الشعوذة.. وكر تجار الوهم والدجالين

مزاج الاثنين ١٣/يوليو/٢٠٢٠ ٢١:٥١ م
الشعوذة.. وكر تجار الوهم والدجالين

جاسم البداعي - الشبيبة

موضوع بات يسجل حضوره الدائم في المجالس والحوارات، وذلك ليس عبثاً، بل لأنه أصبح من الظواهر الاجتماعية التي تهدد استقرار المجتمع المحلي، وتقض ركائزه التي صيغت على مدى الزمن.

فهوعالم مليء بالخرافات والبدع وفق قانون ليس له بنود، تجارتهم الأوهام، ومخابئهم الأوكار والجحور، لا ينافسهم بها إلا ظلامهم الدامس وتسيطر على أوكارهم رائحة البخور وتتوسطها ألسنة النار واللهب ويخفي بين طياته الكثير من الغرائب والغموض والقصص والحكايات، وتكثر فيه الضحايا وتضطرب فيه الأفكار.

فمن خلال اللقاء الإذاعي الذي أجرته إذاعة الشبيبة حول واقع الشعوذة في السلطنة تجلت الكثير من الحقائق والمفاهيم المغلوطة، من خلال ضيوف البرنامج السيد الدكتور أحمد البوسعيدي المدير المختص بالمديرية العامة للوعظ والارشاد بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية والشيخ خميس الغسيني المعالج بالقرآن الكريم، فقد أعتبر الدكتور أحمد البوسعيدي الأمر من الجوانب الغيبية التي هي بطبيعة الحال خارج نطاق القدرات العقلية للبشر ، وبالتالي لا بد للإنسان ان يرجع إلى المصدر الصحيح المتمثل في القرآن والسنة واتباع ما جاء فيهما، وهو ما يضمن له تحقيق الاتزان النفسي والروحي ، والذي بدوره يحفظه من الوقوع في دائرة الاضطرابات والمخاوف النفسية بسبب كثرة اللجوء للدجالين والمشعوذين طلبا للعلاج.

**media[1136704,1136705]**

دوافع اللجوء للشعوذة
وعند الحديث عن الأسباب التي تدفع الناس إلى الاستعانة بالدجالين والمشعوذين، فقد قال الدكتور أحمد البوسعيدي أن السبب الأول متعلق بجانب معرفي بحت، وهو عدم معرفة هذه الفئة بربهم وبشريعتهم والتي فرقت لهم بين الرقية الشرعية والشعوذة ، وعدم معرفتهم بالحكم الشرعي عند اصابتهم بالأمراض فلابد أن يكون العلاج متوافق مع الضوابط الشرعية.

بينما أوضح الشيخ خميس أن اللجوء للدجالين لا يكون فقط لطلب العلاج وإنما يصل أيضا لغرض أذية الآخرين وأن الأسباب التي تدعو الناس للذهاب للدجالين عمدا هو طمعهم في قضاء حاجاتهم ومصالحهم الدنيئة ،ومثل القصص تحدث حتى في إطار الأسرة نفسها وهي أذية بعضهم البعض وذلك بسبب جهلم بهذه الأفعال وغفلتهم وحبهم للإنتقام حتى لو كانت مضرة لأنفسهم بينما يجدها الدجالين فرصة لجني الأموال من ورائهم.

كما أوضح الدكتور أحمد البوسعيدي أن التأثير الإعلامي له دور كبير في تصديق الناس لهؤلاء المشعوذين حيث أن المشعوذين أصبح لهم قنوات إعلامية يقومون خلالها بالترويج لأعمالهم.

وجهات نظر
وبحسب آراء المتفاعلين في البرنامج : أن أحد الأسباب التي تدفع الناس للجوء للمشعوذين هو بسبب ابتلاء الناس بمرض معين ويصل لمرحلة يطرق فيها كل أبواب العلاج وينساق لأي علاج يتم وصفه له من قبل أقاربه أو أصدقائه حتى وإن لم يقتنع به ولكنه استسلم لمرضه فيصدق كل ما يقال له، وكذلك بسبب ضعف الإيمان في النفوس و جهل الناس بدينهم ومن الخرافات التي أصبح الناس يؤمنوا بها البعض.

الفرق بين العلاج بالقرآن الكريم والشعوذة
وعن الفرق بين العلاج بالرقية الشرعية وبين الشعوذة أكد الشيخ خميس الغسيني أن العلاج بالرقية الشرعية يدور حول محور واحد وهو القرآن الكريم والسنة النبوية من الأدعية وما ورد من الأحاديث الصحيحة، وأما الشعوذة فهي نوع من أنواع الأحتيال والدجل والقصد منه الاستغلال وأخذ أموال الناس بغير الحق، وينبغي علينا أن نتفقه ونعلم ماهي الرقية الشرعية.

وفي سؤال الشيخ خميس الغسيني حول الأمراض التي يتم علاجها بالرقية الشرعية قال أن هناك العديد من الأمراض ومنها الأمراض النفسية والأمراض الروحية كالمس والحسد والأمراض العضوية فالله سبحانه وتعاوى جعل للقرآن الكريم معجزات وشفاء للناس.

وحول الفرق بين الراقي الشرعي والمعالج بالقرآن الكريم أوضح الشيخ خميس الغسيني أن الراقي فهو يرقي نفسه وغيره بالرقية الشرعية ولكن المعالج فهو يتعلم من القرآن الكريم ويحتاج إلى 8 سنوات تقريبا لتعلم هذا النوع من العلاج

قصة حقيقية
ذكر الدكتور أحمد البوسعيدي قصة الساحر الذي بلغ درجة كبيرة من السحر وتاب إلى الله سبحانه وتعالى فأصبح محارب للسحرة والمشعوذين فكشف الكثير من الأساليب والدعايات من أجل أن يتأثروا وينساقوا خلفهم فكان يتظاهر هذا الساحر بالتقى وعندما يأتيه المريض يقول لهم أنتظروا قليلا لأصلي ركعتين حتى يوهمهم أنه يسبح ويصلي لله تعالى حتى يطمأنوا له ويصدقوا ما يقوله لهم وفي الحقيقة هو يسجد للشياطين ويتقرب لهم حسب ما ذكر هذا الساحر في اللقاء الذي أجراه بعد توبته.

وكذلك وسائل الايهام التي يتخذها السحرة والمشعوذين في الكشف عن اسم الشخص ومرضه بأساليب وتصرفات يتخذونها وبهذا يصدق المريض أمثال هؤلاء وبهذه الأخبار تتناقل عن هذا الساحر والمشعوذ وبالتي تزداد ضحاياه.

هل يلتبس الجان بجسد الانسان؟
وفي الحديث حول هل الجان يلتبس بجسد الإنسان قال الشيخ خميس الغسيني أن هذه مسألة فيها خلاف مع أهل العلم على أن تأثير الجان بجسد الانسان إنما هو تأثير روحي فقط فالله سبحانه وتعالى كرم الانسان أعظم تكريم فهو يمتلك قدرات لا تمتلكها مخلوقات آخرى غيره ،فعلى الانسان أن يؤمن بربه وأن يتفقه في هذه المسائل الشرعية.

إشكالات شائعة
وقد شاعت بعض الدلائل التي تدخل الشك في قلوب الناس، وذلك عند تلقيهم للعلاج، مثل سؤال المعالج عن اسم الأم، وقد أوضح الشيخ خميس الغسيني هذا الالتباس بقوله: لا توجد علاقة بين العلاج وطلب اسم الام فالصحيح لا يجوزذلك فهولاء يلجأون للتنجيم.

وعن سؤال طلب بعض المعالجين بطلبات كإحضار دجاجة ودفنها أو ماشابه ذلك أوضح الدكتور أحمد ان مثل هذه الطلبات والتصرفات الخارجة عن النطاق الشرعي هي دجل وشرك بالله وقال الشيخ خميس أن بعض المعالجين يقوم بإعطاء المريض ما يسمى "بالحرز" ويطلب منه لبسه في جسمه فهو يدمج بين الآيات القرآنية وبعض الأشكال الغير مفهومة كصورة السيف أو الجمجمة وفي الحقيقة هذه الأشكال هي رموز شيطانية وإفتراء.

وعن سؤال لمس المعالج لجسد المرأة للعلاج: قال الدكتورأحمد البوسعيدي أن المعالج بالقرآن الكريم يعالج من دون لمس جسد المريضة ولا يصح له شرعا أن يمس المرأة ولابد أن تكون برفقة محرم لها وبكامل سترها الشرعي، اما العلاج في المستشفيات فهذا أمر جائز شرعا.

لا بد من وقفة
وعند الانتقال للحديث عن ما يجب العمل به في مكافحة هذه الظاهرة فقد أكد الدكتور أحمد على أن الجهود لابد أن تتكاتف بمختلف الجهات، ولابد من وقفة حقيقية لضبط هذه الحالات وكذلك تنظيم هذا العمل من خلال تخصيص مراكز بدلا من اللجوء لبيوت المشعوذين وأوكارهم.

وعن طلب المعالجين للمال، قال الدكتور أحمد البوسعيدي: بطبيعة الحال لا بد من قبض مقابل مادي في المراكز التي بها عمال وأدوية وأجرة المحل، فلابد من تسيير أعمال المركز، ولكن يكون ذلك في حدود المعقول وليس بالمغالاة ورفع الأسعار.

وفي النهاية قال الدكتور أحمد البوسعيدي أن على الإنسان ان يلتجئ لربه لطلب الشفاء وأن لا مخلوق قادر على شفاءه الا الله ، وفي حالة أضطر للعلاج مع أحد المعالجين : ينبغي أن يستوضح طريقة العلاج بالضوابط الشرعية.