الأموال المهاجرة عودي لوطنك

مقالات رأي و تحليلات الخميس ٢٠/فبراير/٢٠٢٠ ١١:٢٧ ص
الأموال المهاجرة عودي لوطنك

علي المطاعني

اليوم بعد انتهاء الحداد الرسمي على فقيد البلاد المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور - طيب الله ثراه، والانتقال السلس للحكم بشكل أبهر العالم أجمع، بأقصر فترة ممكنة لم تُسجل في العالم في انتقال الحكم، وهو ما يؤكد على متانة هذا الوطن وعراقته في إدارة الحكم، وأن ذلك يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن السلطنة دولة المؤسسات والقانون، وقبل كل هذا وذاك قيم الشعب العماني في التعاطي الحضاري مع ا‏لأمور بشكل عقلاني، فإن من الأهمية بعد كل ذلك وغيره أن تعود الأموال المهاجرة إلى البلاد من الأثرياء والمستثمرين الذين كانوا يتوجسون خيفة بأن نظام الحكم في السلطنة غير واضح وقد تعتريه إشكاليات وإلى غير ذلك من هواجس وتوجسات خيّبت ظنهم في ذلك، وندعو إلى عودة الأخوة المستثمرين من أبناء الوطن خاصة الذين حوّلوا أموالهم إلى خارج البلاد؛ فعُمان هي عمان وطن الأمان للجميع الأجانب قبل المواطنين والمستثمرين الوطنيين قبل غيرهم.

فاليوم بعد أن انتهت فترة الحداد على الفقيد وشاهد العالم ما شاهد في موضوع انتقال الحكم إلا أن ذلك ظل غير واضح لدى البعض، رغم أن النظام الأساسي للدولة واضح حول آليات انتقال السلطة في البلاد، والكفاءة العالية لمجلس الدفاع الوطني وأجهزته العسكرية والأمنية، الحارس الأمين لمكتسبات الوطن والضامن الكبير لانتقال السلطة للأسرة الحاكمة وفق النظام، إلا أن البعض راودته توجسات بضبابية انتقال خلافة الحكم وآلياتها، إلا أنهم تفاجأوا بالنموذج العماني الفريد في السلاسة والمرونة والنظام الذي شهد هذا الجانب، فعليهم أن يعيدوا النظر في إعادة أموالهم من حيث هاجرت واستوطنت كوطن بديلا لها بأن هذا الوطن الذي صنعكم هو الأفضل باحتضانها واستثمارها في شرايين التنمية والاقتصاد في العديد من القطاعات الاقتصادية بمزايا وتسهيلات غير محدودة للاستثمارات الوطنية والأجنبية.

فالمسؤولية الوطنية والاجتماعية تقتضي من كل أبناء هذا الوطن أصحاب الثروات الذين تمكنوا في الفترات الفائتة من صنعها أن يعودوا مجددا لهذا الوطن العزيز؛ فالكثيرون يتحدثون عن أن الأموال التي هاجرت في الفترة الفائتة ليست بقليلة.

فالسلطنة ضربت مثالا يحتذى به في انتقال الحكم بسلاسة فاجأت الآخرين الذين لا يعلمون مدى عراقة هذا الوطن وأبنائه في التعاطي مع المتغيرات والمستجدات والظروف الطارئة، ما تسبب ذلك في تحويل الأموال والاستثمارات وغيرها منها لدول الجوار وأصبح البعض يملك حارات وأسواق ومجمعات ومن املاك العقارات وأموال سائلة ومنقولة على اختلافها، فقد حان الوقت لرجوع الأموال وإعادة استثمارها في السلطنة بما تحققه من قيمة مضافة عالية تتجاوز الأرباح الآنية إلى رسم مستقبل أفضل للجميع.

بالطبع هناك استثمارات ومدخرات وطنية مودعة في البنوك تحتاج إلى تسييل في استثمارات في البلاد من جانب كل المعنيين بهذا الأمر انطلاقا من دورهم الوطني والاجتماعي بأن يبادروا إلى ضخها في شرايين الاقتصاد على ضوء الانفتاح الواسع لجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية.

نأمل أن تعود الأموال المهاجرة بعد أن اطمأنت على ممكنات هذا الوطن وقدراته في التعاطي مع المتغيرات والتكيف مع كل الظروف وسلاسة انتقال الحكم نتيجة لمتانة هذا الوطن وقيم أبنائه ونظرتهم للمهمات والمناصب بأنها تكليف وليس تشريفا فقط، وهذا النداء للجميع أن يبدأ بنهضة جديدة شعارها الاستثمار والجهد والعمل في كل ميادين الاقتصاد.