هذه الالتزامات يجب أن تُدفع!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٠٥/أبريل/٢٠٢٠ ٢١:٤٤ م
هذه الالتزامات يجب أن تُدفع!

بقلم: علي بن راشد المطاعني
في الوقت الذي تعمل فيه الحكومة بكل طاقاتها وإمكانياتها لمعالجة تداعيات الأزمة الناتجة عن الجائحة "كورونا" وتأثيراتها على كافة الصُعد والمستويات ومن ضمنها بطبيعة الحال المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد من خلال تخفيف الإجراءات وتأجيل سداد الالتزامات وغيرها، إلا أن المجتمع يجب أن يتفاعل إيجابا ‏مع هذه المؤسسات من خلال دعمها باستمراره في أداء التزاماته لها بعدم تخفيض حقوقهم لمجرد توقف الخدمة احتراما وانصياعا لقرارات اللجنة العليا ومنها المدارس الخاصة والحضانات وغيرها من المحاضن التربوية التي هي الأخرى عليها التزامات واجبة الوفاء كالإيجارات ورواتب المعلمين والمعلمات والموظفين، فعدم استكمال دفع مستحقات هذه المدارس من أقساط لنهاية العام من شأنه أن يلحق الضرر بشرائح كبيرة من أبناء المجتمع الذين لديهم التزامات تجاه أسرهم وتجاه الحياة يتعين الوفاء بها أيضا .
الأمر الذي يتطلب تدخل وزارتي التربية والتعليم والتنمية الاجتماعية بإخطار أولياء الأمور بأن الالتزامات والرسوم السنوية التي تُدفع على أقساط وكل الارتباطات السابقة للأزمة يجب أن تستمر؛ فالظروف معلومة وليست بحاجة لإيضاح وقد حددها القانون بجلاء .
بلا شك أن تعزيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد ليست مسؤولية الحكومة فحسب، وإنما المجتمع بأكمله وذلك يتطلب التعاضد والتكاتف لتجاوز الأزمة بأقل التكاليف والخسائر الممكنة، وذلك من بعد إلقاء نظرة موضوعية وشاملة على مجمل الأوضاع .
إن الأدبيات والأخلاقيات التي تمليها عليها ضمائرنا الحية وديننا الإسلامي الحنيف يحتم علينا أن نفي بالاستحقاقات حيال هذه المؤسسات ويمكننا في سبيل الوصول لهذا اليقين الساخن أن نسأل أنفسنا سؤالا واحدا بعدها سنصل للقناعة الكاملة، فلو أننا جدلا وفرضا ولا قدر الله توقفنا عن سداد هذه الالتزامات فماذا ستفعل تلك المؤسسات التي نحتاجها فهي حاضنة أبنائنا تعليما وتربية وصقلا، النتيجة الحتمية والتي لا ثاني لها هي توقفها عن أداء مهماتها وتسريح العاملين لديها وأيضا تسريح فلذات أكبادنا، تلك هي الصورة لننظر إليها بهذا النحو الواضح، فليس لهذه المؤسسات أي مصدر آخر لتسيير أعمالها ولبقائها على قيد الحياة غير التزاماتنا المادية تجاهها .
يجب علينا في هذا المنعطف الذي نمر به أن نعي حقيقة أن الاقتصاد وفي معناه الأشمل عبارة عن حلقة مترابطة ومتسلسلة، ذاك مشهد صورة الحديث النبوي الشريف بنحو دقيق والقائل :(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
نحن ندرك بأنه يمكن للمدارس وغيرها أن تقاضي أولياء الأمور إن لم يسددوا لها - لا قدّر الله، لكن نظافة العلاقة وسموها ما بين أولياء الأمور وهذه المؤسسات لا تسمح بمجرد التفكير في اللجوء لهكذا حلول لا تشرف مؤسساتنا التعليمية ولا تشرف أولياء الأمور أيضا .
ولا ننسى بأن المدارس يمكنها ألا تمنح طلابها شهادات إتمام المراحل الدراسية إن لم يدفع أولياء الأمور ما عليهم من مستحقات، إلا أن بعض الحضانات ورياض الأطفال ليس لديها ما تمسكه على أولياء الأمور، فهذه الممارسات غير جميلة وغير سارة ولا نرغب في أن نشاهدها كظاهرة في مدارسنا ومؤسساتنا التربوية والتعلمية وباعتبار أن الجميع هم بمستوى الحدث، وإن وجدنا شيئا من هذا قد أطل برأسه فتلك هي القلة التي لا نحكم بها على الغالبية العظمى .
نأمل من أولياء الأمور تفهم الوضع الاستثنائي الراهن والنظر إليه من زاوية أنه اختبار لمستوى حبنا لهذا الوطن المعطاء، ولا نشك أبدا بأن هناك من يكره وطنه أو أن يتمنى له غير الخير، وبالتالي فإن الدرس المطروح على الساحة الآن بعنوان: كلنا للوطن فداء.