هل تستطيع التكنولجيا إنقاذ كوكبنا ؟

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٣١/مارس/٢٠٢٠ ٢٣:٥٨ م
هل تستطيع التكنولجيا إنقاذ كوكبنا ؟

بقلم: علي بن راشد المطاعني
ببساطة متناهية غير أنها شديدة الدقة يمكننا القول نحن شعوب كوكب الأرض أن الآمال باتت معقودة أكثر من أي وقت مضى على التكنولوجيا الحديثة والذكاء الإصطناعي لتخرجنا من ما نحن فيه بعد أن حلت بنا جانحة كورونا كصقر ثاقب النظرة جارح إستطاع أن يغطي سماء كوكبنا بجناحية في واحدة من أكبر النوازل التي حلت بنا منذ الكساد الإقتصادي الكبير الذي بدأ مع إنهيار سوق الأسهم الأميركية في أكتوبر 1929 ، وقتها وقف الناس على تلال الفاقة والفقر يبحثون في مكبات النفايات عن طعام يسكتون به صرير الجوع ، ثم مالبث أن عاد ذات الوضع مرة أخرى في عام 1932 وكان ذلك إرهاصا لإندلاع الحرب العالمية الثانية .

الآن كورونا يقف بنا ومعنا على أعتاب كساد اعظم ربما يفوق ضراوة في حجم ظلامه كل ماسبقة ، غير أن ثمة أختلاف لا تخطئة العين مابين ماحدث في الماضي وما يحدث الآن 2020 ، فالآمال معقودة الآن على الذكاء الإصطناعي والحوسبة السحابية في إطار جهود لابد من أن تبذل لجبر الأضرار حتى لا ننزلق إلى الأسوأ الذي رأيناه في القرن الماضي .

لقد وجد سكان كوكبنا أنفسهم أمام خيار أوحد لاثان له وهو إغلاق الأبواب والنوافذ بأحكام عليهم هروبا وخوفا ، لقد توقف دوران عجلة الإنتاج في معظم دول العالم ، وتقلص وجود الصناع والزراع في معاملهم وحقولهم ، وضرب الكساد الجديد عماليق الشركات العالمية في الطيران والإبحار والصناعات كافة ثقيلها وخفيفها ، وتوقفت حركة السياحة العالمية مما يشير إلى مصاعب ربما تكون فادحة تنتظر الدول المعتمدة كليا على السياحة في القريب العاجل ، تلك كلها مؤشرات ضبابية لبزوغ نجم الكساد العالمي الجديد مالم تستطيع دول العالم تسخير الذكاء الصناعي في السباق المحموم للوصول لقمة الخلاص والإنعتاق وبناء على أيهما كان أسرع في سباق تحديد المصير .

صحيح ان العام 2019 شهد بزوغ نجم الإطلاق التجاري لشبكات الحوسبة مدعومة بتنقيات الجيل الخامس ومجسات الذكاء الإصطناعي فائقة الجودة والسرعة والقادرة على تنزيلData ضخمة الحجم في ثوان معدودة ، فضلا عن رفد ميزة التواصل بين البشر في كل أرجاء المعمورة بتسهيلات مدهشة تفضي إلى تقارب الشعوب والأفراد من بعضهم .

هذه الثورة التكنولوجية الأحدث لايمكننا التعويل عليها إن لم تستطع تقديم حلول مبتكرة وسريعة تنأى بنا عن توابع زلزال كورونا والأخذة في الإتساع مع مرور الأيام ، على ذلك فإن العام القادم 2021 على أكثر تقدير يعد هو المحطة الأهم لإتضاح معالم التغيير الواجب تفعيلة في منظومة الحياة المعاصرة ، فإن إستطاع بالفعل الأخذ بتلابيب المعضلة من خلال تحديث منظومة العمل عن بعد والتي تم الركون إليها بغتة وبغير إستعداد كاف بعد أن قال كورونا كلمته صراحة ، وفي العام القادم أيضا لابد من أن تغدو منظومة العمل عن بعد جاهزة وقابلة وقادرة على إستيعاب أي توقف في دولاب العمل إذا ما أطل أي طارئ جديد برأسه من خلف جدران الحُجب ، كما أن الطب الرقمي لابد من أن يدلي بدلوه بعد أن شاهدنا ورأينا مدى الإرهاق والعنت الذي واجهه الطب التلقيدي في تصديه لكورونا .

فالخسائر التي تكبدتها البشرية منذ ظهوره في يوهان الصينية وحتى الآن يعد ببلايين الدولارات ، وهي مبالغ يستحيل تعويضها في العقد القادم ، كما يستحيل رتق الثغرة التي أحدثها في النسيج الاجتماعي الإنساني على مستوى الكوكب ، تلك حقيقة مثلى لابد من التعاطي معها وإذ نحن نرهن رفاهيتنا على عصارة الذكاء الإصطناعي كرهان أوحد .

إذن فإن المسألة تتجاوز ابعادها السياسية المحضة فالتراشق الأحمق الذي نسمعه بين الفنية والفنية مابين واشنطن وبكين في حرب إستعراض القدرات والعضلات ليست هي مكمن الخطر ، المسألة تتعدي الصين وأميركا لتمس صميم بقاء البشرية في كوكب الأرض وقبل أن يأتي أوان إنقراض الجنس البشري والذي كان حاضرا في الأذهان متمثلا في أرتال الجثث التي رأيناها في عواصم شتى من المعمورة بعد أن أودى بهم كورونا العنيد .

لابد من إبتداع منهج الوسطية الكوني القادر على المزج مابين النظريات الإنتقامية المحتدمة إلى عوالم الصفح الجميل وغض الطرف عن الموبقات لما فيه صالح البشرية جمعاء ، وهو ذاته النهج الذي إبتدعه سلطنة عُمان وأمسى كرمز أممي يهرع إليه الفرقاء بحثا عن حلول تجنب البشرية ويلات الحروب .