الأمانة عمان

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢١/يناير/٢٠٢٠ ١٢:٥٨ م
الأمانة عمان

يوسف بن محمد البلوشي

‏من يقرأ في سيرة عمان عبر تاريخها الضارب بالعراقة والقدم مثلما دونته كتب المؤرخين وأشار إليه سلطان البلاد جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله في حديثه الأخير قبل أيام من توليه عرش السلطة، حين أكد أن عمان كيان سياسي وحضاري قديم يمتد إلى خمسة آلاف سنة وأكثر، وخلال هذا التاريخ المسطر بالأحداث المفصلية شهد انتقال الحكم في هذه الجغرافيا المتميزة أشكالا عديدة ساد التفاهم في بعضها واشتد الخلاف في معظمها وتلك سنة الله في كونه.

‏ومؤخرا وعبر مشهد عظيم من تاريخ عمان والذي تقابلت فيه معاني الفقد والصبر والشدة والثبات والمصيبة والحكمة وتزعّم بطولته شعب عمان الأبيّ الذي تجلت فيه كل معاني الوفاء حين ودّع سلطانه الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور رحمه الله الذي أسس نهضة لخمسين عاما وصلت إلى كل شبر من أرض وطنه، وكل إنسان يسكن على سهل هذا الوطن وأوديته وسواحله وصحاريه قبل أن يسلم رايته المطرزة بألوان الإنجاز والرضا والعرفان والولاء من كل أبناء عمان، والإشادة والثناء من أقطار العالم بمختلف قاراته وتوجهاته، إلى سلطان توسم فيه الخير والصلاح والصفات القيادية التي تمكنه من مواصلة مسيرة النهضة والبناء وقيادة شعب بايعه وأدان له بالطاعة والولاء منذ اللحظات الأولى لتلاوة اسمه من قبل مجلس الدفاع المكلف بتثبيت من أشار إليه السلطان الراحل في رسالته الموجهة إلى مجلس العائلة ليكون من أكثر المشاهد سلاسة ويسرًا في انتقال السلطة عبر تاريخ عمان الحضاري.

‏ومن يتأمل هذا المشهد العظيم الذي انتقلت فيه السلطة بين السلطانين المنحدرين رأسا من أبناء الإمام أحمد بن سعيد مؤسس أسرة البوسعيد التي تحكم عمان منذ عام 1744 سيصل إلى اعتقاد راسخ وقناعة ثابتة أن السلطان هيثم كان خيار الله لهذا الشعب الكريم، والمؤتمن عليه من قبل السلطان قابوس طيب الله ثراه والمساند من كل أبناء وطنه الموثوق بحكمته وسياسته، وتوافر سمات المعرفة الكافية والخبرة الوافية بدهاليز السلطة وفنون الحكم والقيادة، فهو الجامع بين السياسة والثقافة والاقتصاد من خلال المناصب والمهام المختلفة التي تولاها خلال فترة حكم ابن عمه السلطان الراحل قابوس بن سعيد بن تيمور رحمه الله الممتدة لنصف قرن من الزمان.

‏ومع عظمة المشهد لابد لنا أن نحمد الله على نعمه وحسن تدبيره وأن نُذكّر بعضنا بعضًا بأمانته، وأن نكون الحصن الحصين لهذا الوطن مستلهمين رؤيتنا وخطانا من فكر باني نهضة سلطنة عمان الحديثة السلطان الراحل قابوس بن سعيد رحمه الله، متحدين في الصف والكلمة خلف جلالة السلطان هيثم يحفظه الله ويرعاه، وهنا يتوجب علي استئذان جلالته في توجيه الخطاب إليه في تالي هذه المقالة فهو السلطان المؤتمن ونحن شعبه الذي أوفى له.

‏جلالة السلطان هيثم المعظم: إنك اليوم قدرنا ونحن قدرك والوطن يستبشر خيرا بقيادتك، والمواطن بمختلف مناطق سكناه وفئاته العمرية متفائل بما جاء في خطابكم الذي أكدتم فيه على العزم بالسير على نهج السلطان الراحل طيب الله ثراه والبناء عليه لترقى عمان إلى المكانة المرموقة.

‏جلالة السلطان المعظم: إن السلطنة شأنها شأن دول العالم تمر بتحديات اقتصادية واجتماعية وأخرى جيوسياسية فرضتها ظروف خارجة عن إرادتنا ويقابلها ثبات سياسي وتكامل في أركان الدولة والذي يسهل المهمة مثلما أشرتم إليه جلالتكم في حديثكم العابر إلى أحد الضيوف المعزين في وفاة السلطان الراحل طيب الله ثراه ، وهنا نستحضر بعضا من كلمتكم السامية بمجلس عمان بعد أدائكم للقسم سلطانًا للبلاد، فهو خير نبراس نهتدي به للمضي صفًا واحدًا خلف قيادتكم «إنَّ الأمانة المُلقاة على عاتقنا عظيمة والمسؤوليات جسيمة وينبغي لنا جميعًا أن نعمل من أجل رفعة هذا البلد وإعلاء شأنه، وأن نسير قدمًا نحو الارتقاء به إلى حياة أفضل، ولن يتأتى ذلك إلا بمُساندتكم وتعاونكم وتضافر جميع الجهود للوصول إلى هذه الغاية الوطنية العظمى، وأن تقدموا كل ما يسهم في إثراء جهود التطور والتقدم والنماء».
‏جلالة السلطان المعظم :سر بِنَا إلى العلا، إلى عمان التي أسست رؤيتها المستقبلية 2040، إلى حكومة عصرية تدير باقتدار شؤون دولة راسخة قويمة على أساس من العدل والمساواة والإخلاص في العمل وتقدير الإنجاز، متفانية في تنمية العلوم والمعارف وتنوع الاقتصاد، ونحن جندك في ذلك ورهن إشارتك، فمسيرة البناء طويلة والأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها.