رجال أعمال يُقبض عليهم بالمطارات!

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٣/يناير/٢٠٢٠ ١٢:٠٢ م
رجال أعمال يُقبض عليهم بالمطارات!

علي بن راشد المطاعني

الكثير من رجال الأعمال والمستثمرين يصدر تعميم عليهم في قضايا تنفيذ باسم شركاتهم لمطالبات بسيطة لا تتجاوز المئات من الريالات أو قضايا عمالية صغيرة أو غيرها لا علم لهم بها، ويتم إيقافهم واقتيادهم للمراكز بعيد عودتهم للبلاد بعد رحلة عمل أو غيرها للخارج، وتقع عندها مواقف محرجة سواء لأفراد عائلاتهم إذ هم في المطارات لاستقبالهم أو بالنسبة لهم شخصيًا ولسمعة البلاد والاقتصاد الوطني عندما يصل معهم رجال أعمال أجانب ومستثمرون لإكمال صفقات تجارية ستعود بالنفع للبلاد والعباد أو للمشاركة في فعاليات اقتصادية واستثمارية لها مردود إيجابي للوطن.

هذا الإجراء يمثل عقبة كأداء في وجه الاستثمار الوطني والأجنبي بالبلاد ونقطة سوداء في جبين سمعة الوطن الناصعة في العالم جميعه، فرجال الأعمال لا يعجزهم بالتأكيد دفع مطالبات مالية صغيرة، وبالتالي فإن اتّباع نهج التعميم واقتياد هؤلاء النفر الكريم من أبناء الوطن للمراكز يعد أمرًا لا يمكن التسليم به أو اعتباره الخيار الأفضل والأجمل، فسمعة الوطن لا تُقدّر بثمن وبالتالي فإن البحث عن خيار آخر في هذا الشأن الصغير هو ما يتعيّن اللجوء إليه، مع التسليم بأن حقوق العاملين مقدسة أيضًا ولا يمكن المساس بها بأي حال من الأحوال.

اليوم هناك الكثير من حالات الإيقاف لرجال أعمال وأعضاء مجالس إدارات شركات كبيرة في المنافذ الجوية والبرية، وذلك بسبب صدور حكم ضد الشركة لصالح عامل/ موظف، والمشكلة تكمن في أنّ من يتم إيقافهم أو منعهم من السفر لا علم لهم في الغالب بالقضايا والأحكام الصادره بشأنهم، وعند البحث في هذا الموضوع توصّلت إلى بعض الاستنتاجات مفادها أن المحاكم أحيانًا تُصدر أحكامًا في القضايا العمالية المُحالة إليها من القوى العاملة غيابيًا، وفي حال صدور الحكم ضد الشركة يتم تنفيذ الحكم بنحو فوري وقبل استنفاد كل الطرق والوسائل المتاحة والممكنة للوصول للمحكوم ضدهم، الأمر الذي يرقى لوصف تلك الإجراءات بالتعسفية أحيانًا بحق رجال أعمال ومستثمرين يقدّمون خدمات جليلة للوطن والمواطن معًا، هذه الممارسات يتطلب معالجتها في المرحلة القادمة وبقدر يحفظ للعامل حقه وللطرف الآخر وضعه ومكانته الحساسة والتي يتعيّن علينا جميعًا الحفاظ عليها لما فيه صالح الانفتاح الاستثماري الذي تنتهجه الحكومة بإصدار القوانين المحفزة للاستثمار في البلاد وأهمها قانون الاستثمار الأجنبي.

وفي مطلق الأحوال لا بد من الوصول لصيغة أخرى بديلة تحفظ حقوق الجميع غير أسلوب التعاميم بالتنسيق مع غرفة تجارة وصناعة عُمان وكل الجهات ذات الصلة، فالمسألة هنا ليست فردية بل هي قضية وطن واقتصاد واستثمار وهي مسلمات وأولويات لا يتعيّن المساس بها في إطار إعلاء شأن المصلحة البلاد العليا.

بالطبع هناك أيضًا قصور يتعيّن الإقرار به بشأن عدم التزام بعض الشركات بالحضور والمثول أمام المحاكم في القضايا المرفوعة ضدها، الأمر الذي يضطر المحاكم لإصدار الحكم الغيابي، فلو أن الشركات التزمت بذلك لجنّبت نفسها تلك المواقف الحرجة التي يتعرّض لها رجال الأعمال.

نأمل من الجهات الحكومية والقضائية وغرفة تجارة وصناعة عُمان أن يعملوا جميعًا لوضع الآليات المناسبة لحل هكذا الإشكاليات واتّخاذ كل السُبُل لتفادي حدوث ما نحن بصدده، ولا نعتقد بأن الأمر بالغ الصعوبة سيما وأن بعض المطالبات المالية لا تتعدى الـ 200 ريال فقط، ولكنها من ناحية أخرى حق لعامل يجب الوفاء به.