بدلات واقية .. صُنعت بحب

مزاج الأحد ٠٥/أبريل/٢٠٢٠ ٢٠:٠٥ م
بدلات واقية .. صُنعت بحب

تحدثت عبر واتساب مع مديرة مشغل الأم للخياطة في صيدا، وفاء وهبي، لتشرح لي بالتفصيل عن عمل النساء في وجه جائحة كورونا التي طالت غالبية دول العالم. في زمن كورونا حينما طُلب من معظم الأفراد البقاء في المنزل والعمل من البيت، بعض النساء قرّرن عكس ذلك وأبين إلّا التوجه إلى "مشغل الأم" للخياطة في صيدا اللبنانية. نساء قرّرن أن يضطلِعن بدور فعّال في وجه هذه الجائحة وبغية سدّ النقص والحاجة الملحة في لبنان.

فهذا المشغل الذي تأسس عام 1994 لصناعة جميع أنواع الأزياء والمطرزات والبياضات تحوّل اليوم، في عام 2020، مشغلاً لصناعة البدلات الواقية من فيروس كورونا. وتطلعنا وفاء وهبي، مديرة "مشغل الأم" أنّ "الفكرة ولِدت مع انتشار كورونا في المناطق اللبنانية وظهور نقص المستلزمات في الأسواق.

شعرنا أننا بحاجة إلى مساعدة مجتمعنا اللبناني والمدني وبالأخص مع إقفال الحدود والمطارات وتوقف استيراد هذه البدلات الوقائية". وبالفعل، تخبرنا وهبي أنهم أجروا العديد من الأبحاث والتجارب بالتعاون مع مهندسين ومتخصصين لاكتشاف أفضل نوع من القماش المتوفر في السوق اللبنانية والذي يمنع السوائل والرذاذ من الوصول إلى جلد مُرتديه، مثل مادة "تيتانيوم تي أن تي" التي تحجب المؤثرات الخارجية.

وهكذا بدأت 20 امراة تقريباً من المشغل يصنّعن 400 بدلة واقية يومياً حيث تحتاج كل منها نحو 15 إلى 20 دقيقة لخياطتها. طلبٌ متزايد على حد قول وهبي التي تقول أنهنّ حالياً يتعاونون مع الصليب الأحمر اللبناني ومنظمة الصحة العالمية.

وكان مدير العلاقات العامة والإعلام في الهيئة الإسلامية للرعاية (التي أسست المشغل)، غسان حنقير قد صرّح سابقاً لإحدى الوسائل الإعلامية اللبنانية أن المستشفيات والعاملين في الصيدليات وهيئات الإغاثة والمطاعم... يحجزون مئات البدلات يومياً. كما أشار إلى أن ثمنها رمزي لا يبغي الربح لا بل لكي يكفي لشراء المواد ودفع بدل أتعاب العاملات. فدعونا لا ننسى أن نساء المشغل هنّ من الفئات المهمّشة في المجتمع اللبناني وهنّ أكثر الحاجة إلى المساعدة. فعند تأسيس المشغل قبل 25 سنة، كان اعتبار المُعطى الاجتماعي أساساً لاختيار اليد العاملة. وهنا تخبرنا وهبي "نوفّر العمل للمرأة المحتاجة من المطلقات أو الأرامل أو اللاجئات..".

وتتابع "نقدّم لهنّ دورات خياطة سنوياً مدتها 6 أشهر لتأهيلهنّ. وفي نهاية الدورة، نقدّم لهن ماكينات خياطة. أما للنساء المتفوقات، فنوفر لهنّ وظيفة في مشغلنا". نساء، على الرغم من ظروفهّن الصعبة أو ربما بسببها، أبَين البقاء في المنزل لتلبية الطلب المتزايد على البدلات الواقية وإنما أيضاً، لخياطة مستلزمات أخرى، على حد قول وهبي، مثل الكمامات البلاستيكية والأحذية.. وتشدّد وهبي أن المسؤولين عن "مشغل الأم" حريصين على سلامة العاملات. ففي حين كان عدد العاملين في المشغل أكثر بكثير، هم حالياً 20 شخصاً فقط يتناوبون على دوامَي عمل إلا أنها تضيف " لا نعرف ما إذا كنّا سنزيد العدد أم لا، نحن نعمل بوضع طوارئ يومي قد يتغيّر في أي وقت".

وتتابع أنّ المشغل يتمّ تعقيمه باستمرار إضافة إلى توفير الكمامات والقفازات لكل سيدة وأخذ درجة حرارتهنّ عند الوصول واجلاسهنّ بطريقة سليمة بعيداً عن بعضهن البعض. ويشدّ د. كامل كزبر، عضو بلدية صيدا والمسؤول عن ملف كورونا الذي تواصلنا معه عبر الهاتف، على أيدي سيدات "مشغل الأم" قائلاً إن المبادرة تفكير ذاتي نتيجة الأوضاع ومعالجة مشكلة نقص الألبسة الواقية وأن البلدية تتعاون مع المشغل وغيره من المؤسسات الناشطة لأخذ الحيطة والحذر وللتقليص من حجم الكارثة. وعلى هامش التعاون مع "مشغل الأم"، يخبرنا د. كزبر أن البلدية تعمل على التوجيه والإرشادات والتعقيم إضافة إلى فرض الحجر المنزلي وتوزيع المواد المعقمة والغذائية والأدوية للمناطق الأكثر فقراً. ويبقى أنه على جميع طيّات المجتمع، رغم كل اختلافاتهم وآرائهم، أن يوحّدوا الجهود لمواجهة جائحة كورونا. ولا يسعنا إلا أن نُثني على جهود سيدات "مشغل الأم" اللواتي يعملن بالكثير من الحب لخدمة بلدهنّ وأهله لمواصلة مشوار الخدمة الاجتماعية الذي كان بدأ، أصلاً، مع تأسيس المشغل. متخصصة في الثقافة والموضوعات الاجتماعية والمبادرات