تشريعات حكومية للحفاظ على "مراعي" عمان

بلادنا الاثنين ٢٠/يناير/٢٠٢٠ ١١:٤٨ ص
تشريعات حكومية للحفاظ على "مراعي" عمان

مسقط - الشبيبة

تشكل المراعي الطبيعية بتنوع بيئاتها في محافظات السلطنة إحدى الركائز المهمة لاستمرار نشاط الإنتاج الحيواني فأينما وجدت تلك المراعي عاشت الحيوانات والطيور مستأنسة كانت او برية لتشكل نواة لتجمعات سكانية تقوم عليها اقتصاديات تربية الحيوان وإنتاج اللحوم والألبان وغيرها.

والمراعي الطبيعية هي تلك الاراضي التي تنمو بها أشجار ونباتات طبيعية وتستخدم كمصدر غذاء ومأوى للحيوانات الرعوية والبرية وتتطلب إدارتها كمصدر طبيعي مراعاة الأسس الرعوية للمحافظة على مكوناتها من تربة ومياه ونباتات وحيوانات وتكون أشجارها ونباتاتها نامية طبيعياً.

ونظراً لأهمية الموارد الرعوية الطبيعية كمصدر علفي قابل للتجدد جاء الاهتمام والحفاظ على تلك الموارد من خلال تبني العديد من المشاريع والبرامج التنموية لإدارة المراعي وفق أسس علمية تأخذ من نهج الإرث الاجتماعي لمهنة الرعي إطاراً معرفياً, حيث شملت المشاريع برامج إكثار الشتلات الرعوية وإعادة استزراعها وإنشاء المسورات الرعوية بمختلف محافظات السلطنة للحفاظ على المصادر الوراثية لنباتات المراعي في بيئاتها الطبيعية, وسعياً لتنظيم العمل الرعوي بكافة قطاعاته تم اصدار قانون المراعي وإدارة الثروة الحيوانية بالمرسوم السلطاني رقم (8/‏‏2003) ولائحته التنفيذية رقم(12/‏‏2005)، ومن أجل الحفاظ على الموارد الرعوية قامت وزارة الزراعة والثروة السمكية بالتنسيق مع وزارة الداخلية بتحديد مواقع الرعي في كافة محافظات السلطنة.وتنقسم المراعي الطبيعية في سلطنة عُمان إلى نوعين من المراعي.

مراعي شمال عُمان:
وهي من المراعي الجافة، وتقدر مساحتها بنحو 850ألف هكتار، وتتميز بوجود المساحات المفتوحة والتي تغطيها الأعشاب الحولية والمعمرة ومعظمها من النجيليات، إضافة إلى الأشجار والشجيرات. كما توجد مساحات غابوية كثيرة حيث تنتشر أشجار السمر وهو الغالب، والسرح والسدر والارطة والنمت والبوت والعتم والغاف.وتعتبر مراعي الجبل الأخضر من المراعي الجافة الجيدة، وتبلغ مساحتها حوالي 12 ألف هكتار وتتميز التجمعات النباتية بوجود حوالي من 40 - 50 % من النجيليات المستديمة والحولية إضافة إلى الشجيرات والأشجار ويندر وجود النباتات البقولية في المنطقة مما ينتج عنه نقص البروتين والفوسفور في علائق الحيوانات ونقص خصوبتها بشكل عام. تنمو في منطقة الجبل الأخضر عدة أنواع من الأشجار والشجيرات كالأكاسيا والعتم والعلعلان والنمت والبوت وغيرها وتزيد نسبتها عن 25 % من الغطاء النباتي وتصل إلى 60 % في السفوح وجوانب الوديان.

مراعي جنوب عُمان:
تقدر مساحة المراعي والغابات في محافظة ظفار بنحو 500 ألف هكتار حيث تتميز المراعي الغابية في جنوب عُمان بتنوع البيئات الرعوية والتضاريس المختلفة التي تتكون أساسا من صحار وجبال وسهول ساحلية وتعتبر السلسلة الجبلية الممتدة من ولاية ضلكوت غرباً وحتى ولاية سدح شرقاً المنطقة الرعوية الأساسية في المحافظة نظراً لما تتميز به من خصائص بيولوجية متنوعة وفريدة ليس على مستوى سلطنة عُمان فقط وإنما في شبه الجزيرة العربية.

وقطعت وزارة الزراعة والثروة السمكية أشواطا بعيدة في المحافظة على المراعي الطبيعية وبلغت مراحل مهمة هدفها المحافظة على المراعي الطبيعية بصفة خاصة والموارد الرعوية بصفة عامة وتنميتها وتطويرها والاستفادة منها باستخدام رشيد يضع في الاعتبار الاحتياجات المستقبلية وأنها كما هي ملك لنا في الوقت الحاضر فهي بكل تأكيد ملك للأجيال القادمة بإذن الله تعالى في المستقبل لذا فإن جهود الوزارة في المحافظة على المراعي تأخذ جوانب وأشكال ونواحي مختلفة إلا أنها تصب في محصلة واحدة وهي المحافظة على المراعي الطبيعية.. وفي هذا الإطار نُفذت عدد من المشاريع التي تعد ضمن جهود وزارة الزراعة والثروة السمكية بتنمية المراعي الطبيعية بالسلطنة والتي تتضح من خلال المشاريع والبرامج التنموية والإرشادية التي نفذتها المديرية العامة للثروة الحيوانية كمشروع تحديد المناطق الرعوية في السلطنة باستخدام تقنية نظم المعلومات الجغرافية وبطريقة الاستشعار عن بعد وذلك بهدف إنشاء خرائط متعددة وبمقاييس رسم مختلفة للمناطق الرعوية في السلطنة وتكوين وحدة لنظم المعلومات الجغرافية وجمع معلومات عن الحد من آثار الجفاف والرعي الجائر وتقييم المعلومات عن موارد المراعي وصياغة وثائق وطنية للمشاريع.
ويعد نظام الاستشعار عن بعد من أحدث الأنظمة وله دور في خدمة التطبيقات البيئية النباتية حيث يمكن استخدامه في رصد ودراسة العديد من الظواهر البيئية بالسلطنة مثل التصحر وزحف الرمال على مناطق الرعي وتحديد المساحات الرعوية الطبيعية والمساحات الخضراء. أما نظام المعلومات الجغرافية فيوفر أرشيفا ضخما من الصور السابق التقاطها يمكن الرجوع إليها عند الحاجة بسهولة وكذلك بالنسبة للبيانات المتعلقة بالصور والأرشيف هذا بمثابة المرجع للمشاريع والبرامج الرعوية وكل ما يتعلق بالمراعي الطبيعية.

إن هذه المشاريع تهدف إلى تنمية وتطوير الموارد الرعوية بالسلطنة كما أنها تحافظ على الموروث الاقتصادي والثقافي والتراثي للبلاد فالمراعي الطبيعية بما تحمله من تنوع في النباتات والأشجار تعد ذاكرة ثقافية وتراثية للسلطنة تعمل الوزارة على صيانتها والمحافظة عليها وكذلك المحافظة على الأشجار الرعوية ذات الاستخدام الثنائي من قبل الإنسان والحيوانات والتركيز أيضا يتجه إلى استفادة السكان من هذه الأشجار كمصدر دخل لهم، حيث من المعروف أن هذه الأشجار ذات قيمة اقتصادية عالية ولها سوق رائج بالمنطقة وتستخدم كعلاج شعبي لبعض الأمراض أو كنباتات عطرية كما أن الاهتمام بالجانب البشري في تلك المشاريع واضح وله حضور قوي ففي كل تلك المشاريع نجد التدريب والتأهيل للعاملين في المراعي الطبيعية وتزويدهم بالمهارات والخبرات الأساسية للعمل وذلك عنصر مهم للاستمرارية ويضمن الدراية الكاملة بالأساليب المتبعة في تطوير العمل.

الأراضي الصالحة للزراعة

تبلغ نسبة الأراضي الصالحة للزراعة في السلطنة حوالي 7.07% من جملة المساحة الكلية والبالغة حوالي 31.43 مليون هكتار، وتقلصت النسبة نتيجة مشكلة تملح الأراضي والتي هي من أصعب التحديات الكبرى التي تواجه قطاع الزراعة في السلطنة في الوقت الحالي، وتسود التربة الرملية والرملية الطميية أراضي السلطنة المروية، لذا نجد بناءها ضعيف ونفاذيتها وتهويتها عالية ومقدرتها على حفظ الماء ضعيفة.

وتبذل وزارة الزراعة والثروة السمكية جهودا في سبيل المحافظة على خصوبة التربة وإنتاجيتها من خلال إجراء العديد من التجارب البحثية لزيادة الخصوبة والإنتاج النباتي.
تعرف خصوبة التربة بأنّها قدرة التربة وقابليتها لتزويد النباتات والمحاصيل المزروعة فيها بكلّ ما تحتاجه من العناصر والمغذيات الضرورية لسد حاجتها من أجل النمو والتكاثر والقدرة على العطاء مثل النيتروجين، والبوتاسيوم، والفسفور، وبعض العناصر الأخرى اللازمة مثل الكالسيوم والنحاس والتي تحتاجها المحاصيل لكن بكميات قليلة، كما أنه لابد من إحتوائها على بعض المواد العضوية الهامة لبنية التربة وقوامها وتماسكها وحفاظها على الرطوبة والمغذيات بداخلها والتي يمكن الحصول عليها بإضافة بعض الأسمدة الزراعية في حالة عدم تواجدها في التربة.

والتربة الخصبة لها ثلاث مستوياتٌ وهي المستوى الفيزيائي ويعتمد على نوعية التربة، والمصدر الذي تكونت منه، وعمقها، وطبيعة المادة المعدنية التي تكونت منها، وأيضا المستوى الكيميائي ويعتمد على نوعية وكمية المواد المعدنية والأملاح الموجودة في التربة واللازمة لنمو النبات. المستوى الثالث هو المستوى الحيوي ويعتمد على مدى نشاط الكائنات الحية الدقيقة والحيوانات والتي تعمل على تحويل المواد العضوية إلى مواد أولية تستطيع النباتات الاستفادة منها في عملية الأيض، إضافةً إلى دورها في تهوية التربة.
إلا أن مصادر التربة الزراعية الخصبة في السلطنة تعد من المصادر المحدودة، حيث تبلغ نسبة الأراضي الصالحة للزراعة في السلطنة حوالي 7.07% من جملة المساحة الكلية للسلطنة والبالغة حوالي 31.43 مليون هكتار، وتقلصت هذه النسبة نتيجة مشكلة تملح الأراضي والتي هي من أصعب التحديات الكبرى التي تواجه قطاع الزراعة في السلطنة في الوقت الحالي، وتسود التربة الرملية والرملية الطميية أراضي السلطنة المروية لذا نجد بناءها ضعيف ونفاذيتها وتهويتها عالية ومقدرتها على حفظ الماء ضعيفة.

محتوى التربة

إن محتوى التربة العمانية من المواد العضوية منخفض وهي مهمة في تحسين الخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية ولا بد من إضافتها بعد تخمير المخلفات العضوية جيدا للتخلص من المسببات المرضية وقتل بذور الحشائش.

كما تجدر الإشارة إلى أنه لا يعتبر محتوى السماد العضوي من العناصر الغذائية الكافية لإنتاج اقتصادي إلا إذا أضيف بكميات كبيرة، لذا فإن إضافة عناصر من سماد غير عضوي تكون ضرورية (التكامل بين إضافة السماد العضوي والسماد المعدني).

وهناك مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية المؤثرة على خصوبة التربة في السلطنة ومن أهم العوامل الخارجية الأمطار والرياح ودرجة الحرارة حيث تؤثر كمية الأمطار السنوية والحرارة والرطوبة الجوية على خصوبة التربة لأنها تسمح للصفات الكامنة في التربة أن تظهر، فالتفاعلات الكيميائية والحيوية تنشط في بيئة رطبة وحارة وينتج عنها زيادة في المواد الغذائية الموضوعة تحت تصرف النباتات، بينما تتفاعل العوامل الداخلية فيما بينها لتكون خصوبة التربة، فالخصوبة لا ترتبط بغنى التربة بالكاتيونات والأنيونات الضرورية لتغذية النباتات والقابلة للامتصاص من قبل النبات مباشرة فقط وإنما ترتبط أيضاً بعوامل أخرى لا تقل عنها أهمية مثل حالة التربة الفيزيائية والتهوية وعمق التربة ونسبة الحصى والحجارة والطبوغرافية والنشاط البيولوجي وتوفر الماء في التربة وسهولة امتصاصه ونوع الدبال ونوع الصخرة الأم، أي أن خصوبة التربة تتعلق بالخواص الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية والطبوغرافية للتربة معاً.

جهود بحثية
هنااك العديد من الجهود البحثية التي تقوم بها وزارة الزراعة والثروة السمكية ممثلة بالمديرية العامة للبحوث الزراعية و الحيوانية في سبيل المحافظة على خصوبة التربة وإنتاجيتها، حيث قام المختصون بمركز بحوث التربة والمياه قسم بحوث التربة بإجراء العديد من التجارب البحثية، ومن ضمن هذه التجارب تقييم إنتاجية الطماطم عن طريق ريه بمياه عذبة ومياه مالحة بشكل تبادلي (1 إلى 1)، خلصت نتائج تلك الدراسة إلى أن الطماطم والمحاصيل الشبيهه يمكن إنتاجها بصورة إقتصادية إذا تم ريها بشكل تبادلي بماء عالي الملوحة وبماء عذب بنسبة 1:1 مما يقلل استهلاك المياه العذبة بنسبة 50% .

تم أيضا إجراء تجربة بحثية أخرى من قبل المختصين بالمركز تختص بتقنين استخدام الأسمدة الكيماوية، حيث تم إجراء التجربة في البيوت المحمية لتقدير الاحتياجات السمادية لمحصول الفلفل الحلو، ومن خلال هذه التجربة تم تقييم ثلاث جرعات مختلفة من الأسمدة الكيماوية على المحصول، وأثبتت نتائج التجربة أن زيادة كميات الأسمدة المضافة للتربة لا تعطي زيادة معنوية واقتصادية في كمية المحصول، وبالتالي فإنه يمكن إضافة أقل كمية من كميات الأسمدة المستخدمة بالدراسة لإنتاجية إقتصادية وتجنب تراكم الأسمدة بالتربة.

كما قام المختصون بالمركز بإجراء دراسة بحثية حول مقارنة إستخدام الأسمدة العضوية والكيماوية والخليط منهما على إنتاجية محصول الطماطم بالحقل المكشوف، حيث تبين من خلال نتائج هذه الدراسة أنه يمكن الاستغناء عن استخدام 50% من كميات الأسمدة الكيماوية والتعويض عنها بإستخدام الأسمدة العضوية، كما إتضح أن عملية التسميد بالاسمدة العضوية والكيماوية معا هو أفضل الممارسات الزراعية التي تعطي أفضل إنتاجية وتحافظ على خصوبة وإنتاجية التربة على المدى البعيد وتحد من تلوثها وتملحها بالاسمدة الكيماوية.

وفي دراسة أخرى قام المختصون بالمركز بتقدير الاحتياجات السمادية للثوم المحلي، حيث تم إجراء تجربة حقلية في ولاية بهلاء بإحدى مزارع المواطنيين، حيث تم تجربة ثلاثة جرعات مختلفة من الأسمدة الكيماوية، ومن خلال موسمين متتاليين أشارت نتائج الدراسة إلى أنه يمكن إستخدام أقل جرعة سمادية مستخدمة بالدراسة للحصول على إنتاجية جيدة وهذا سوف يقلل من كميات الاسمدة المضافة، ويقلل من تكاليف الإنتاج لدى المزارع ويصون بيئته الزراعية من الإسراف في استخدام الأسمدة دون مبرر.