عدم"الممانعة".. المشكلة والحل في عقد العمل

مقالات رأي و تحليلات السبت ٣٠/مايو/٢٠٢٠ ٢٠:٣٩ م
عدم"الممانعة".. المشكلة والحل في عقد العمل

محمد محود عثمان
mohmeedosman@yahoo.com

كثر الجدل مؤخرا حول الإلغاءأو الإبقاء على المادة 11 من قانون إقامة الأجانب بسلطنة عمان ، وشهادة عدم الممانعة ،والسماح للعامل الوافد بالانتقال إلى عمل جديد بعد انتهاء عقد العمل ، والأضرار التي تقع على صاحب العمل ، وشغل ذلك الراي العام ،وفي ذلك أود أن أوضح عدة أمور أهمها القاعدة الفقهية التي تقول " لا ضرر ولا ضرار"ولا سيما ان المشكلة مطروحة الآن من وجهة نظرأصحاب الأعمال فقط وهى نظرة أحادية لا تتسع لرؤية الجوانب الأخرى ، في حين من الضروري مشاركة ممثلين حقيقيين عن العمال واللجنة العمانية لحقوق الإنسان ووزارات الخارجية و القوى العاملة والعدل والشؤون القانونية والإدعاء العام وشرطة عمان السلطانية لعرض كل وجهات النظر بموضوعية وحيادية وعرض التقارير الدولية والمحلية المتعلقة بهذا الموضوع ،حتى نُبرأ ساحة السلطنة من الاشكاليات والانتقادات التي توجه لها في كل المحافل والمؤتمرات الدولية منذ سنوات ، خاصة أن السلطنة تتبنى تطوير القوانين وأنها تبدأ دائما من حيث انتهى الآخرون ، بل وتسابق الزمن لتواكب المستجدات العالمية من خلال تطويرالتشريعات لتتوافق مع القوانين والمعاهدات الدولية، خاصة أن السلطنة قد صدقت حديثا على اتفاقية العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي يتضمن المساواة في الحصول على فرص العمل وحماية العمال من حرمانهم من العمل ومنع التمييز،
وفي هذا الإطارعلينا أن نتناقش بموضوعية وشفافية لاننا لايمكن ان نضع القوانين والتشريعات بناء على رغبات أي من اصحاب المصالح او المتضررين،لان القوانين هي صياغة مجردة للمنطق الذي ينظم حياة البشر، ويحقق المصلحة العامة ، بما فيها مصالح العامل وصاحب العمل والمجتمع ،وبما لا يتعارض مع القوانين والتشريعات الدولية وما يقتضيه الصالح العام وبدون انحياز إلى مصلحة أي من الأطراف
حيث يطالب البعض بعدم إلغاء هذه المادة تجنبا للآثار السلبية لانتقال العامل الوافد إلى صاحب عمل آخر - من وجهة نظرها - ولكن بدون أن تنظر إلى الآثار السلبية على الأطراف الآخر وهى المجتمع و العامل ، لذلك نطرح السؤال الأول الذي نبحث على إجابته هو: هل انتقال العامل الوطني من صاحب عمل إلى صاحب عمل آخر لا يؤثر على استقرار العمل وهل لا ينقل أسرار العمل وهل لا ينافس صاحب العمل السابق ؟ وهل لا يؤثر ذلك سلبا على مؤسسات القطاع الخاص ؟؟ لأن القاعدة لاتفرق بين عامل وطني أو وافد
والسؤال الثاني : هل لا توجد آثار ايجابية لانتقال العامل صاحب الخبرة والمعرفة والدراية بالسوق وبمهارات ومتطلبات العمل إلى صاحب عمل آخر؟ وهل لا يكون ذلك أفيد للجميع من حيث الاستقراروالإنتاج والاقتصاد ؟ خاصة مع وجود توجهات دولية بتجنيس وتوطين الكوادر المؤهلة والمدربة من الأيد العاملة الوافدة التي تقضي فترة طويلة في العمل ،
وإن كنت اسلم بوجود بعض الآثار السلبية في بعض المهن فيما يتعلق بالمنافسة وأسرار العمل - وليس في كل المهن - وكذلك الأضرار الناجمة عن تكلفة التعاقد مع العامل من موطنه وتدريبه ، التي يتضرر منها صاحب العمل،إلا أنه من الممكن تدارك كل هذه السلبيات بأن لا تقل فترة عقد العمل عن أربع أو خمس سنوات ، مع الأخذ في الاعتبارأن العامل ينتقل إلى عمل آخر بحثا عن بيئة العمل الأفضل نفسيا وماديا، ولذلك من الضروري أن يكون واضحا في عقد العمل العقوبات والغرامات والتعويض العادل عن الخسائر للمتضرر،عند مخالفة شروط العقد ،
ولابد أن نوضح أنه يوجد خلط بين أحقية صاحب العمل في الموافقة على نقل العامل إلى عمل آخر خلال فترة سريان العقد أو بعد إنهاء أو انتهاء العقد وانقضاء علاقة العمل ، فخلال سريان العقد فهو حق مطلق لصاحب العمل في الموافقة أو عدمها ، ولكن الأمر يختلف بعد انتهاء العلاقة التعاقدية، إذ لا يكون لصاحب العمل السابق الحق في قبول أو رفض انتقال العامل لصاحب عمل آخر زمانا ومكانا ، فهناك أحكام قضائية باتة ولها حجية الأمر المقضي به تقضي " بأنه ليس للكفيل الحق ولا الصفة في قبول أو رفض نقل الكفالة بعد انتهاء العلاقة التعاقدية " تماما كما لا يكون للزوج الحق في الموافقة أو منع زوجته من الزواج من غيره بعد الطلاق وانتهاء العلاقة الزوجية
وقد تناولت في مقالات سابقة بجريدة الشبيبة أنه قد يكون من أسباب تمسك البعض بالإبقاء على المادة 11 هوالرغبة في المتاجرة في مأذونيات العمل، التي تتسبب في زيادة حجم العمالة السائبة، ومساومة العامل أو العاملة على إعطاء عدم الممانعة في مقابل مادى أو غير ذلك من المساومات والضغوط التي قد تتعرض لها الفتيات ، وما يتبع ذلك من اتهامات دولية بالاتجار بالبشر،
ومن هنا فإن المشكلة والحل لهذه الإشكاليات يكمن في صياغة بنود عقد عمل جديدة ، وتحديد المهن والوظائف التي تتطلب موافقة الكفيل أو صاحب العمل على انتقال العامل , وإضافة شروط جزائية وتعويضية لمن يخالف شروط العقد،في عدم المنافسة أو نقل أسرار العمل ، بما يتيح تدخل القضاء للفصل فيها بسرعة ، لأن الاقتراح باللجوء إلى القضاء للفصل في أحقية العامل للانتقال إلى عمل آخرفي ظل المادة 11 تمثل إشكالية ، نظرا لوجود مبادئ قانونية يعتد بها القضاء وهوأن" موافقة صاحب العمل شرطا لانتقال العامل لعمل آخر"،لذلك لابد من وضع شروط عقدية أو نصوص قانونية جديدة يلتزم بها القاضي ، مع ضرورة وجود دائرة عمالية متخصصة بوزارة القوى العاملة ،لسرعة الفصل في القضايا.