بن سعيد، ووسط عذابات آلام الفراق القاسية، إلا أن هذا الفراق الأليم لا يجب أن يظل عائقًا وحائلاً أمام مواجهة التحدي الأعظم وهو العمل من أجل الوطن؛ فهذه سنة الحياة ولن نجد لسنة الله تحويلاً أو تبديلاً .

فاليوم تبدأ مرحلة جديدة تمامًا كما بدأت قبل 50 عامًا من عمر النهضة المباركة التي انطلقت في الثالث والعشرين من يوليو المجيد 1970م، عندما هبّ الشعب العُماني كمارد عملاق خلف القيادة الحكيمة للمغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد، ليُعيد للواجهة وبقوة وطنًا موغلاً في القدم والأصالة، وله في الحضارة والعراقة معين لا ينضب؛ فكان قد دخل في سباق محموم مع الزمن للحاق بركب التقدم والتطور والرقي وكان له ما أراد بتوفيق من الله كبير إلى أن وصلنا لمصاف الأمم المتقدمة في كل ميادين العلم والإبداع الإنساني والمعرفي، فتلك الروح الوثابة التي انطلقت بها النهضة الأولى في هذا الوطن المعطاء.

نحتاجها اليوم وبقوة كوقود حيوي للنهضة العُمانية الثانية بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق، وباعتبار أن المسيرة التي أبهرت العالم ووقف لها توقيرًا واحترامًا ستمضي عنفوانًا وزخمًا لن يتوقف لتحقيق أهدافها المفتوحة أبدًا، ذلك أن المزيد من الجهد، والمزيد من العرق، والمزيد من الضني سيُسكب في ميادين الإنتاج وميادين الفلاح؛ فمسيرتنا لن تتوقف حتى تلامس الشمس في علاها، تلك هي أهداف نهضتنا الثانية نميط عنها اللثام كقبول علني لهذا التحدي المدوي .
صحيح أن الوطن موارده قليلة غير أن التزاماته كبيرة، وقمة التحدي هو إحالة الموارد القليلة لموارد متدفقة أبدًا، وذلك أمر لا يتأتى إلا عبر عزيمة الرجال وإذ هي لا تلين وتتوحد وتصطف خلف قيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه-.
فإذا كانت تحديات النهضة العُمانية المباركة الأولى قد عمدت لتوحيد البلاد واستنهاض البنية الأساسية لتتحمّل ثقل البناء الهائل الذي تلاها.

فإن تحديات اليوم الماثلة أمامنا تنصب في الاستمرار على ذات النسق وعلى تعضيد ذاك الزخم التنموي الهادر وتعزيز الموارد غير النفطية والتنويع الاقتصادي وترشيد الإنفاق والتوازن الاقتصادي وغيرها من الصعاب التي تواجهنا كغيرنا من شعوب العالم؛ فالنهوض بالعمل معنى ومغزى ونتائج هو الأهم في هذه النقطة المحورية من عمر الوطن، وإذ المطلوب تحديدًا تفاعل وتعاون بين أجهزة الدولة وكافة العاملين فيها وأرباب العمل والشركات لبلورة مرحلة جديدة شعارها الارتقاء تنمية وشموخًا ورفعة .
ولعل تأكيد حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم على ذلك في خطابه الأول للشعب العُماني يعطي إشارة قوية لمتطلبات المرحلة المقبلة وما يتطلبه منا جميعًا أن نعمله من أجل مواصلة السير قدما في بناء عُمان المستقبل.

إن الواجبات الوطنية تحتم علينا الاستمرار في العطاء والتعاضد كفرض عين لما فيه خير لهذا الوطن تحت قيادته الجديدة التي لن تألو جهدًا في بذل الغالي والنفيس من أجل عُمان وأبنائها، وبتعاوننا جميعًا ننهض بوطننا إلى الغايات العالية والسامية والتي نتطلع إليها جميعًا.. لتكون نهضة ثانية في البلاد شعارها العمل على النهوض بكل ميادين العمل والارتقاء بالوطن إلى ما نتطلع إليه في المستقبل.