دقت ساعة العمل

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٤/فبراير/٢٠٢٠ ١٨:٢١ م
دقت ساعة العمل

بقلم - محمد بن علي البلوشي

في إشارة عاجلة وفي ساعة دخول العصر يعلن التلفزيون العماني عن خطاب مرتقب لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- تسمر الكل أمام التلفاز بانتظار جلالته وهو يتلو أول خطاب مباشر عن ملامح العمل الوطني المقبل وعن رؤيته السامية لمستقبل عمان.

يأتي الخطاب في وقت كثرت فيه أسئلة الشارع العماني عن ملامح المرحلة المقبلة لعمان ومن الطبيعي أن يطرح سؤال كهذا في بلد ينتقل من حقبة الى حقبة أخرى.. ومن سلطان الى سلطان بهدف واحد فقط يتفق عليه ويلتئم حوله الجميع.. نهضة عمان المتجددة حسب مقتضيات المرحلة.

استمعنا بكل انتباه وتركيز الى الخطاب السامي كلمة كلمة.. حرفا حرفا.. راقبنا يد جلالته وهو يمسك بأوراق الخطاب السامي فمنها تخرج ملامح عمان المقبلة بكل مكوناتها دولة ووطن وشعب لتشكل خريطة المستقبل التي يرسمها جلالته في حقبة لها استحقاقاتها وفيها من الصعاب مايتطلب من الجميع أن يدرك ان العالم اليوم يعيش زمن الاقتصاد والإنتاج والعمل لامكان فيه للكسالى والخاملين أو المحبطين.

من أول أهداف الخطاب السامي هو طمأنة المواطنين بأن النهضة العمانية مستمرة ومتجددة ولتجديدها لابد ان يعمل الجميع بجد وإخلاص وتفان فالنهضة بنيت بالتضحيات والعزائم لا بالشعارات والأقوال لقد تعلمنا ان الأفعال هي التي تصنع الإنجازات ومن هنا أشاد جلالته بالإرث الذي خلده جلالة السلطان الراحل فالأمانة تقتضي منا أن نستمر بها لتنمو وتتجدد فإن لم نشحذ الهمم والطاقات فإن هذه النهضة مصيرها الجمود وقاموس عمان الحديث ودع الجمود والتراجع.

لقد عكس الخطاب إرادة سامية بتجديد الجهاز الإداري للدولة وبتشريعاته لضمان استمرار تدفق النهضة المباركة على كل شبر من تراب عمان لتصل الى كل الجغرافيا فينعم بها الإنسان وهذا مايتطلب الوحدة الشعبية حيث قال جلالته «فإننا لندعوكم لأن تعاهدوا الله على ذلك» فالقيادة لايمكن أن تتمكن من تحقيق ذلك دون روح وطنية مؤمنة بالمشروع الجديد الذي تعهد به جلالته في خطابه السامي بالحفاظ على النهضة التي بناها مولانا السلطان الراحل فسماع كلمة النهضة يدون في اذهاننا الحب والوفاء لباني النهضة العمانية وهذا الوفاء ينبغي ترجمته بالعمل للحفاظ عليها وتجديدها لتنطلق للامام وان نسهم جميعا في استمراريتها كل في موقعه وحسب دوره.

إن الدولة المتجددة تنتج بالطاقات العملية والكفاءات المبدعة وأساليب عمل حديثة ومن هنا وعد جلالته بـ«إتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة» فإعادة صياغة الجهاز الإداري للدولة وتحديثه وتطويره هو من أولى الضروريات التي يتمناها الجميع فتطويره يتوافق مع رؤية جلالته التي أعلنها في خطابه السامي بجهاز إداري حكومي فعال ومتطور ومرن يتخلص من البيروقراطية التي تغلب على كثير من مؤسساته وعلى آليات عمله ليكون متواكبا مع عصر الثورة الرابعة التي من لحق بها وواكبها ظفر ومن فاتته تجمد مصيره.

وردت في خطاب جلالته «تكافؤ الفرص» والنزاهة والمحاسبة والحوكمة وهي مفردات تدل على الأمانة والإخلاص وهي تعكس عزم جلالة السلطان المعظم على أن تكون حاضرة في الجهاز الإداري للدولة بما يحقق الطمأنينة للجميع بأنهم متساوون في الحقوق والواجبات وهي المرتكزات التي تحافظ على سلامة كيان الوطن ورسوخ بنيانه على أعمدة العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص والمحاسبة والنزاهة فلامجال للمصالح الشخصية على حساب المال العام وهو ركن سيتجدد بقوة في المرحلة المقبلة.

كان الخطاب السامي موجزا بكلمات دقيقة منتقاة لكنه كان واضحا وصريحا ومعبرا واجاب على كل التساؤلات عن رؤية جلالته لعمان بعد تسلمه مقاليد الحكم. فقال جلالته «عقدنا العزم على الوصول للإزدهار وتحقيق النزاهة في كافة قطاعات العمل» وهي جملة لايمكن تجاوزها خلال المرحلة المقبلة من اكبر موظف او مسؤول الى أصغر مسؤول وموظف.

وحينما يقول القائد حفظه الله ورعاه «ان الإنتقال بعمان الى مستوى طموحاتكم وامالكم سيكون عنوان المرحلة» فهي رسالة عزم وطمأنة أخرى من جلالة السلطان لشعبه الوفي لتحقيق طموحاتنا الواعدة لما ينبغي أن تكون عليه بلادنا وصورة عمان الناهضة في مخيلتنا..فبالنوايا الصادقة والعزم المتوثب ستتحقق.. بلد مزدهر ناهض راسخ نظامه يحكمه العدل والقانون.

لقد أجاب الخطاب السامي وعبر عن أكثر الملفات الحاضرة والتي تمثل تحديات للحكومة ومتى ماتوفرت الإرادة -والتي توفرت -فيعني ذلك عبورنا العظيم الى المستقبل بقوة وثبات.