نمو الاقتصاد العالمي .. وتسونامي كورونا

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ٢٣/مارس/٢٠٢٠ ٠٢:٠٠ ص
نمو الاقتصاد العالمي .. وتسونامي كورونا

محمد محمود عثمان *

* MOHMEEDOSMAN@ YAHOO.COM

لاشك قبلنا أم أبينا فإن تسونامي" فيروس كورونا" سوف يصيب كل الاقتصاديات العالمية بكل تصنيفاتها، وسوف يلقي بظلاله الكئيبة على النمو والتنمية.
وقد حذّرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، من التداعيات وخفضت توقّعاتها لإجمالي الناتج العالمي بنصف نقطة مئوية إلى 2,4 %، أدنى مستوى منذ الأزمة المالية العالمية في 2008 -2009 م
وافترضت المنظمة الدولية، في توقعاتها بأن يتراجع مستوى تفشي الفيروس هذا العام، إلا أنها حذرت من أن تزايد انتشاره "سيضعف التوقعات بشكل كبير وهذه المحاذير من المنظمات العالمية المتخصصة لم تأتي من فراغ وعلينا أن نأخذخها بمحمل الجد، حتى نستعد من الآن إلى ماهو أسوأ من هذه التوقعات وبنحث من الآن عن البدائل المتاحة أو الممكنة لأن حالات الانكماش الاقتصادي ستطول حتما الاقتصاديات الكبرى ، فماذا عن الاقتصاديات النامية أو الناشئة ؟
وقد أوضحت معظم التقارير الاقتصادية التي تناولتها وسائل الإعلام العالمية بأن الاقتصاد العالمي يواجه في الأساس خطر حدوث انكماش في الربع الأول من 2020 على الرغم من أن معظم التوقعات الاقتصادية لعام 2020 قد تتنبأ ت بنسبة من النمو الثابت، ، خاصة بعد المرحلة الأولى لاتفاقية التجارة بين الصين والولايات المتحدة، وخفض تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وما تبع ذلك من نظرة تفاؤلية ، وإن كانت مصحوبة بالتخوف والحذر من التداعيات العالمية والمستجدات الاقتصادية والتوترات الجيو سياسية غير المتوقعة التي تشهدها مناطق كثيرة من العالم، ويتركز معضمها في منطقة الشرق الأوسط تحديدا وحروب النفط القائمة وحروب المياه المنتظرة أو المتوقعة ، في ظل مطامع القوى الدوليىة في خيرات وموارد العرب غير القادرين على حمايتها أو استغلالها لتنمية اقتصادياتهم وتطوير مجتمعاتهم وتحقيق الرفاهية لمواطنيهم ، ويزاد الأمر سوءا مع التعرض لتأثيرا ت تسونامي كورونا ،التي تضرب في مقتل الكثير من القطاعات الاقتصادية الرئيسية مثل السياحة والطيران وما يتبعها من أنشطة ، وقد عانت منها دولا متقدمة منها ألمانيا وإيطاليا واليابان والصين وإمريكا ، والدول التي أغلقت حدودها ومطاراتها أمام شركات الطيران ، بسبب المخاوف من انتقال العدوى.

وقد أدي تفشي الفيروس في معظم دول العالم إلى انهيار البورصات العالمية، وتسجيل خسائر بمليارات الدولارات والتي لا يمكن حصرها بدقه مع سرعة الاصابة بالمرض التي تتسارع على مدار الساعة يوميا والتأثيرات السلبية على الاستثمارات والحركة التجارية العالمية والتي قد تستمر إلى سنوات مقبلة ، حتى تعلن المنظمات الصيحة المسؤلة عن احتواء الفيروس وزيادة الحصانة من المرض ، خاصة أن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) قد أشار في دراسة تحليلية أن الصدمة التي تتسبب بها كورونا ستؤدي إلى ركود في بعض الدول وستخفّض النمو السنوي العالمي هذا العام إلى أقل من 2.5%، وفي أسوأ السيناريوهات قد نشهد عجزا في الدخل العالمي بقيمة 2 تريليون دولار،
وأن تباطؤ الاقتصاد العالمي إلى أقل من 2% لهذا العام قد يكلف نحو تريليون دولار، خلافا لما كان متوقعا وهذا يعني أن العالم على عتبة ركود اقتصادي عالمي مع الذعر الشديد من انهيار أسعار النفط وما يسببه ذلك من تداعيات اقتصادية خطيرة ، تنعكس على أثارها على الدول المصدرة للنفط التي تعتمد في اقتصادها على دخلها النفطي ، بعيدا عن إمكانية تنوع مصادر الدخل التي يعلم الجميع مدى أهميته في الاقتصاديات الريعية ، وزيادة الديون وإفلاس الشركات وتوقف المشروعات الجديدة ، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تتاثر بشدة من هذه الأوضاع المتردية وتوجه الحكومات إلى ترشيد الإنفاق أو الامتناع عن ضح سيولة كافية لتنشيط الأسواق ودعم الصادرات ولاسيما في الدول المصدرة للسلع والمنتجات المختلفة ما يستوجب سرعة التحرك في اتخاذ البدائل التي تحمي الاقتصاديات من الانهيار المتوقع طبقا للمدخلات الحالية التي لا تبشر بالتعافي خلال سنوات قليلة ، خاصة إذا ظل هذا السيناريو قائما ومن هنا لابد أن تدرك الحكومات أهميه زيادة الإنفاق في هذه المرحلة تجنبا للصدمات الاقتصادية غير المتوقعة التي قد ينتج عنها انهيارات في القطاعات الانتاجية الرئيسية والتي لايمكن منطقيا استشرافها على المدي القصير.