تعميم «التشغيل» ماذا يعني

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٩/يناير/٢٠٢٠ ١١:١٩ ص
تعميم «التشغيل» ماذا يعني

علي المطاعني

أصدر المركز الوطني للتشغيل تعميمًا لكافة وحدات الجهاز الإداري للدولة والقطاع الخاص بموافاته بالشواغر والوظائف والمهن المراد شغلها بالتنسيق مع الجهات المختصة، ‏عملاً بمنطوق المادة 5 من المرسوم السلطاني السامي رقم (22/‏2019) بإنشاء المركز الوطني للتشغيل، وهي خطوة متقدمة لضبط إدارة الوظائف في البلاد على النحو الصحيح وبما يحقق تكافؤ الفرص بين أبناء الوطن المؤهلين للعمل في جميع قطاعاتها، ولما له من أهمية كبيرة في تحقيق العدالة بين الباحثين عن عمل وإيجاد منظومة إجراءات موحدة بين أجهزة الدولة في توظيف الكوادر الوطنية وفق أسس تراعي كل الجوانب التي تتطلبها الوظائف، وكذلك فتح الأبواب أمام كل أبناء الوطن للتنافس في مناخ صحي بعيدًا عن أي ممارسات تمس روح العدالة .

صحيح أن ثمة مسارات غير ايجابية حصلت في السنوات الفائتة في هذا الشأن وانعكست منطقيًا على كفاءة منظومة العمل في البلاد، فهكذا ممارسات ربما تخلّف حساسيات ما بين أبناء الوطن الواحد وتمس النسيج الاجتماعي الذي تحافظ عليه (العدالة) في الأساس باعتبارها الوعاء المقدس الذي أمر الله عز وجل بالمحافظة عليه نظيفًا سليمًا لا يقبل إلا ما هو طيب وطاهر .
فمن الأهمية بمكان وضع حد لتلك الآهات التي تسبب الحرج لأجهزة الدولة وذلك عبر إرساء قواعد للتوظيف ذات مصداقية عالية ممثلة في مركز التشغيل الذي تم إنشاؤه بعد مخاضات عسيرة وتجارب عديدة ليحقق الأهداف المرتجاة منه وفيه .

وبالتالي فإن تعزيز المركز ينبثق بدءًا من الجهات الحكومية، وإنجاحه يتأتى من خلال الالتزام الكامل بما جاء بمرسوم الإنشاء نصًا وروحًا، ومساندته تتأتى من خلال التعاون معه لإنجاح مهامه الجسيمة الرامية لإنشاء عمد وأركان منظومة توظيف متماسكة في البلاد تراعي كل أسس التوظيف وأولها العدالة في معناها الأسمى، ليسهم بعدئذ في تحقيق الارتياح الذي تهفو إليه الأوساط الشعبية التي تنظر للمركز كآخر الآمال، فهذه الجهات وتلك المؤسسات عليها التزامات وطنية في رفد كل الجهود المبذولة في إدارة التوظيف في البلاد .

إن بعض الممارسات في الإعلان عن وظائف بدون الرجوع للمركز والتوظيف بشكل مباشر لا يعكس في الحقيقة الالتزام الصارم بالتوجه الجديد الذي يتطلع إليه الجميع في إنهاء حالة عدم الاستقرار الذي يكتنف عملية التوظيف والشد والجذب التي نعيشها في هذا الجانب؛ فالتنسيق والتكامل في الإعلان عن الوظائف من شأنه أن يُحدّث بيانات العاملين في أجهزة الدولة وإعطاء صورة واضحة للجهات المختصة عن الحالات التي تم توظيفها وعن الباحثين عن عمل ومؤهلاتهم وغيرها من بيانات من شأنها أن تحدث اختراقًا كبيرًا في هذا الملف .

بالطبع ندرك بأن هناك وظائف تخصصية يتطلب أن تكون الجهات المختصة ملمّة بمتطلباتها وتقوم بدورها كاملا في اختيار الأصلح لشغلها، إلا أن ذلك لا يمنع من التنسيق والتكامل مع المركز ولا يتعيّن تجاوزه عملاً بما نص عليه المرسوم السلطاني المشار إليه لضمان تحقيق التكامل والتنسيق بين كافة الجهات ذات الصلة .

نأمل من الجهات المختصة أن تعمل بما في وسعها لموافاة المركز بالفرص الوظيفية المتاحة لديها، والتنسيق المستمر معه إيمانًا بأهمية ذلك في بث الطمأنينة في نفوس أبناء الوطن عبر رسالة واضحة وبليغة مفادها بأن كل الإجراءات تمضي قدمًا في مسارها الصحيح وبدون منغصات تُذكر في هذا الحقل المحفوف بالمخاطر .