مشروع إماراتي للمياه

مزاج الأحد ٢٩/مارس/٢٠٢٠ ٢٣:٢٠ م
مشروع إماراتي للمياه

كالين مالك

وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة،يتعين على نحو 20% من سكان العالم التعايش مع مشكلة ندرة المياه العذبة، فمن المتوقع أن تؤثر هذه المسألة على ما يقرب من نصف سكان العالم بحلول عام 2030. ولقد تكفّل بعض أبناء الخليج بمعالجة هذه المسألة.

ويأتي على رأس هؤلاء، رائد الأعمال الإماراتي "عبد الله الشحي" المقيم في أبو ظبي، حيث يطمح إلى سحب جبل جليدي من شمال القارة القطبية الجنوبية إلى بلاده في العامين المقبلين.
يقول عبد الله الشحي، البالغ من العمر 41 عاماً،: "نحن نتحدث عن مشكلة حقيقية، ويتمثل الدافع الرئيسي وراء هذا المشروع في العثور على موارد مياه عذبة جديدة تُفيد البشرية ."

حل يتسم بالاستدامة
تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة ، بل ودول الخليج بشكل عام ، من بين أكثر الدول اعتماداً على محطات تحلية المياه لتلبية احتياجاتها من المياه العذبة. ولكن هذه الطريقة باهظة التكلفة علاوة على أنها ضارة بالبيئة. تُلقى ملايين الجالونات من المياه المالحة في الخليج العربي، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة ملوحة مياهه كل عام، ومن هذا المنطلق يرى عبد الله أن هذا الخيار لن يدوم على المدى الطويل.
يعتزم مشروع جبل جليد الإمارات استخدام المياه من الجبل الجليدي المسحوب لتجديد موارد المياه في الإمارات.

لقد بدأ عبد الله الشحي أبحاثه في عام 2013، عندما أصدر كتابه "الربع العامر"، الذي يتضمن التفاصيل الخاصة بعدة مشروعات تتعلق بآليات جمع المياه العذبة وتوفيرها. ومن بين هذه المشروعات، ربط أنهار في باكستان والهند بدولة الإمارات عبر خطوط أنابيب ممتدة تحت سطح البحر.

اكتشف عبد الله أثناء الدراسة التي أجراها، مشروعاً مماثلاً عمل على تنفيذه عالم فرنسي في عام 1975 بالتعاون مع حكومة المملكة العربية السعودية. وكان الهدف من ذلك المشروع هو سحب جبل جليدي إلى البحر الأحمر كمورد مائي جديد للمملكة.

ويوضح عبد الله أنه قد تم تخصيص مبلغ 100 مليون دولار للمشروع في ذلك الوقت، ولكن شكلت المسائل الفنية عائقاً في طريق تنفيذه، والتي كان من بينها ضعف سفن السحب والمياه الضحلة في مضيق باب المندب.
ويقول عبد الله: "أما بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فقد تم حل هاتين المشكلتين، لأننا نمتلك في الوقت الحالي عدداً كبيراً من السفن القوية والصنادل البحرية،التي بمقدورها مساعدتنا في تنفيذ العملية بأمان. كما أننا سنرسو بجبل الجليد على الساحل الشرقي لدولة الإمارات العربية المتحدة، لذا فنحن لا نحتاج إلى العبور من مضيق هرمز."

من المتوقع، ووفقاً لما ذكره عبد الله الشحي، أن تذوب 30% من كتلة الجبل الجليدي خلال الرحلة التي تستغرق تسعة أشهر، إلا أن الكتلة المتبقية ستوفر مياه الشرب لما يصل إلى مليون شخص على مدى خمس سنوات، وذلك حسب حجمها.

ويشير عبد الله قائلاً: "إن خطتنا الأولية تتلخص في نقل الجبل الجليدي إلى مدينة بيرث في غرب أستراليا أو إلى مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا وبدء الاختبار التجريبي له. وخلال الشهر المقبل، سيتم إصدار التقنية الخاصة بالتحكم في معدل ذوبان جبل الجليد إلى أدنى حد في المملكة المتحدة، الأمر الذي سيضمن سلامة الجبل أثناء عبوره."

يعمل عبد الله في نفس الوقت على جمع الأموال لصالح الشركة المنفذة قبل إطلاق المشروع في يونيو 2020. ويتوقع أن تصل تكلفة الاختبار التجريبي إلى 70 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو 150 مليون دولار لاستكمال عملية النقل إلى الإمارات العربية المتحدة وتشغيل المشروع. ويُشكل الوقت عاملاً جوهرياً في هذا الأمر بالنظر إلى المهلة الزمنية القصيرة (من نوفمبر إلى مارس) لضمان عملية العبور الآمن للجبل الجليدي في البحر.
ويضيف عبد الله: "نأمل أن يتم تنفيذ الاختبار التجريبي خلال ثلاثة إلى أربعة أشهر بحلول نهاية عام 2022. وأتمنى أن أكون حاضراً أثناء عملية النقل الفعلية."

يعتبر المشروع، من وجهة نظر عبد الله، "مهمة أُنجزت" على طريق حل واحدة من أكثر القضايا أهمية على مستوى العالم، ألا وهي ندرة المياه.
ويختتم عبد الله حديثه قائلاً:"قد ينطبق هذا أيضاً على دول أخرى في المستقبل، فكلما تزايد عدد السكان، زاد الطلب على المياه. وسأكون شاكراً لله لإعطائي هذه الفرصة لمساعدة البشرية."