اغتنم أيام كورونا فهي من العمر

مقالات رأي و تحليلات السبت ٣٠/مايو/٢٠٢٠ ١٩:٥٧ م
اغتنم أيام كورونا فهي من العمر

بقلم: ريم بنت نور الزدجالية

مع تسجيل أول إصابة بمرض كورونا في السلطنة بدأت ملامح الحياة تتغير تباعاً، بدأت التنبيهات، وبدأ معها الحذر، بدأت الأسر تغلق على نفسها الأبواب، بدأت الأعمال تتوقف، بدأت الأحلام والطموحات تؤجل لدى الغالبية، عُطلت المدارس والجامعات والكليات، توقف التعليم بأسلوبه التقليدي، توقفت مناسبات الأفراح الجماعية بكافة صورها وأشكالها، وغيرها من الإجراءات الاحترازية الضرورية، عشنا شهر رمضان المبارك ونحن في المنازل، ولأول مرة في تاريخ جيلنا والأجيال السابقة يمر علينا العيد ونتنازل عن بعض ما تعودنا عليه من عادات من أجل سلامتنا وسلامة الآخرين.

في المقابل تتضارب المعلومات عن هذا الوباء وخطورته ليس فقط على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي بل حتى على مستوى المعلومات الرسمية الصادرة من مختلف دول العالم، ولا نجد مع هذا الزخم المعلوماتي الكبير إلا أن نثق بما يصدر عن وزارة الصحة واللجنة العليا للتعامل مع هذا الوباء وآثاره بالسلطنة، ولكن يتبادر في ذهن الجميع، الصغار قبل الكبار، ومنذ ما يزيد عن (3) أشهر منذ تسجيل أول إصابة في السلطنة، إلى متى سنبقى على هذا الحال، متى سيأتي العلاج، متى سيرحل هذا الوباء لنستأنف حياتنا كما كانت، أسئلة أصبحت مألوفة، لست من أصحاب النظرة التشاؤمية، ولكن ماذا إن بقي هذا الوباء لأشهر قادمة!!!

هنا أقول أنه يجب علينا أن لا نكتفي بترديد مثل تلك الأسئلة، بل علينا أن نبدأ في التعايش مع هذا الوضع، نعم هو وضع مؤقت، ولكنه يمضي من أيام أعمارنا الثمينة، علينا أن نمضي للحياة وتحقيق أحلامنا وأهدافنا، علينا أن نلملم أوراقنا وننطلق، ولتكن انطلاقتنا الأولى من داخل بيوتنا أو خارجها حسب ما تقتضيه الظروف، علينا أن نتعلم، نعمل، نفكر، نخطط، مع الالتزام بكافة الإجراءات الوقائية المفروضة، بما يجنبنا دخول هذا الفيروس لأجسادنا، أو أن نكون وسيلة لنقله للآخرين.

قد يتبادر إلى الذهن أنه لا يمكننا الانطلاق الكلي نحو تحقيق كافة الأهداف المؤجلة، نعم هذا صحيح في ظل الظروف الحالية، وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية، ولكن يمكننا أن نخطو خطوات للأمام نحو تحقيق الأهداف،

الباحثين عن العمل، عليهم أن يستثمروا الوقت الحالي في الالتحاق بدورات تدريبية عن بُعد، وتقوية إمكانياتهم ومهاراتهم كل حسب تخصصه وميوله، أو مراجعة المعارف التي تلقوها أثناء دراستهم، أو التدريب في بعض المؤسسات المتاحة قدر الإمكان، فالاستعداد المعرفي والمهاري خطوة نحو تحقيق هدف الحصول على الوظيفة في ظل المنافسة الشديدة المتوقعة للحصول على عمل في ضوء انعكاسات هذا الوباء على سوق العمل العالمي بشكل عام.

المسرحين عن أعمالهم، أنتم أصحاب الخبرة وقلوبنا معكم، الوطن بحاجة إليكم، عليكم أن تستثمروا الوقت لتسوقوا لأنفسكم في كافة المؤسسات التي تتناسب مع خبراتكم ومهاراتكم.

أصحاب المشاريع التجارية المغلقة والمتأثرة، عليهم إجراء دراسات اقتصاديه عميقة لمشاريعهم، ودراسة أساليب حديثية في التسويق، وأساليب التمويل، وتقييم الأوضاع خلال الجائحة وبعدها، وكيفية التغلب على الأضرار الناتجة من الوباء، ليستعيدوا وضعهم المالي في أقرب فرصة ممكنة.

الموظفين في القطاعين العام والخاص الذين يباشرون أعمالهم من المنازل أو المفرغين عن عمل، عليهم أن يبدوأ في وضع تصورات ومقترحات وأفكار بناءة، تساهم في الارتقاء بالعمل في مؤسساتهم وتواكب المتغيرات، وتنقل الصورة الايجابية عن عقلياتهم للمستويات الأعلى في عملهم، فالوطن بحاجة إليهم حتى إن كانوا في المنازل.

طلبة المدارس، على أسرهم أن يعززوا في نفوس أبناءهم الرغبة في التعلم الذاتي، ودراسة مقررات الفصل الدراسي الذي فاتهم، بما يجعلهم مواكبين لمقررات العام الدراسي القادم.

أصحاب مناسبات الأفراح المؤجلة، عليهم أن يخططوا لجعل تلك المناسبات أبهى وأجمل، فالتأجيل من شأنه أن يزيد من حسن التنظيم والترتيب، ومع عودة الأمور إلى طبيعتها ستكون لها متعتها الكبيرة التي ستنسيكم هذا التأجيل.

الجميع عليه أن يطرد من نفسه الاحباط والملل وينطلق نحو العطاء وتحقيق الأهداف بما يتماشى مع الإجراءات الاحترازية المعلنة دون تسويف أو تهاون.

كورونا جائحة استثنائية اتمنى أن تنتهي قريباً وأن لا تتكرر لهذا الجيل والأجيال القادمة، لكنها ستخزن في ذاكرة الحياة، وعلينا أن لا نتهم الأيام التي تصاحبها بأنها حالت دون تحقيق أحلامنا، فالحياة مستمرة ومليئة بالتحديات والمعضلات لكنها لا تتوقف ما دمنا أحياء، فهذه الأيام تمشي من عمرنا ولن ترجع، فلنتعايش مع كورونا بحذر ما دام أن الفايرس لم يختفي والعلاج لم يكتشف.

دمتم بود