ستبقى تلك الزيارة نبراسا

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٩/فبراير/٢٠٢٠ ٠٣:٥٩ ص
ستبقى تلك الزيارة نبراسا

علي بن راشد المطاعني

شكّلت زيارة المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه - لمنطقة الرسيل الصناعية في التاسع من فبراير 1991م، منعطفًا مهمًا للقطاع الصناعي في السلطنة ‏إزاء إيلاء المزيد من الاهتمام بهذا القطاع الحيوي.

لقد استقطبت الصناعة العُمانية استثمارات وطنية وأجنبية مقدرة في العديد من الأنشطة الصناعية، وانعكست الزيارة على تعزيز الإمكانيات الهادفة لتمكين الصناعة العُمانية فضلاً عن إعطاء زخم فاعل للمنتجات الوطنية من جانب شرائح واسعة من المجتمع، فكانت بمثابة لفتة طيبة من لدن المغفور له بإذن الله، أسهمت اليوم بإعطاء زخم جديد لهذا القطاع يستمد منه كل عام دفعة جديدة من الدعم والمساندة والتسهيلات إلى أن أضحى القطاع الصناعي يتربع سلّم قطاعات التنويع الاقتصادي ويقود عجلة التطوير من محافظة إلى أخرى ومن مرحلة صناعية إلى الأكبر منها، في سباق من التطور الصناعي للاستفادة من موارد البلاد وتفعيلها وزيادة القيمة المضافة لها.

درجت وزارة التجارة والصناعة على إحياء ذكرى الزيارة في كل عام لتعد مناسبة أكثر من رائعة لاستعراض الآمال والتطلعات للنهوض بالقطاع الصناعي لآفاق أرحب، وللوقوف على التحديات التي تواجهه ولتعمل بكل طاقاتها لتذليل الصعاب التي تعترضه لتكون نبراسًا يهتدي له القطاع الصناعي ومحفزًا للمزيد من الاستثمار في أنشطته المختلفة ومجالاً خصبًا للابتكار الصناعي الهادف إلى الاستفادة من إفرازات التكنولوجيا وتوظيفها في القطاع الصناعي.

وفي هذا اليوم نجتر ذكريات الزيارة ونستعرض أهدافها السامية والتي تعد الخطوة الأولى في هذا الدرب الطويل، ولنقف على ما وصلت إليه صناعتنا الوطنية من تقدم ورقي عبر دعم سخي وتسهيلات استثمارية مرنة وجاذبة، وعبر ترسيخ دعائم البنى الأساسية لها من مناطق صناعية في المحافظات وبعدها لمناطق حرة، أفضت كل تلك الجهود لقدرة هذا القطاع على استيعاب الآلاف من الكوادر الوطنية في مصانعه ومنشآته، مما أفضى لتنشيط القطاعات الاقتصادية الأخرى ذات العلاقة كمدخلات الإنتاج لصناعات عديدة، فضلاً عمّا تمثله المنتجات الصناعية الوطنية على اختلافها من إسهامات في تحقيق الاكتفاء الذاتي والحد من الاستيراد وزيادة ميزان المدفوعات وغيرها من الفوائد والمحامد.

اليوم نجد أن القطاع الصناعي يساهم بـ 2.914 بليون ريال في الناتج المحلي الإجمالي وبنسبة تبلغ 7.6% ، وتشكّل الصادرات العُمانية على اختلافها أكثر من 4 بليون ريال وفق إحصائيات عام 2018م، بل إن الأنشطة الصناعية بلغت قيمتها وفق الإحصائيات في الربع الثالث من عام 2019م ما قيمته ‏3.815 بليون ريال، والاستثمار الأجنبي في الصناعات التحويلية بلغ 1.592 بليون ريال، في حين بلغ عدد المنشآت الصناعية المسجلة في عام 2019م 9.160 منشأة صناعية، هذه الأرقام وتلك الإحصائيات لم تأتِ اعتباطًا، بل جاءت كنتيجة موضوعية للاهتمام الكبير بهذا القطاع، وتقديم كل أنواع الدعم والمساندة له، إقرارًا بأهميته، وتأكيدًا لحقيقة أن عجلة التقدم والتطور في الدول مرهونة وبشكل كبير بتقدم القطاع الصناعي باعتباره المحرك الأساس للتنمية الاقتصادية، تلك الحقيقة الساطعة أدركتها الحكومة وسخّرت بناءً على ذلك كل إمكانياتها لتطويره ومده بكل الإمكانيات المتاحة وبالتسهيلات الممكنة.

ولعل اختيار القطاع الصناعي ضمن القطاعات الخمسة للتنويع الاقتصادي المستهدفة للنهوض بها عبر برنامج (تنفيذ) الذي تشرف عليه وحدة التنفيذ والمتابعة، وإصدار قوانين التحفيز الاقتصادي الخمسة في الآونة الأخيرة ومن بينها قانون الاستثمار الأجنبي، يأتي هذا في السياق المهم الذي من شأنه أن يطلق العنان للقطاع الصناعي في البلاد ليحلّق عاليًا في المرحلة القادمة مع غيره من القطاعات المهمة التي يمكن أن تقود عجلة تنويع مصادر الدخل.

بالطبع القطاع الصناعي كغيره من القطاعات الاقتصادية النهوض به يأتي متدرجًا ومواكبًا للمجالات الأخرى المساندة له، ويواجه كذلك تحديات خاصة به والتي سوف تنهار بعزيمة وإرادة العاملين عليه وهي عزيمة وإرادة لا تعرف معنى المستحيل.

نأمل أن تُكلل كل الجهود الهادفة للنهوض بالقطاع الصناعي بالنجاح والتوفيق، وأن تمضي قدمًا للأمام، وبما يُسهم في تحقيق المزيد عبر تكاتف وتعاضد كل الجهات ذات الصلة، وليغدو المعين الذي لا ينضب لاقتصادنا الوطني بحول الله وقوته.