خطاب جلالته.. خارطة طريق

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٥/فبراير/٢٠٢٠ ١٢:٢٢ م
خطاب جلالته.. خارطة طريق

علي بن راشد المطاعني

يكتسب الخطاب التاريخي الثاني لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ أهمية كبيرة على العديد من الأصعدة والمستويات ويعكس الكثير من الدلالات والمعاني والمرامي، ويحدد بنحو جلي منهاج العمل الذي سوف تختطه السلطنة في مسيرة التنمية في البلاد في المرحلة المقبلة.

ولعل أهم الدلالات في الخطاب تأكيد جلالته على السير بغير هوادة في طريق التنمية الشاملة تماما كما أراد لها جلالة المغفور له بإذن الله، ولتظل عُمان الغاية الأسمى في كل الجهد وفي كل العرق المبذول من أجل الوطن، وإذا كان جلالته قد أشار إلى استمرار الزخم التنموي فذلك يعني أن هناك من يتعيّن عليه حمل هذه الأمانة وهؤلاء هم بطبيعة الحال شباب الوطن، فقد خصّهم الخطاب السامي بالذكر وبالإشادة وبالحرص على تحقيق آمالهم وتطلعاتهم في غد أرغد وأسعد، فهنيئا لشبابنا بهذا العهد السلطاني الكريم .

وإذا كان التعليم منذ بداية النهضة العُمانية كان الهدف والغاية والرهان الذي تعقد عليه الآمال فقد أكد جلالة السلطان هيثم على تعظيم هذا المبدأ في المرحلة المقبلة وأنه سيحظى بالمزيد من الاهتمام والرعاية وستتاح له كل سبل التمكين لينهل شباب الوطن من معينه الذي لا ينضب، وهذا إقرار وضح بأن تقدم الأمم والشعوب لا يتم إلا باستنهاض عقول أبنائها وإتاحة المجال أمامهم للإبداع والابتكار التقني والصناعي والتكنولوجي وباعتبار أن العصر الحديث لا مكان تحت شموسه إلا للعلم والعلماء فبهم تتقدم الأوطان وترتقي في دروب المجد .

لقد أكد الخطاب السامي على المضي قدما في تنزيل رؤية عُمان 2040 لأرض الواقع وباعتبارها الرهان الأعظم في ديمومة دوران عجلة التقدم إلى ما لا نهاية، ومن أجل ذلك أكد الخطاب السامي على حتمية هيكلة النظام الإداري للدولة وتحديث القوانين وآليات وبرامج العمل لتغدو أكثر رشاقة وقدرة على الاستجابة للتطلعات المستقبلية، وأهم نقطة أكد عليها الخطاب السامي في هذا الصدد المحاسبة والمساءلة في إطار ضمان تجويد الأداء ونبذ الاتكالية والركون والدعة، هذا فضلا عن مراجعة أداء الشركات الحكومية بهدف تطويرها لتغدو قادرة على الاستجابة لمتطلبات المرحلة .

وبما أن بقاء الاقتصاد الوطني قويا وقادرا على تلبية متطلبات التنمية واحتياجات المواطن وتوفير أسباب الحياة الكريمة له فقد أمن الخطاب على ضرورة توجيه مواردنا المالية التوجيه الأمثل وبما يضمن خفض الدين العام وتحقيق التوازن ما بين الدخل العام والمنصرفات .

أما قطاع المؤسسات الصغيرة فقد نال حظه من الاهتمام السامي باعتباره الوعاء الأكبر الذي يستوعب الشباب العُماني من رواد الأعمال، إشارة إلى أن الخطاب وفي الأصل أمن على رعاية الشباب باعتبارهم عماد المستقبل فلا غرو أن يجد هذا القطاع كل هذا الاهتمام والرعاية السامية فمنه تنبثق الابتكارات العلمية وإشراقات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة المتقدمة إذ نعلم جميعا بأن كل الدول الناشئة والتي سمقت في هذه المجالات تبوأت مكانا عاليا في المنظومة الاقتصادية العالمية، ونعلم أيضا بأن التنافس ما بين الدول يتركز على التقنيات الحديثة وهي لوحدها قادرة على تأمين مدخلات عالية لاقتصاد أي دولة تنجح في تنمية هذه المرتكزات الاقتصادية والعلمية، لذلك فإن جلالته أكد على أن الشباب موعودون في هذا القطاع بكل الدعم والرعاية ليحققوا لوطنهم كل ما يسر ويبهج .

لقد كان خطاب جلالته شاملا؛ لخص لنا فيه معالم الطريق لعُمان 2040 ومن كافة الجوانب العلمية والتكنولوجية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي فإن الخطاب السامي حدد معالم الطريق بنحو واضح، وعلى بركة الله سنمضي جميعا خلف القيادة الرشيدة لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق لتحقيق كل هذه التطلعات السامية.