وقف أراضٍ للمدارس والمراكز الصحية

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٠٥/فبراير/٢٠٢٠ ١١:٢٤ ص
وقف أراضٍ للمدارس والمراكز الصحية

علي المطاعني

في الوقت الذي تعمل فيه الجهات الحكومية على إنشاء مؤسسات وقفية وإطلاق أسهم وقفية وإنشاء لجان وغيرها لوضع ترتيبات للنهوض بالوقف التعليمي والصحي وغيره، وتسعى لتنظيم هذا الجانب بالمؤسسات والشركات بالتعاون مع رجال الأعمال، إلا أن هناك مجالاً أكبر لتحسين وقف المدارس والمراكز الصحية والطبية ودُور النفع العام في السلطنة من خلال وقف أراضٍ في ولايات السلطنة وإعمارها ليعود ريعها لهذه الجهات.

فالمصلحة العامة تقتضي أن تُخصص أراضٍ وتُستثمر لصالح كل منشأة عامة في ولايات السلطنة لتصرف في تسيير الجوانب الإدارية والخدمية والخدمات المستعجلة والطارئة التي تحتاجها بدلاً من انتظار الاعتمادات الحكومية والإجراءات التي قد تطول وتقصروتنعكس سلبًا على تقديم خدمات عامة ضرورية للناس؛ فهذا الوقف الحكومي من شأنه أن يسهّل على الكثير من الجهات تقديم الخدمات والارتقاء بها إلى ما نتطلع إليه جميعًا.

بلا شك أن الخدمات العامة خاصة في مجالات الصحة والتعليم والمدارس عامة في ولايات السلطنة احتياجاتها كثيرة ومستعجلة في الكثير من الأحيان؛ فوجود أراضٍ تُستثمر من جانب المستثمرين بالشراكة مع المدارس أو المراكز الصحية أو أي جهة عامة من شأنه أن يوفر الإيرادات المالية لهذه الجهات لتسيير أمورها بنفسها ومنحها الاستقلالية في اتخاذ القرار وفي تنمية مواردها المالية التي تمكنها من الارتقاء بخدماتها للمنتفعين منها. فتخصيص أراضٍ لكل المصالح الحكومية التي تقدّم خدمات عامة واستثمارها بشكل جيّد أصبح ضرورة ملحّة في ظل تزايد الاحتياجات وتراجع الموارد المالية.

الحكومة لم تقصّر فمنحت أراضي متعددة الاستخدامات للعديد من فئات المجتمع، وبعضها تحوّل لممالك شخصية، في حين أن المدارس والمستشفيات لا تملك شيئًا وهي تقدّم خدمات جليلة ومعروفة ولا غنى عنها بأي حال من الأحوال ولآلاف المستفيدين، وبالتالي فهذه المؤسسات هي الأحق بالمِنح والأُعطيات والهبات في مجال منح الأراضي لأن الريع منها يعود على صيغة خير لكل الناس بينما الممنوحة لفئات أخرى يعود ريعها لأصحابها فقط وهنا تكمن المفارقة بشأن من الأحق بالفضل والتفضيل.

إن فتح آفاق استثمار الأراضي ‏في ولايات السلطنة وخاصة محافظة مسقط وتخصيصها كوقف للمدارس والمراكز الطبية والصحية ومؤسسات النفع العام بات اليوم فرض عين، ولا بد من بلورة الآليات والرؤى لتحويل هذا التطلع المشروع لواقع مُعاش وفي إطار تغليب المصلحة العامة على الخاصة وهذا أمر متفق عليه بطبيعة الحال.

بالطبع من شأن هذه الفكرة أن تشجّع الوقف كمبدأ وسلوك حضاري واجتماعي نبيل، وأيضًا فإنها تشجّع الوقف الخاص من قِبل رجالات الأعمال والأفراد ليصب في ذات المعين؛ فالحكومة قادرة على إيجاد البدائل للمعضلات بناءً على الإمكانات المتوفرة لها، وعندما تبدأ في تطبيق هذا الفكرة عمليًا وميدانيًا فإنها ستُلهم الآخرين على السير في ذات الطريق عندها ستتلاقى كل الجهود عند اكتمال الدائرة.

نأمل أن تعمل أجهزة الدولة على تخصيص (وقف) لكل منشأة عامة من الأراضي وبما يكفيها شر السؤال وعذاباته، عندها سنضمن استدامة خدماتها على مدار العام وسيسعد المواطن والمقيم بخدمات صحية وتعليمية.. الخ، عالية المستوى.