نُصرة قضايا نبيلة

مزاج الأحد ٠٥/أبريل/٢٠٢٠ ١٩:٥٥ م
نُصرة قضايا نبيلة

جينيفر بيل

استطاعت منى شهاب، وهي من أكثر المستكشفين السعوديين شهرة، تسلق بعض القمم الجبلية الأعلى في العالم. وخلال تجربة تسلقها هذه الجبال، كانت تعمل على جمع الأموال لخدمة عدد كبير من القضايا النبيلة، من بينها مرضى السرطان واللاجئين السوريين، وكانت في الوقت نفسه تنشر الوعي بين الناس بشأن قضايا قريبة إلى قلبها مثل: سرطان الثدي والصحة النفسية.

ويتجلى هدف منى السامي في سعيها للحصول على لقب "جراند سلام" العريق في تسلق الجبال، الذي يُمنح للمغامرين، الذين يصلون إلى القطبين الشمالي والجنوبي، ويتسلقون كل القمم السبع. وإذا نجحت منى في ذلك، فستكون أول سعودية تحصل على هذا اللقب.

وتقول متسلقة الجبال المِقدامة إنها توازن في الوقت الراهن بين التسلق لأهداف نبيلة وعملها للحصول على درجة الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي. وتضيف منى قائلة: "لقد أحببت دائماً الأنشطة التي يمارسها الإنسان بين أحضان الطبيعة. لم يعجبني إطلاقاً أن أكون في مكان مغلق. واكتسبْت جينات المغامرة من والدتي، وجينات الإنسانية من والدي. ولم أكن أعرف أنني قد أجد طريقة للجمع بينهما في عمل يساعد على نشر القليل من الخير."

انتقلَت شهاب إلى الولايات المتحدة لإتمام دراستها، حيث كانت تعمل في مستشفى بوسطن للأطفال. وهناك، اقترح عليها أحد الأصدقاء المشاركة في تسلق جبل كلمنجارو. وبحلول عام 2011، جرى التخطيط للرحلة، وفي السنة التالية خاضت منى أول تجربة لها في تسلق الجبال.

وتتذكر منى تلك التجربة قائلة: "تعلقت بعشق تسلق الجبال في عام 2012، عندما اتجهت نحو تسلق أحد الجبال في أفريقيا. وعلى الرغم من أن اليوم الثالث كان شاقاً، حيث كنت على وشك أن أقر بالهزيمة، كنت أشعر في أعماق قلبي أنه لن يكون آخر جبل أتسلقه بإذن الله."

وتواصل حديثها: "كنت رفقة أصدقائي نتسلق الجبال للمساعدة في جمع الأموال لبناء أول مركز للكشف المبكر عن السرطان في المنطقة الشرقية برئاسة جمعية السرطان السعودية. ولعل الشرارة الحقيقية التي دفعتنا هي كوننا قادرين على الجمع بين الشغف وعمل الخير."

وساهم نجاح تلك التجربة إلى تكرارها بتسلق جبال أخرى، من بينها جبل أكونكاجوا في أمريكا الجنوبية، وجبل توبقال في المغرب، و جبل كلمنجارو في أفريقيا، و جبل إلبروس في أوروبا، و جبل فينسون ماسيف في القطب الجنوبي.

واستطاعت منى حتى اليوم جمع أكثر من 500 ألف دولار لفائدة جمعيات خيرية، من بينها جمعية السرطان السعودية وجمعية زهرة لسرطان الثدي، ومبادرة تسلَّق من أجل دعم مرضى السرطان/مركز الحسين للسرطان، ومبادرة مروة فايد "توي ران" لجمع وتوصيل الألعاب القديمة للأطفال المحتاجين،وجمعية الدعم الاجتماعية في لبنان.

وقد يكون أحدثُ إنجازاتها في عام 2019 بل وأشهرها على الإطلاق هو تسلق جبل إيفرست. وأتمَّت منى تلك الرحلة الطويلة والمرهقة في تسلق جبل إيفرست إحياءً لذكرى صديقتها الراحلة مروة فايد، زوجة عمر سمرة. لقد كان عمر أولَّ مصري يتسلق قمة إيفرست والقمم السبع ويتزلج إلى القطبين الشمالي والجنوبي. لقد دفعت ذكرى مروة - والجمعية الخيرية التي تأسست لتكريمها- منى للمثابرة في إنجاز مهمتها والوصول إلى إيفرست.

وبعيدا عن الجبال، ترى منى أن أحد أهم إنجازاتها يتمثل في مبادرة شعبية شاركت في تأسيسها في عام 2014 و التي تحمل اسم "محور التمكين"، وهي تركز على تدريبات اللياقة البدنية في الهواء الطلق وإقامة فعاليات خاصة بصحة الشباب والنساء.

وتقول منى عن هذه المبادرة: "أردت وأصدقائي أن نغير الأفكار المتعلقة بطبيعة نمط الحياة الصحية. أردنا أن نثبت للآخرين في وقتٍ كانت فيه مراكز اللياقة البدنية الخاصة بالنساء والصالات الرياضية نادرة وباهظة الثمن، أن الحفاظ على النشاط البدني واللياقة البدنية قد يكون مُسليا ومُجزيا."

ويتمثل الهدف طويل المدى الذي تضعه منى نُصب أعينها في الوصول إلى القمم السبع؛ أعلى الجبال في كل قارة من القارات السبع.
وتسترسل منى في حديثها قائلة: "أتمنى أن ينضم السعوديون إلى مصاف الأشخاص، الذين حققوا هذا الإنجاز وهم أقل من 50 شخصا في جميع أنحاء العالم. و سيشرفني ويسعدني أن أتمكن من تتويج بلدي بهذا اللقب، وإذا لم أستطع القيام بذلك، سيسعدني بالمثل أن يحظى أي مواطن من السعودية بهذا الشرف. وأنا أعمل من أجل تحقيق هذا الهدف."

ويتمثل "إنجاز إيفرست الحالي" بالنسبة لها في حصولها على شهادة الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي في هولندا، وهو ما يسمح لها بالعمل مع اللاجئين، الذين يعانون من الصدمات النفسية المعقدة. وبينما تلتزم منى بدراستها والعمل الخيري وطموحها بتسلق الجبال، فإنها ترى أن هدفها الحقيقي هو أن تكون "أفضل نسخة من نفسي في كل يوم."

وتختتم منى كلامها قائلة: "أسعى جاهدة إلى أن أتمسك بفكرة كوني عملا في طور الإنجاز، لأنها إذا غابت عن بالي، ستموت تلك الشرارة المشتعلة داخلي، التي تدفعني لأخطو الخطوة التالية في هذا المنزلَق الذي نسميه الحياة. أتمنى أن تترك قصصُنا أثرا في نفوس الآخرين بعد فترة طويلة من رحيلنا."

صحفية مستقلة، حيث تكتب لصالح العديد من المؤسسات الإعلامية والصحفية في مختلف أنحاء المنطقة.