الزموا بيوتكم !

مقالات رأي و تحليلات السبت ٠٤/أبريل/٢٠٢٠ ٢١:٣٢ م
الزموا بيوتكم !

بقلم: علي بن راشد المطاعني
في الوقت الذي دخلت فيه السلطنة مرحلة النقل المجتمعي لفيروس كورونا، وفق ما أوضحت وزارة الصحة التي تعد من أشد مراحل تفشي الأوبئة، فإن الالتزام بالمكوث في المنازل أصبحت واجبا وطنيا وصحيا يتطلب من الجميع الالتزام به والتقيد بتعليمات اللجنة العليا المكلفة بالتعامل مع فيروس كورونا؛ من أجل سلامة البلاد والعباد من كل شرور هذا الوباء العالمي، وتعزيزا للجهود المبذولة من الجهات المختصة التي تبذل جهودا كبيرة في احتواء هذا الفيروس بكل السبل والإمكانيات المتاحة، إلا أن كل ذلك لن يجدي نفعا إذا لم يتكاتف جميع المواطنين والمقيمين في البلاد من أجل تجاوز هذه المرحلة الخطيرة في تاريخ البلاد.
فبلا شك أن السلطنة ومن خلال جهود الاخوة بوزارة الصحة في المقام الأول، استشعروا الفيروس منذ بداياته في شهر يناير الماضي، وأخذوا الاحتياطيات اللازمة لاحتوائه، وتزايد الاستعدادات كما وكيفا وفقا لتطورات الفيروس‏، نتيجة لذلك فإن الإحصائيات في السلطنة ما زالت الأقل في المنطقة وهو تطور يحسب للقائمين بالوزارة وأطقمها الطبية، بل وتزايد الأعداد في الحدود المعقولة مقارنة بالعديد من المتغيرات كنسبة السكان وتزايد الإصابات بالفيروس في الدول الأخرى، فضلا عن التشافي من الحالات يسجل تطورا ملحوظا يعكس قدرة النظام الصحي في التعاطي مع هكذا أوبئة وأمراض، إلا أن كل تلك النجاحات لا تعني ألا نبذل الجهد الكافي للوصول لمرحلة التصفير في الحالات وتشافي كل المصابين بإذن الله، وهو ما تطالب به الجهات المختصة.
ولعل الإجراءات التي اتخذت والتسهيلات التي منحت للعمل من المنازل وتخفيض نسب العاملين في الأجهزة الحكومية إلى 30 بالمائة وإغلاق المحلات والأنشطة الاقتصادية والوصول إلى عزل بعض الولايات صحيا كولاية مطرح يأتي في إطار محاصرة الفيروس وتضييق انتشاره إلى أقل اتساع ممكن، وهو ما يجب علينا كمواطنين ومقيمين تقديره والتفاعل معه بالإيجابية التي تعكس تحضرنا ودورنا المجتمعي المساند لمثل هذه الجهود الكبيرة والمقدرة على كل الأصعدة والمستويات.
‏وعلى صعيد الحجر الصحي المؤسسي للقادمين من خارج السلطنة من طلبة ومسافرين وفرت الدولة أكثر من 4500 غرفة في فنادق خمس نجوم، ووفّرت كل وسائل الأمن والسلامة والعناية الصحية والاحتياطات الوقائية بعد مطالبات بالجحر المؤسسي، إلا أن البعض لا يعبأ بالحجر الصحي للأسف ويعمد لعدم الالتزام به وبتعليماته ضاربا عرض الحائط بكل ما يُقال في هذا الصدد.
وعلى صعيد الأنظمة القوانين الرادعة للمخالفين للتعليمات وعدم الالتزام بالحجر الصحي فقد جاء المرسوم السلطاني السامي رقم 32/2020 بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الأمراض المعدية الصادر بالمرسوم السلطاني السامي رقم 73/1992، فالتعديلات الجديدة غلظت العقوبات على غير الملتزمين بالأنظمة الصحية المعمول بها في البلاد.
وأصدر الادعاء العام مذكرات إلقاء القبض على متهمين لمخالفتهم إجراءات العزل المنزلي فتم ضبطهم وإيداعهم العزل الصحي المؤسسي تمهيدا لتشكيل ملفات قضائية وفق التعديلات في المرسوم بشأن الأمراض الوبائية، فهذه الإجراءات خطوة مهمة لإظهار الانضباط وإحكام القانون في التجاوزات التي تضر بالصحة العامة كغيرها من مهددات المجتمع خاصة أنه تم الإعلان عن كورونا بأنه وباء، فالبعض لا يلتزم إلا بالقوة والنظام يجب تطبيقه.
فاليوم الأنظمة الصحية الدولية تنهار تحت ضربات للفيروس ساحقة، ويتطلب منا جميعا الإسهام في إصحاح المجتمع ووقايته من الأمراض من خلال تأصيل الوعي المجتمعي بطرق الوقاية، فالمواجهة الدائرة حاليا ستغيّر الكثير من المفاهيم التقليدية السائدة، ولعل نجاح الصين في القضاء على الفيروس تأتي نتيجة الالتزام الجاد من الشعب هناك بالتعليمات الصارمة في هذا الصدد، سيما وأنها لم تطبق الحجر المؤسسي وإنما اتبعت الحجر المنزلي مع وجود وعي مكتملة أركانه من الأفراد بالواجبات التي تمليها قواعد الانضباط.
إن تشكيل الوعي المجتمعي أصبح يفرض نفسه بقوة في مواجهة مثل هذه الظروف، واتباع الإرشادات يجب أن يكون ثقافة عامة وسلوك مجتمع متفق عليه من الجميع؛ فالفيروس استطاع تركيع دول عظمى بل إن بعضها رفع رايات الاستسلام بلونها الأبيض المعروف عالميا.
كما لا ننسى أن هناك من التزم ويلتزم بالتعليمات والتوجيهات الخاصة بالحجر المنزلي قبل المؤسسي لإيمانهم بأن ذلك يعد أحد المسلمات الوطنية التي يجب أن ينهض بها الفرد في بلاده، ضاربين أروع الأمثلة في الإيثار والعمل على مشاطرة الدولة في حمل الأمانة ثقيلة الوزن.
نأمل أن يكون ما سمعناه من عدم التزام البعض وفي هذا المنحى الخطير الذي يمر به الوطن بمثابة الفرصة الأخيرة لهم لإعادة النظر في هذه التصرفات التي يمكن وصفها بالخطيرة؛ فالقضية وفي مجملها هي مسألة أن نكون أو لا نكون، نعم الأمر كذلك وهذا ما يجب أن يستوعبه الجميع بنحو واضح وجلي.