تاريخ الأوبئة في عمان

بلادنا السبت ٢٨/مارس/٢٠٢٠ ٢٣:٣٥ م
تاريخ الأوبئة في عمان

مسقط – ش
قال الباحث في التاريخ العماني المكرم د.محمد الشعيلي أن موقع عمان البحري وانفتاحها على العالم ساهم في تعرضها للأوبئة والأمراض، ولا توجد اشارات كثيرة لانتشار الأوبئة في عمان ماقبل القرن التاسع سوى وفاة السيد حمد بن سعيد حاكم مسقط عام 1792 بمرض الجدري وهو من الأوبئة المعروفة.
وأشار د.محمد الشعيلي في حديثه لبرنامج "مع الشبيبة" أن القرن التاسع عشر شهد ظهور الأوبئة بشكل واضح في عمان ، حيث انتشر مرض الكوليرا في الهند عام 1817، و نتيجة للتداخل البحري والتجاري بين عمان والهند فقد انتقل إليها الوباء سنة 1821، حيث تعد الكوليرا أكثر الأوبئة التي انتشرت في عمان، خاصة في سنوات 1899 و 1904 و 1911.

وأضاف د.الشعيلي عضو مجلس الدولة أن فترة حكم السلطان فيصل (1888-1913) أكثر الفترات من حيث انتشار الأوبئة في عمان، حيث انتشرت في الهند عدة أمراض وأوبئة من ضمنها الطاعون والكوليرا والجدري وذلك عام 1897، و حاول السلطان فيصل اتخاذ بعض الإجراءات التي تحول دون وصولها إلى عمان، بمساعدة الإدارة البريطانية، خاصة في مينائي مسقط وجوادر، مؤكداً أنه رغم ذلك وصل وباء الكوليرا إلى عمان في سنة 1899 عن طريق الرحلات التجارية القادمة من الهند، و لم يقتصر انتشاء الكوليرا على مسقط، وإنما امتد ليشمل المناطق الداخلية من عمان، وسقط على أثره المئات من السكان.

وأشار د.محمد الشعيلي في حديثه لإذاعة الشبيبة إلى أن السلطان فيصل بن تركي اتخذ بعض الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الأوبئة في عمان منها: منع نزول ركاب السفن التجارية القادمة لعمان للموانئ، على أن تتم عملية تفريغ البضائع عن طريق البحارة انفسهم، وعدم الاختلاط بينهم وبين عمال الموانئ، كما تم إنشاء الحجر الصحي في حرامل بمسقط ، وذلك لاعتبارات جغرافية، وعليه تعد السلطنة من أوئل دول المنطقة في إنشاء المحاجر الصحية.

وقال د.الشعيلي أن البريطاني لوريمر ذكر في موسوعة "دليل الخليج" بأنه عندما تلاشت الكوليرا في يناير سنة 1900 وأعقبها الطاعون في مطرح ومسقط، استعان السلطان فيصل بطيبين هنديين لهما خبرة في مكافحة الطاعون.

وأشار د.الشعيلي إلى أن السلطان فيصل سلم جميع التدابير الوقائية إلى جراح القنصلية البريطانية في مسقط في مطلع أكتوبر عام 1900، - منذ ذلك الوقت تم تنظيم الإجراءات الوقائية في موانئ السلطنة وفقا لاتفاقية البندقية التي وقعت سنة 1897.

وذكر المكرم د.محمد الشعيلي أن السلطان فيصل أصدر قراراً بضرورة الالتزام بأنظمة السلطان الصحية من قبل الرعايا البريطانيين الساكنين في أراضي السلطان وذلك في يوليو سنة 1903، و شهدت سنة 1911 انتشار الكوليرا في عمان خاصة في المنطقة الشرقية في جعلان، توفي بسببها المئات، وفي نفس العام انتشر الطاعون في مسقط ومطرح، مما استدعى عزل قرية سداب الكامل للحد من انتشار الوباء، كما تم عزل بعض الحجاج الذين اشتبه فيهم اصابتهم بالوباء، وتلقوا العلاج اللازم دون تسجيل وفيات بينهم.

وأشار د.محمد الشعيلي كان العلاج في عمان ضد الأمراض والأوبئة يعتمد على الطب الشعبي والوصفات الخاصة به، و شهد مطلع القرن العشرين تطور الخدمات الصحية في عمان بإنشاء المستشفيات الحديثة وفقا لإمكانيات المتاحة في تلك الفترة، وكان من أبرز مظاهر هذا التطور افتتاح المستشفى الخيري سنة 1910 بمبادرة من السلطان فيصل بن تركي وفيما بعد أصبح لمستشفى طومس في مطرح دور كبير في معالجة الأمراض المختلفة التي كانت تصيب العمانيين.