مريم الزدجالية: "تخليد اللحظة الأثرية بالفن".. لمسة وفاء لعمان الغالية

مزاج الخميس ٠٩/يوليو/٢٠٢٠ ٢١:٠٠ م
مريم الزدجالية: "تخليد اللحظة الأثرية بالفن".. لمسة وفاء لعمان الغالية

مسقط - خالد عرابي
أكدت الفنانة التشكيلية مريم الزدجالية ، منفذة المشروع التطوعي "تخليد اللحظة الأثرية بالفن" والذي تنفذه بحارة العين والسواد في قرية إمطي بولاية أزكي، هو مشروع فني ثقافي سياحي وهو لمسة وفاء لعمان الحبيبة، كما أنه واجب وطني ومسؤولية يجب أن يقوم بها كل فنان وفنانة بحيث يقدم شيئا يعد من رد الجميل للوطن الغالي ، حيث ترى أنه يجب على الفنانين التشكيلين اتباع أساليب فنية واستلهام تجارب فريدة وجديدة ومبهرة من واقع ثراء تراثنا العربي الأصيل، خاصة وأن لدينا الكثير من المقومات التي تلهم بل تؤثر الفنان. مثل ما نرى اتجاه الكثير من الفنانين العرب الى تبعية الغرب فقط بدلا من الاستفادة من غناء تراثهم.

وقالت بأن المشروع يهدف إلى توظيف فنها وتجاربها وخبراتها الطويلة في مجال الفنون التشكيلية، واستلهامها لروح التراث العماني العريق والأصيل وتوصيلة في صورة تجربة فنية حديثة ومعاصرة ولكن مغلفة بروح هذا التراث بل الأصالة نفسها بحيث تنطلق بها إلى العالم، وقد استلهمت الفنانة مريم الزدجالية تلك التجربة من خلال تصور فني تاريخي عصري يجعل من قرية إمطي بولاية أزكي و بتركيز أكبر على حارتي " العين" و "السواد" لوحات فنية تشكيلية ثرية بمفرداتها العمانية الطبيعية كالأفلاج والمياه والأودية والأشجار والبساتين والجبال والصخور لتعبر اللوحة عن واقعها اليومي عن تاريخ عريق وأصيل يمتد لآلاف السنين وتقدمه للعالم في صورة حديثة.

البداية من اسم القرية
وأشارت الزدجالية إلى أن هذا المشروع جاءت قكرته في نهاية العام 2018 وانطلقت به وبتنفيذه في 2019، وأن فكرته جاءت بكلمة وهي اسم القرية، فبينما كانت تمر على القرية وسمعت أسم القرية "إمطي" شدها الاسم ورأت كفنانة أنه يمكن أن يكون اسم معرض فني متميز وفريد ولكن لابد أن تكون هناك ثيمة أو فكرة تنطلق منها، ولذا رتبت في وقت أخر زيارة للقرية.

وقالت: عندما وصلت إلى القرية استقبلني بعض الأهالي ورحبوا بي وعرضت عليهم فكرتي وما أبحث عنه فدلوني على أن هناك حارة قديمة ويقال بأنها منذ أيام سليمة بن مالك بن فهم الأزدي وهنا شعرت وكأنني وصلت إلى ضالتي وطلبت منهم الذهاب إليها مباشرة وبالفعل كان هذا هو المبتغى فما أن شاهدت الحارة إلا وشدتني بل وأثارتني بجمالها، ولكن كانت الحارة -بكل أسف- مهجورة مما سبب هذا الهجران تأثر البيوت في داخلها بشكل يسلب جماليات هذه الحارة وحيث أن أهل الحارة يسكنون على أطرافها .

وأردفت قائلة: كان لابد من ترتيب، بدأ من التنسيق مع الجهات المختصة مثل وزارة التراث والثقافة باعتبار أن الحارات القديمة تتبعها، وكذلك وزارة السياحة حيث أن مثل هذه الأفكار والمشاريع يمكن أن تساهم في دعم السياحة وابتكار وجهات جديدة للزيارة كما أنها تدعم السياحة المستدامة والمرتبطة بالبيئة، كما تبع ذلك التنسيق مع مكتب الوالي وعضو مجلس الشورى بولاية ازكي وشيوخ القرية ويرجع لهم الفضل في إنجاز ونجاح هذا المشروع وهم: سعادة الشيخ محمد بن عبدالله البوسيعيدي والي ازكي ، سعادة يونس بن علي المنذري عضو مجلس الشورى ممثل ولاية ازكي، الشيخ علي بن سعود التوبي والشيخ عبدالله بن زهران السليمي.. ثم تبع ذلك التوجه ومخاطبة عدد من مؤسسات القطاع الخاص والشركات لدعم المشروع والذي يبدأ بترميم القرية وبالفعل وجدنا الدعم من عدة شركات وأيضا دعم من أهالي قرية امطي، وتبع ذلك تنظيم معسكرات تنظيف للقرية وخاصة لحارتي السواد والعين ثم تبعها مشروع الترميم لإعادة البهاء للحارتين وإعادة احياء القرية من خلال إقامة فعاليات وأنشطة فنية ثقافية.

وأشارت إلى أن عملية الترميم تمت على عدة مراحل، بحيث تم في المرحلة الأولى ترميم بوابة صباح السوقمة والمدخل والحائط والبئر مع إضافة عناصر جمالية، أما في المرحلة الثانية فتم تركيب الإنارة التجميلية أمام مدخل القرية بالتعاون مع بلدية مسقط وبلدية إزكي، وفي المرحلة الثالثة تم ترميم بوابة صباح الصارم والممرات الداخلية والمجلس العام وإضافة بعض الجماليات للمسجد والتنور ومكان صناعة الحلوى.

التوثيق أو الاستلهام الفني للتراث
وأكدت قائلة: بعد تنظيف وترميم القرية تم العمل على جانب أخر وهو التوثيق أو الاستلهام الفني للتراث وذلك من خلال إعدادي العديد من الأعمال الفنية من وحي القرية "إمطي" والحارتين "العين والسواد" وقد حرصت على استلهام الكثير من عناصر تلك البيئة الفريدة والثرية ومنها شكل الحارة و بيوتها والأبواب والشبابيك بأشكالها وألوانها، كما حرصت على توظيف العناصر ومفردات تلك البيئة والطبيعة داخل البيوت العمانية القديمة ومنها مثلا: الجرة "الجحلة" لنقل المياه وأدوات وأواني الطعام والشاي وماكينة الخياطة القديمة وغيرها الكثير. وقد انتهيت حتى الآن من أكثر من 100 عمل فني وجاري عمل المزيد.

وقالت الفنانة مريم الزدجالية: بالرغم من أن الفترة الحالية كانت صعبة بسبب مرض فيروس كورونا (كوفيد- 19) إلا أنها أثمرت عن نتائج مفيدة للقرية. فقد تم استمرار العمل فيها بترميم بعض الأماكن المهمة والتي تعتبر قلب القرية وعناصر سياحية فنية جذابة ولها صلة بالماضي العريق وذلك بجهود جبارة ومؤازرة ودعم كبير من أهالي قرية إمطي لتطوير حارة العين والسواد والمحافظة على ملامحها التاريخية الأصيلة .

وأكدت الزدجالية على أن المشروع مستمر وبقوة وذلك بالتعاون الكبير من أهالي القرية والذين يسهمون لتقديم كل العون والمساعدة وقالت: أخص بالذكر شباب قرية إمطي فقد كان لهم دور فاعل وكبير ، كما أتوجه بالشكر للشركات والمؤسسات الحكومية والخاصة والأفراد على دعمهم وكذلك الفنانين التشكيليين العمانيين. كما أن العمل ما زال مستمرا لم ينته بعد وهناك رؤية مستقبلية له وستضم الكثير من الفعاليات والأنشطة الأخرى والمساهمات من فنانين تشكيلين العمانيين وحتى العرب ومن أنحاء العالم، وسيتم إقامة ملتقيات تشكيلية وتصويرية وأنشطة فنية مختلفة لإضافة لمسات فنية أخرى على تلك القرية سيعلن عنها تباعا حتى تكون قرية إمطي نموذجا يحتذى به ليس على مستوى السلطنة فحسب بل عربيا ودوليا وبحيث نستطيع أن ننتقل به داخل السلطنة إلى قرى وحارات وأماكن تراثية أخرى نجعل منها وجهات وقرى فنية سياحية فريدة، ويمكن لهذا النموذج أن يستقيه بحيث يكون داعم لنشاط القطاع السياحي في الدولة.