"وتحدث العلم شعراً".. يرصد تطور العقلية العربية و الحياة العلمية في عُمان

مزاج الثلاثاء ٢٥/فبراير/٢٠٢٠ ١٣:٠٥ م
"وتحدث العلم شعراً".. يرصد تطور العقلية العربية و الحياة العلمية في عُمان

مسقط - العمانية

الكتاب يسلط الضوء على الشعر التعليمي وأسباب ازدهاره وانحداره عربيا، والتنبيه على أهم آثاره ومجالات الاستفادة منه في وقتنا المعاصر​.

من المعروف أن الشعر التعليميّ العربيّ شكّل ظاهرة علميّة وحضاريّة وأدبيّة كان لها حضورها الواسع في الحياة الثقافيّة و التربويّة العربيّة، حين كانت المساجد والكتاتيب عصب الحياة العلميّة، إذ كانت تعتمد على المتون العلميّة في كل مجالاتها الفقهيّة واللغويّة والتاريخيّة والعقديّة والفلسفيّة، وكانت المساجد والكتاتيب جامعات يتخرّج فيها العلماء المجددون والمفكرون الواعون. لذا شكّلتْ هذه المتون والمنظومات العلميّة ظاهرة واضحة جليّة في الثقافة العربيّة، تمثّل في مجملها مراحل تطوّر العقل العربيّ والحضارة العربيّة الإسلاميّة.

وفي هذا السياق، يتناول كتاب «وتحدث العلم شعرا» الذي صدر مؤخراً للدكتور سالم بن سعيد البوسعيدي، تطور العقلية العربية والحياة العلمية في عُمان من نافذة الشعر التعليمي.. ويسلط الكتاب الذي أصدرته الجمعية العُمانية للكُتّاب والأدباء بالتعاون مع «الآن ناشرون وموزعون» في الأردن، الضوء على الشعر التعليميّ وأسباب ازدهاره وانحداره عربياً، والتنبيه على أهم آثاره ومجالات الاستفادة منه في وقتنا المعاصر. كما يسلّط الضوء على الشعر التعليميّ في عُمان وأسباب ازدهاره في ظل تراجع حضوره العربيّ بشكل ملفت في القرون الأخيرة، مستعرضاً أبرز مجالاته، وأبرز روّاده وشعرائه مع التركيز على القرن الرابع عشر الهجري، وإفراده بمساحة أكبر، وملاحظة الخصائص الفنيّة وتطوّرها فيه.

تطور العقل العربي
ويشير البوسعيدي في كتابه الذي جاء في ثلاثمائة وخمس وستين صفحة من القطع المتوسط، إلى جملة من الأسباب التي دعته إلى إنجاز هذه الدراسة، منها أهمية الشعر التعليمي الذي شكل ظاهرة واضحة وجلية في الثقافة العربية، فمر بمراحل عدة بدأت بنشوئه فتطوره فازدهاره ثم تراجعه وانحساره. فكانت تلك المراحل –بحسب المؤلف- ممثلة لمجمل مراحل تطور العقل العربي والحضارة العربية الإسلامية. ثم إن هذا النوع من الشعر فقد بريقه في عدد من الدول العربية والإسلامية، لكنه بالمقابل حافظ على حضوره في دول أخرى، ومن بين هذه الدول سلطنة عُمان التي بقي الشعر التعليمي فيها مزدهرا في القرن الرابع عشر الهجري، الأمر الذي شجع المؤلف على تناوله بالبحث والدراسة.
وجاء الكتاب في مقدمة و بابين كبيرين. تناول الباب الأول «تطور العقلية العربية من نافذة الشعر التعليمي»، وتطرق إلى بدايات هذا النوع من الشعر وظروف تطوره وازدهاره وتراجعه ثم أثره في الحضارة العربية الإسلامية. أما الباب الثاني فجاء بعنوان «الشعر التعليمي نافذة لتطور الحياة العلمية في عُمان»، وتطرق إلى تطور هذا الشعر في عُمان، مُعرّفا القارئ بنظّامه الموسوعيين، وشارحا أقسامه ومواضيعه، من شعر تناول علوم اللغة، والقصص والسلوك، والعلم التجريبي. ثم وضح خصائصه الفنية في جوانبها التركيبية والمعجمية والبلاغية والإيقاعية.

المنهج التاريخيّ
وقد اعتمد الباحث على المنهج التاريخيّ في ما يتعلّق بتطوّر الشعر التعليميّ العربيّ عبر العصور، وأيضا في ما يتعلّق بكل مجال من مجالات الشعر التعليميّ في عُمان. واعتمد على المنهج الوصفيّ التحليليّ عند ذكر نماذج من أهم متون الشعر التعليميّ، إذ تُدرَس مجموعة من الأبيات في كل مجال وتوصف؛ لتحديد الملامح العامّة وتطور الشعر التعليميّ في هذا المجال وموضوعاته. كما اعتمد الباحث على المنهج الوصفيّ التحليليّ لأنه يستند إلى التحليل المباشر للنص، مستنتجاً سمات الشكل والمضمون، مشيرا إلى مواطن الجِدّة والإبداع، منبهاً إلى مواضع القوة والضعف فيه.

يُذكر أن الباحث البوسعيدي ألّف أكثر من ستين كتابا، في التفسير والفكر الإسلامي والتاريخ العماني والأدب وتنمية الذات والشعر، منها: «روح البيان في تدبر القرآن»، و»التفسير الوجيز لكتاب الله العزيز»، و»الدليل في شرح الجامع الصحيح مسند الإمام الربيع»، و»الجامع في الأدب العماني»، و»الرائع في التاريخ العماني»، و»عمان حديث الزمان والمكان والإنسان»، و»الجوهر في التاريخ العماني المصوّر»، و»التنفس تحت الماء»، و»حدثتني مكة»، و»الرائدون».