كيفية التعايش مع "الكورونا"!

مقالات رأي و تحليلات الأحد ٣١/مايو/٢٠٢٠ ٢٠:١٢ م
كيفية التعايش مع "الكورونا"!

بقلم: علي بن راشد المطاعني

أصبح التعاطي مع فيروس كورونا واقعا يتطلب التعايش معه من خلال الاحترازات الوقائية والاحتياطات التي يتطلب الالتزام بها من جانب الجميع جهات ومؤسسات وأفراد في كل الأمكنة العامة والخاصة؛ فدول العالم على ما يبدو باتت مقتنعة بأهمية عودة الحياة الطبيعية مع بقاء الإجراءات الوقائية، على اعتبار أنَّ الحياة لا يمكن أنْ تستمر بهذه الوتيرة إلى الأبد، خاصة في ظل عدم توفر العلاج الناجع والحاسم والذي ربما يحتاج لعام على الأقل حتى يُعلن عنه رسميا، وهو ما يتطلب اتخاذ الخطوات اللازمة لعودة الحياة تدريجيا لطبيعتها تلافيا لأي اختناقات اقتصادية قد تجعلنا لا نقوى على مواجهة الفيروس بمرور الوقت.

فاليوم وبعد ثلاثة أشهر تقريبا أصبحت كل دول العالم على قناعة بحتمية عودة الحياة إلى طبيعتها بعدما تكبّدت خسائر فادحة وتراجعت إيراداتها وأفلست الكثير من الشركات في دول العالم واضطرت لتسريح الملايين من العمالة وغيرها من خسائر الكل على علم بها ومن الصعوبة على الدول تحمّلها بمرور الوقت.

لذا فإن مواجهة تداعيات كوفيد 19 تأتي من خلال تعزيز الوعي الصحي الذي بات مترسخا لدى كل شعوب العالم؛ فالجميع أصبح مُدركا لأهمية الوعي لتجنّب تأثيرات فيروس كورونا من خلال الإجراءات الصحية الوقائية مع استمرار الحياة الطبيعية كأحد السُبُل للمُضي قُدُما في التأقلم المتوازن بين الحفاظ على الجوانب الصحية واستدامة المجالات الإنتاجية والاقتصادية.

فاليوم انتقلت مسؤولية الوقاية من الدول إلى الأفراد بعد كل الضخ الإعلامي التوعوي المكثف طوال الأشهر الماضية، لدرجة أنَّ الحديث عن كورونا بات هو القاسم المشترك الأعظم في كل حوار يدور بين شخصين.

إذن فإنَّ هذا الانتقال للمسؤولية من الدول إلى الأفراد يحمِّلنا جميعا أمانة اتباع الإجراءات الصحية الواجبة التي تقينا من انتقال الفيروس، فالرهان في الفترة الراهنة باتباع وسائل التباعد الاجتماعي بصرامة في كل مناحي الحياة والعمل على وجه الخصوص بطرق تُسهم في التقليل من تأثيرات هذا الفيروس إلى أقل الحدود المُمكنة.

فالتعايش مع الفيروس أمسى واقعا لا مفر منه إلى أنْ يتم القضاء عليه بواسطة العلاج والأمصال المنتظرة وغيرها من وسائل يعكف عليها العلماء والأطباء في كل الدول، فالتوازن بين الجوانب الصحية والاقتصادية بات ضرورة لاستمرار الحياة وسط الضغوط المالية التي تتزايد كل يوم نتيجة لتعطل وتيرة الحياة في ميادين العمل في كل المجالات دون أن تلوح في الأفق أي ملامح للوصول لعلاج محتمل مما يجعل عودة الحياة أمرا حتميا ويفرض على الجميع اتخاذ كل السُبُل للوقاية بدلا من أن ندور في حلقة مفرغة وبدون أن نتوقف طويلا عند حالة الشد والجذب بين جدلية الصحة والاقتصاد وأيهما الأولى بالرعاية والاهتمام، فكلاهما بمثابة عينان في وجه واحد يتطلب الحفاظ عليهما من خلال الوعي من كل فرد إزاء حماية نفسه ومجتمعه وبدون ذلك فإننا لن نصل إلى نتيجة، اللهم إلا انهيار اقتصادنا بما فيه القطاع الصحي ذاته وهو ما لا ينبغي السماح به تحت أي ظرف كان.

ومع إقرارنا وإيماننا بأن شعار البقاء في البيت وعدم الخروج إلا للضرورة القصوى هو شعار مهم للغاية إلا أنه لا ينبغي أن يدفعنا هذا الشعار للوصول لحالة التجمد أو لحد الجفاف الاقتصادي أيهما أقرب للواقع، ومهما بلغ ثمة التكلفة الصحية، إذن ثمة توازن دقيق يتعيّن علينا الوصول إليه بأسرع وقت ممكن.

فالفرد مدعو للحفاظ على صحته من خلال اتباع الإرشادات الصحية كاستخدام الكمامات والحرص على النظافة الشخصية وغيرها من السُبُل التوعوية.

إنّ عودة 50% من موظفي الحكومة للعمل بداية نحسبها مبشرة لعودة الحياة في الكثير من الأنشطة الاقتصادية بشكل أكبر مما هي عليه الآن.

نأمل أن نبدأ بفتح الأنشطة الاقتصادية وليبدأ بسم الله دوران عجلة الإنتاج والعمل في مختلف الميادين مع الأخذ في الاعتبار كل الاحتياطات اللازمة كوسيلة مُثلى للتوازن بين الجانبين الصحي والاقتصادي، والرهان معقود على الوعي الذي ارتفع مستواه إلى معدلات لم يشهدها الفرد والمجتمع من قبل.