جاهزية الأعمال ما بعد الجائحة

مقالات رأي و تحليلات الاثنين ١٣/يوليو/٢٠٢٠ ٢٠:٠٥ م
جاهزية الأعمال ما بعد الجائحة

محمد بن محفوظ العارضي

"جاهزية الأعمال" عبارة باتت مؤخراً تتكرر كثيراً، خصوصاً بعد انتشار جائحة كوفيد-19. وتشير هذه العبارة ببساطة إلى إدارة التغيير داخل المؤسسات، والتي تتم بإدخال أنظمة وتقنيات وعمليات جديدة تغير طريقة عمل المؤسسة.
وقد شهدنا خلال الأشهر القليلة الماضية تغيرات جذرية وغير مسبوقة بسبب الجائحة العالمية، وأن نماذج الأعمال التي بُنيت خلال القرن الماضي تواجه عدداً متزايداً من العقبات والتحديات.
أُجبرت العديد من الشركات على التحول إلى نموذج العمل عن بعد من المنزل، مما أسفر عن تغيير جذري لأنماط عمل الموظفين والإدارة الذين اعتادوا على روتين يشمل التواجد لعدة ساعات في مكتب مشترك، واجتماعات مباشرة، وجلسات تدريبية، وتمارين بناء الفرق، وجلسات العصف الذهني وغيرها.
ووفقاً لبحث أجرته كلية هارفارد للأعمال، يمكن للمؤسسات التي تتبع سياسة العمل عن بُعد تعزيز الإنتاجية بين الموظفين وتقليل معدل تبديل الموظفين وخفض التكاليف التشغيلية. كما تشمل المزايا الأخرى قضاء وقت واستهلاك موارد أقل في انتقال الموظفين من وإلى العمل، والتخفيف من الوقت الضائع في اجتماعات غير ضرورية، وتخفيض عدد الإجازات المرضية، وتوسيع مجموعة المرشحين لتلبية متطلبات الموارد البشرية.
لكن لتنفيذ هذا النموذج بنجاح، يجب تجهيز الشركات بالتقنيات المثلى لدعم احتياجات موظفيها من أجل ضمان انتقال سلس وغياب أي اضطرابات في المخرجات.
ويعتمد النموذج الجديد بشكل كبير على منصات تشمل خدمات مكالمات الفيديو التي تمكّن الموظفين من عقد اجتماعات افتراضية داخلياً وخارجياً إن كان مع فرقهم الداخلية أو أصحاب المصلحة. وأثبتت أدوات التواصل الفوري مثل "تلغرام" و"كويب" و"سلاك" فائدتها في تزويد الموظفين بطريقة سريعة وسهلة الوصول لإجراء محادثات مع فرقهم.
وقد يضيف مساعد رقمي مثل أمازون إيكو قيمة كبيرة للعاملين من المنزل بحسب طبيعة العمل. لكن، بالطبع، يتطلب نجاح كل تلك التقنيات أن تضمن المؤسسات وصول جميع العاملين فيها إلى شبكة واي فاي عالية الجودة في جميع الأوقات، لتحسين الأعمال بأفضل طريقة.
وفي المستقبل، سنشهد دخول المزيد والمزيد من التقنيات إلى السوق، لذلك يجب على الشركات الاختيار بحكمة والاستثمار في المنصات الأكثر فائدة في مجال عملها. ويمكن لقطاع تكنولوجيا المعلومات الاستفادة من العديد من الفرص المتاحة اليوم، وابتكار وإنشاء منصات مصممة خصيصاً لمجموعة متنوعة من القطاعات والوظائف التنظيمية.
كما ستتنامى أهمية أقسام تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات، حيث تتحمل مسؤوليات حيوية تشمل الحفاظ على الاتصال مع السوق، وتقييم المنتجات الأكثر ملاءمة لوظائف الأعمال المختلفة، وتدريب الموظفين للحصول على أقصى قيمة من أي منصة يُمنحون الوصول إليها.
وأرى ضرورة تقديم الحكومات في جميع أنحاء العالم حوافزاً للشركات التي تميل إلى اعتماد سياسة العمل عن بعد على المدى الطويل. ويجب على القطاعين العام والخاص التعاون بشكل وثيق لضمان سهولة الوصول إلى جميع المتطلبات التكنولوجية اللازمة لتشغيل الاقتصاد بكفاءة.
لقد علمتنا الأشهر القليلة الفائتة أن جاهزية الأعمال أمر مهم الآن أكثر من أي وقت مضى، فنحن لا نعلم أبداً نوع التغييرات والتحديات التي ستظهر في المستقبل، لذا من مصلحتنا الاستثمار في مؤسساتنا وتمكين الموظفين من الصمود والاستمرار في مواجهة الظروف غير المسبوقة.
إننا نعيش في عصر متغير باستمرار، لكننا عبرنا فترات صعبة إلى أقصى حد وخرجنا منها بقوة أكبر، مع عدد متزايد من الحلول التي يمكنها دعمنا في المستقبل. وعلينا مراقبة التطورات وتجهيز أنفسنا بالأدوات التي نحتاجها للنجاح في عالم سريع التطور.