رسالة أمل من كورس دبي

مزاج الاثنين ٢٩/يونيو/٢٠٢٠ ١٩:٤٥ م
رسالة أمل من كورس دبي

التقيت بالشابة حبيبة الخطيب عبر منصة زووم لتشرح كيف جمعت نحو 100 شخص من المقيمين في الإمارات العربية المتحدة في كورس افتراضي.
حالما أُجبر العالم على المكوث في المنزل، تكاثرت المبادرات الافتراضية، من كل الأشكال والألوان، جماعية أم فردية.

عالم الموسيقى لم يكن استثناءً حيث غنّى مطربون مباشرة لجمهورهم الافتراضي واجتمع أعضاء أشهر الأوركسترا في العالم لأداء أجمل الألحان والأمثلة لا تُعدّ ولا تُحصى.
في دبي الوضع لم يكن مختلفاً. فشاهدنا العديد من العروض الموسيقية الافتراضية إلا أن أحدها استرعى انتباهنا ألا وهو كورس دبي الافتراضي؛ وهو الأول من نوعه في دبي.

كورس جمع 93 فرداً من كل الأعمار أنشدوا، كل في بيته، أغنية "أنظر دائماً إلى الجانب الإيجابي للحياة" Always Look on the Bright Side of Life لفرقة مونتي بايثون.
واليوم، فيما تعود دبي تدريجياً إلى روتينها المعتاد، تطمح حبيبة الخطيب إلى تسجيل أغنية ثانية قائلة "طلبت من الناس تسجيل اهتمامهم على صفحتنا على فيسبوك. إذا حصدنا الاهتمام الكافي، أي نحو 150 شخص، سنُطلق أغنية ثانية".

فبالفعل، على الرغم من انتهاء الحجر المنزلي، ما زالت النشاطات والحفلات الموسيقية نادرة أو شبه متوقفة حيث ترى الخطيب أن الأمر سيتطلب بعض الوقت قبل أن تُستأنف التدريبات في الحقيقة مشيرةً أنها عاودت، مثلاً، نشاطها في كورس جامعة لندن الإمبريالية وإنما افتراضياً.

دعونا نتوقف هنا عند صاحبة فكرة كورس دبي الافتراضي، حبيبة الخطيب. هذه الشابة المصرية البالغة من العمر 18 عاماً ولدت وترعرعت كل حياتها في دبي وطالما كانت الموسيقى جزءاً لا يتجزأ من حياتها هي التي تعزف البيانو والناي. إلا أن شغفها الأول هو "جمع الناس من مختلف المناطق معًا بطريقة إبداعية. هذا ما كنت أعمل عليه منذ سنوات، أن يجتمعوا وأن يتواصلوا وأن يتعاونوا بأي طريقة يحبون"، على حدّ قولها.

طموح ترجمته في كورس دبي الافتراضي بفضل إلمامها بالموسيقى وكونها تملك خبرة في الجوقات هي التي أيضاً عضو في عدد منها في دبي ولندن. فالخطيب التي تعتبر أن أكثر ما تحب في الجوقات هو الاجتماع والغناء معاً كمجموعة واحدة، تشير إلى أن أكثر ما تفتقد إليه بسبب التباعد الاجتماعي والحجر المنزلي هو "هذا الشعور بالتقارب جسدياً وموسيقياً".

وعند عودتها إلى دبي، أرادت أن تُعيد هذا الشعور وأحسّت أن الأفضل هو جمع أشخاص من دبي معاً لنشر بعض الايجابية. وتضيف "أعرف أنه من السهل أن نصبح معزولين وغاضبين عندما نعجز عن اللقاء وأؤمن أن الموسيقى ترفع المعنويات".

وهكذا اختارت الخطيب الأغنية التي كانت تسمعها منذ الصغر والتي طالما أشعرتها بالسعادة. قامت بتوزيعها شخصياً وأضافت عليها مقطعاً لتذكير الناس بالسلامة وبضرورة غسل أيديهم وبالبقاء في المنزل.

فكرة استقطبت انتباهاً كبيراً على صفحة فيسبوك والموقع الذي أطلقته. وتخبرنا "كان الأمر مدهشاً لأن كثيرين تواصلوا معي، كبار وصغار، أعضاء جوقات وهواة؛ جميعهم أرسلوا لي مقاطع فيديو لأدائهم وقمت بجمعها في أغنية على يوتيوب.
وتخبرنا أنها توقعت أن يلبي النداء مغنون محترفون أو أعضاء جوقات إلا أن الرد كان متنوعاً حتى أن الأطفال، وبعضهم من جوقة الأطفال المتوحدين في دبي، شاركوا في التجربة.

تجربة افتراضية فريدة من نوعها تختلف كثيراً عن تجربة الجوقة عادةً. فهنا اضطرت الخطيب إلى الاصغاء إلى كل صوت بمفرده قبل أن تقوم بتحرير الصوت. وتشرح لنا "عادة في الكورس، نصغي إلى كل الأصوات مجتمعة ولكن هذه المرة استمعت الى كلّ واحد منها على حدة. كان الأمر أكثر جمالية وساعدني على أن أدرك أن الموسيقى التي نُبدعها هي وليدة مجموعة من الأجزاء الصغيرة".

لكنها لا تخفي أن الأمر أصعب وتكشف لنا "بالفعل، عادةً نجتمع معاً ونغني جميعاً في الوقت المحدد وفي نفس الوقت كما أن التواصل البصري يساعدنا كثيراً". وتتابع "أما خلال هذه التجربة، اضطررت إلى التحرير وجمع كل مقاطع الفيديو والتسجيلات الصوتية معًا. كان علي التأكد من أن الجميع يغني في الوقت ذاته وعلى نفس الطبقة للابتعاد عن أي تشويه موسيقي".
على الرغم من صعوبات التجربة الأولى، أرادت الخطيب أن تبعث رسالة أمل. قد لا تجتمع بأعضاء الكورس الذي اعتادت الغناء معهم عما قريب إلا أن الأكيد، بالنسبة لها، أن أشخاصاً لم يلتقوا يوماً أو يتعرفوا على بعضهم البعض، قادرون على الغناء معاً افتراضياً.

بانتظار التجربة الثانية، تجد الخطيب أن الموسيقى لم تخيّب ظنها أبداً إذ أثبتت قدرتها على جمع الناس وجلب بعض السعادة مضيفة "تحدثت إلى كثيرين خلال الحجر المنزلي الذين أكّدوا لي أن بعض أضافت بريقاً إلى حياتهم وأثرت بهم كثيراً"؛ أمر كافٍ ليزيد الخطيب حماسة واصراراً لمتابعة المشوار.