رحلة في العمل الإنساني

مزاج الأحد ١٧/مايو/٢٠٢٠ ١٨:٤٠ م
رحلة  في العمل الإنساني

على الرغم من العيش في المدينة ذاتها، دبي، اضطررت إلى إجراء مقابلة مع ساره عامري عبر سكايب لتُخبرها عن نشاطاتها المختلفة في مجال العمل الإنساني الذي لا يعرف حدود الدول.
شيخة أم لا قبل الاسم؟ أمرٌ لا تعلّق كثيراً عليه ساره عامري التي تقول إن اللقب الذي حصلت عليه بالولادة، يعود إلى أنها من منطقة جنوب إيران، الأهواز، حيث الأغلبية من العرب وحيث كانت عائلتها من القيّمين على المدينة.

هذه المرأة والأم لولدَين التي تظهر حماستها واضحة بنبرة صوتها عاشت حتى عمر العشرين في موطنها قبل أن تبدأ رحلتها عبر مدن العالم لتستقر، عام 2006، في دبي وتدرس التصميم الداخلي في الجامعة الأمريكية.

وفي هذه الجامعة انطلقت رحلتها في مساعدة الآخرين حيث أطلقت "نادي المساعدة الدولية". كانوا يجمعون الأموال لاستثمارها في مشاريع خيرية مثل إنشاء مختبر لبرمجة الحاسوب في الكاميرون.. عامري تكشف لنا أن إحدى أساتذتها في الجامعة الأمريكية في دبي كانت من دفعها وحمّسها على استغلال طاقتها للقيام بالخير لكن الفضل الأكبر يعود إلى والدتها. وهنا تقول "صراحة، يعود الأمر إلى البيئة التي ترعرعت فيها. ومتى تزرع هذه البذور منذ الطفولة، لا بد أن تعطي ثمارها لاحقاً" مضيفة "والدتي كانت تصطحبيني كل عطلة نهاية أسبوع لزيارة ميتم المدينة حيث كانت تخبز الكعكة وأخي يلعب الكيبورد. كنّا نذهب لقضاء الوقت مع الأولاد واللعب معهم".

حب العطاء لم يتوقف بعد تخرجها لا بل تطوّر مع الوقت حيث أسست أول نادي "سوروبتيميست" في منطقة الخليج عام 2016. وهنا تشرح لنا أن مصطلح "سوروبتيسمست" يأتي من اللاتينية ويعني "الأفضل للنساء"؛ وهي مؤسسة انطلقت من كاليفورنيا عام 1921 وسرعان ما انتشرت في أوروبا وتتواجد حالياً في 121 دولة وتهتم بتقديم المساعدات في مجال التعليم والصحة والعنف ضد المرأة...
وهكذا، انطلق هذا النادي حيث تُشكل أعضاؤه مجموعة من النساء من كل الجنسيات المقيمات في الإمارات واللواتي غالباً ما يتحلين بشغف العطاء والرغبة في مساعدة النساء والأطفال. ونظراً للقوانين التي تنظّم العمل الانساني في الإمارات، تركّز هذه السيدات أعمالهنّ الخيرية خارج البلاد مثل أوغندا والفيليبين.. أما في الإمارات، فتخبرنا عامري "ننظم فعاليات التواصل واجتماعات نقاش حول ريادة الأعمال وتمكين النساء"...

إلا أن اليوم، كل الأعمال متوقفة بسبب ما فرضته جائحة كورونا على العالم. لكن عامري تكشف لنا أنهنّ يحاولن المساعدة قدر المستطاع. وهنا تخبرنا "قررنا كنادي أن ندعم "حملة 10 ملايين وجبة" وهي حملة وطنية في الإمارات تنظمها مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية بالتعاون مع صندوق التضامن المجتمعي ضد كوفيد-19 لتقديم الدعم الغذائي للأفراد المحتاجين والأسر المتعففة.
كما تخبرنا أن إحدى أعضاء النادي، كيم تومسون، مؤسسة شركة "رو كوفي" في دبي قررت ألا تتقاضى راتبها لتُنقذ شركتها وموظفيها. وتشير عامري" هذه بعض من الأمثلة التي تؤكد على مبادئنا ألا وهي العدالة والنزاهة".

إضافة إلى تأسيسها لفرع الخليج (منذ ذلك الحين، نجد فرعاً آخر لنادي "سوروبتيميست" في الكويت أيضاً)، عامري عضو فاعل في نادي روتاري الدولي كما أنها رائدة أعمال.
ففي أكتوبر 2019 أطلقت شركتها "أرمتاي" للتوابل. وتخبرنا أن الفكرة ولِدت بفضل حبها للطبخ وللتوابل المتنوعة مضيفة "دبي هي موطن التوابل ولكن إذا أردت أن تشتري علبة منها تليق بهدية، تفشل لأنك غالباً ما تشتريها من السوق الشعبية". وكونها أيضاً رائدة في العمل الخيري، أرادت أن تشتري توابلها من المزارعات أو المزارع العائلية الصغيرة لتجمع بين الأعمال والطابع الإنساني.

وهكذا تريد من هذا المشروع التجاري أن تساعد صانعي التوابل الصغار في مختلف أنحاء العالم مثل الهند واندونيسيا وزانزيبار وفيتنام ومدغشقر إضافة إلى الترويج للثقافة الإماراتية بشكل خاص والشرق أوسطية بشكل عام من خلال وصفات طهي قديمة قد نكون نفقدها رويداً رويداً.
وخلال هذا الشهر الفضيل، أرادت أن يكون لمشروعها "أرمتاي" مساهمة خيرية. فعند شراء أي علبة توابل، يتم شراء وجبات طعام لخمسة أشخاص.

أم، رائدة أعمال وفاعلة خير.. مهمات تسعى ساره عامري التوفيق بينها معترفة أن التحدي ليس سهلاً معظم الأوقات. وهنا تخبرنا سر نجاحها " أحتاج إلى إدارة وقتي جيداً وأضع جدولاً للأسبوع أو حتى للشهر لأعرف ما يجدر بي القيام به لاسيما الآن الأولاد في المنزل بسبب كورونا".
وتشدد على أن الأهم هو أن تختار شريكاً متفهماً يدعم كل مشاريعك. وتخبرنا "لو لم يكن زوجي داعماً لي، لما استطعت القيام بما أقوم به الآن".

وتختم بالقول "نساء منطقتنا ذكيات ومثقفات. ولو وثقن بأنفسهنّ، يستطعن تحقيق أي شيء. يجدر بهنّ ألا يخفن من المضي قدماً عوضاُ عن التذمّر وألا يشعرن أن الزواج أو الأولاد يقفون عائقاً أمام مسيرتهن المهنية" مضيفة "يجب أن يثقن بقدراتهنّ ومعرفتهنّ وحاجاتهنّ".