السويد تتحدى كورونا.. وترفض الحظر

مقالات رأي و تحليلات السبت ٠٤/أبريل/٢٠٢٠ ٢١:٣٢ م
السويد تتحدى كورونا.. وترفض الحظر

محمد محمود عثمان
رفضت مملكة السويد وهى ثالت أكبر دولة فى الاتحاد الأوروبي من حيث المساحة، وعدد سكانها يصل نحو9.2 مليون نسمة، الاجراءت التي اتخذتها كل دول العام لمواجهة فيروس كورونا، ولها حجتها ومنطقها الذي يمكن أن نستفيد منه مع بعض الاضافات والتعديلات حتى تظل الدماء تتدفق في اوصال القطاعات الاقتصادية، بعد أن القى كرورنا بظلاله الكئيبة وفرضها على كل مناحي الحياة في كل بلدان العالم، فقد رفضت السويد عمل أي حظر تجوال أو تعطيل عمل أو أي شيء من هذه القرارات التي تسعى كل دول العالم إليها لمحاربة انتشار فيروس كورونا قررت أن يستمر الناس في مزاولة أعمالهم في الحياة اليومية العادية بدون اي تغيير وكل ما اتخذته من قرارات هو منع تجمع أكثر من خمسين شخصا وليس عشرة أو أثنين كما في بلاد أخر وسمحت بوجود خمسين شخص في المطاعم والمقاهي والحانات والمحلات والقاعات التعليمية أو قاعات العمل أو المؤتمرات، وفي ظل هذه الاجراءات لا يوجد في السويد سوى حوالي 3500 حالة إصابة بفيروس كوفيد-19 و105 حالة وفاة وهي قد لا تختلف كثيرا عن الأعداد المعلنة في في بعض الدول التي طبقت الحجر الكامل وكل أنواع الحظر ما يدعم وجهة النظر السويدية.
وكانت نصيحة الحكومة السويدية للناس هى البعد عن بعضهم بمسافة لا تقل عن متر والاهتمام بالنظافة، وقد طلبت المنظمات الدولية من السويد عمل حظر أو تقليل العمل، ولكنها لم تستجب لذلك لقناعتها بانه لا يوجد دليل علمي على أن الحظر يمنع انتشار الفيروس، وليس معنى أن الفيروس تراجع في الصين أنه كان بسبب الحظر.، ولأن أي مكان يصيبه الوباء يزيد ثم يتراجع فهذا أمر طبيعي، فهو أصاب ايطاليا.بقوة رغم الحظرالشامل، وسيبدا في التراجع وكذلك اسبانيا، كما ان تعطيل العمل يسبب كوارث وأزمات أكثر بكثير من الفيروس نفسه، فضلا عن الكوارث الاقتصادية والاجتماعية القادمة بسبب هذا التخبط، ولكنها ايقنت بخطر الفيروس على كبار السن، وهي طبقة لا تعمل أساسا فقررت منع خروج من هم فوق السبعين عاما حفاظا عليهم، وتركت باقي الشعب يعمل ويعيش عادي مع التوعية بالاحتياطات الطبية اللازمة، واعتبرت أن ذلك أكثر منطقية وعملية من إصابة الحياة بالشلل التام، وأن يتعلم الناس قواعد الصحة العامة خير من قطع أرزاقهم وتعطيل حياتهم، ومن ثم تعطيل عجلة الحياة والانتاج عن الدوران، وما لذلك من تأثيرات سلبية على الاقتصاد والمجتمع لسنوات عجاف قادمة.
وهذا في نظري منطق يمكن أن نقبل به أو ببعض منه، خاصة مع توقف الدراسة في المدارس والجامعات وتعليق الصلاة في المساجد والكنائس وحظر التجمعات في المؤتمرات والندوات والمعارض بمختلف أنواعها، وتوقف الأفواج السياحية، وتوقف حركة السفر في المطارات، وجميعها تمثل أكبر التجمعات البشرية في أي مجتمع، والاكتفاء بعزل القادمين من الخارج والأماكن أو الأحياء أو المدن التي تمثل بؤرا للفيروس، ومن ثم يمكن محاصرة المرض محاصرة تامة في هذه المناطق، والتركيز على الوقاية والعلاج حفظا على أرواح المواطنين التي تعد أولى أولويات الحكومات وعدم المخاطرة في ذلك، ووضع الضوابط والشروط التي تنظم التجمعات الأخرى، بحيث لايجب ألا تزيدأية تجمعات عن 5 أشخاص مع التباعد التام بينهم، وخفض عدد العاملين بالمصانع والشركاتوالمحلات وتقليل ساعات العمل، بدلا من الإغلاق الكامل، حتى يمكن أن تدبر على الأقل الموارد المالية للوفاء بالأجور والمرتبات والإيجارت والقروض وباقي الالتزامات وتنفيذ العقود المبرمة مع الغير على المستويين المحلى والدولي إذا وجدت، وفي ذات الوقت ترفد المجتمع ببعض من احتياجاته السلعية والغذائية والخدمية أو الصحية وأعمال الصيانة والإصلاح للمركبات والإجهزة الالكترونية والمنشآت والعقارات أيضا، مع التأكيد على أخذ الاحتياطات من تعقيم الشوارع والمحلات والمولات التجارية والهايبر ماركت والمصانع، وإلزام الشركات والمحلات والمتعاملين معهم باستخدام الكمامات والقفازات والمطهرات، بمساعدة وإشراف الجهات المختصة والمتخصصة بما لديها من إمكانات وخبرات، مع تشديد الرقابة والمتابعة من السلطات الحكومية المتمثلة في الشرطة والسلطات البلدية والصحية، مع تدخل القوات المسلحة إذا لزم الأمر، ضمانا للالتزام بالتعليمات وتشديد العقوبات على المخالفين، بدلا من الشلل التام الذي يصيب الانشطة الاقتصادية والتجارية في مقتل، والذي يسبب في أضرار مستقبلية بالغة على الاقتصاد، لا يمكن أن تتحملها الدول ولا القطاع الخاص أو الأفراد ومنها سداد أجور الموظفين والعمال الذين توقفوا عن العمل والإنتاج ولا تستطيع الشركات الوفاء بها، حيث أننا لا نعلم يقينا او حتى توقعا متى تنتهي فترات الحظر أو متى نتخلص نهائيا من فيروس كورونا؟؟ ومن هنا لابد أن تفكر الدول جديا في مدى الاستفادة من الاستراتجية التي طبقتها مملكة السويد، لأن الأضرار سوف تستمر وتتضاعف الخسائر، وتتفاقم تكلفة التعويضات التي سوف تقدم للقطاعات المتضررة، وتكون الاشكالية الأكبر والأخطر في الاقتصادات التي لا تتوافر لديها احتياطيات أو فوائض مالية كبيرة، وهى تعتمد في معظم أو كل مواردها على عائدات النفط الذي تأثرت أسعاره كثيرا عن معدلاتها التي اتخذت كأساس في حساب الموازنات المالية.