هل أنت مستعد لـ "كوفيد xx"؟

بلادنا الأربعاء ١٥/يوليو/٢٠٢٠ ٠٠:٢٧ ص
هل أنت مستعد لـ "كوفيد xx"؟

بقلم محمد بن عيسى الزدجالي

على مدى الشهرين الفائتين، شهدنا زيادة كبيرة في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في السلطنة ، وذلك على الرغم من الإجراءات الاحترازية وعمليات الإغلاق التي نفذتها الحكومة.
في بداية الأمر، كانت معظم حالات الإصابة بالفيروس في السلطنة بين المقيمين، لكن الآن انقلبت الدفة ليتحول مصدر أغلبية الحالات إلى العمانيين. ويلقي البعض باللوم على الجهات المختصة لعدم اتباعها نهجا أكثر صرامة من خلال فرض الإغلاق التام بنسبة 100%، بينما يلقي آخرون باللوم على من يقومون بتنظيم التجمعات الاجتماعية على الرغم من التعليمات والتوجيهات.
وتواصل منظمة الصحة العالمية تقديم التوصيات والبيانات بصفة أسبوعية تقريبا (اشعر كأننا اصبحنا حقل تجارب) حول كيفية تجنب الإصابة بالفيروس وتجنب انتقاله من شخص إلى آخر، ولكن الغريب أنه أحيانا تتعارض توصياتها مع النصائح التي قدمها خبراء تابعون لها في وقت سابق. ويبدو أن الخبراء لا يزالون غير متفقين حتى الآن على منشأ هذا الفيروس (ورأيي أنا شخصيا أنه من صنع البشر). إنها عاصفة هائلة من التشويش والقلق والخوف والإحباط. فأي من هذه المشاعر ينتابك أنت؟
قبل تفشي هذا الوباء بوقت طويل، كان طابور الانتظار لزيارة الأطباء طويلا، وكان علينا الانتظار ربما لأشهر لزيارة أخصائي، وكانت العيادات بالمستشفيات مكتظة بالمرضى. هناك شهية متزايدة لدى الناس في كل أنحاء العالم لزيارة الأطباء. ولكن لم يكن الحال هكذا دائما. كان هناك ممرضات متقاعدات يتحدثون عن "الأيام الجميلة الفائتة" عندما كان يأتي المرضى إلى المستشفى ويمكثون بها لمدة ليلة واحدة فقط. عندما كان المرض أقل لدى الناس، كانت نوبة العمل الليلية مهمة سهلة لأن المستشفيات لم تكن ممتلئة.
لكن هذا الوضع بدأ يتغير في تسعينات القرن الفائت، حيث زاد عدد المرضى وبدأوا يحتاجون إلى رعاية أكبر وأصبحت الأمراض أكثر خطورة، وبدأ كثيرون يحتاجون إلى الرعاية من أمراض مزمنة، وهو أمر صعب للغاية ويستغرق وقتا طويلا. الآن، ليس هناك راحة في نوبة العمل الليلية، لقد انتهت تلك الأيام.
مطاردو الأعراض: اليوم هناك أعداد كبيرة تنتظر دورها لزيارة الطبيب من أجل التشخيص. إننا نخبر الأطباء بمجموعة من الأعراض، وبعد التشخيص نحصل على حبة "سحرية" تساعدنا على التغلب على المرض. ولكن هذه الحبة نادرا ما تشفينا، فنظل مرضى، ويصبح التشخيص جزءا من هويتنا. لقد أصبح جزءا من حياتنا الآن، وإلى الأبد.
لقد أصبحت مطاردة الأعراض ضرورة مشتركة بين الناس، ولكنها أبعد ما تكون عن أن تكون طريقة "طبيعية" للحياة. إن جسم الإنسان لديه القدرة على محاربة الأمراض وشفاء نفسه بنفسه. ولكن عندما لا يستطيع ذلك، يحتاج الإنسان إلى مساعدة الطبيب. ولكن في المقابل، ماذا لو نلقي نظرة فاحصة على السبب الذي يجعل الجسم لا يشفي نفسه، من خلال التفكير في عاداتنا العقلية والبدنية والغذائية؟
هذه هي المؤثرات الثلاثة الأساسية على صحة الإنسان، بغض النظر عن العمر. بالطبع هي ليست المؤثرات الوحيدة ولكنها مؤثرات مهمة جدا، لدى كل واحد منا قدر كبير من التحكم فيها، إن نحن اخترنا ذلك.
إن أفكار الإنسان ومشاعره وعواطفه وضغوطه وطعامه وشرابه وحركته طوال اليوم لها تأثير كبير على صحة الأمعاء، ونسبة 8% على الأقل من جهازنا المناعي موجود في الأمعاء أيضا. وبالنسبة لكثيرين جدا، عندما يفكر الإنسان بعمق في هذا الأمر سيجد أن هناك ثلاثة أسباب رئيسة وراء مجموعة الأعراض، وهي أسباب عقلية وجسدية وغذائية. إن ما نفكر فيه وما نشعر به وما نأكله، إلى جانب حركتنا، يؤثر بشكل مباشر على جهاز المناعة. كل هذه المكونات إما أنها تساعد قدرة الجسم على شفاء نفسه أو تضر بها، ليس هناك خيار وسط.
من وجهة نظري، وخاصة في ضوء هذا الوباء، حان الوقت لإعادة تقييم نمط حياتنا من أجل أن نحيا حياة أكثر صحة وأكثر سعادة وأطول عمرا، ونتوقف عن إلقاء اللوم على الجهات المختصة وغيرها في مشكلاتنا. إننا بحاجة إلى إعادة التفكير في نظامنا الغذائي اليومي (أي شيء تضعه في فمك، حرفيا)، ونمط حياتنا، والعادات الضارة مثل التدخين والحصول على قدر كاف من النوم. إن قلة النوم وحدها يمكن أن تدمر جهاز المناعة لدى الإنسان.
إن أغلبنا يأكلون فقط لأجل ملء المعدة بالعيش واللحوم بصفة يومية، وعلاوة على ذلك، نستهلك المشروبات الغازية والكثير من القهوة والشاي ومعهما السكر بطبيعة الحال. ليس من بين هذه العناصر عنصر واحد فقط يعزز جهاز المناعة. هل بدأت الصورة التي أحاول رسمها تزداد وضوحا؟
إننا نقارن أنفسنا بالدول الأخرى التي لديها عدد أقل من حالات فيروس كورونا، ويعتقد الناس في بلادنا أن الحل كله يكمن في الإغلاق والتباعد الاجتماعي. وهناك كثيرون يعلقون آمالهم على اللقاح. ماذا لو أخبرتكم أن الحل الحقيقي يكمن بداخلك. إنه جهاز المناعة في جسمك!
مع كل الاحترام للخبراء، فأنا لا أتفق معهم أبدا في أن الحل الوحيد للحد من الوباء هو التباعد الاجتماعي والإغلاق وارتداء الكمامات وغسل الأيدي بشكل متكرر وأخيرا اللقاح. إن هذا الفيروس المستجد سيعيش معنا لعقود مقبلة، تماما مثلما فعل فيروس نقص المناعة المكتسبة (الإيدز). (هل يتذكر أحد هذا الفيروس الذي نادرا ما يذكره أحد؟ هل جميعكم أيها القراء الأفاضل تعرفون حتى ما هو هذا الفيروس؟)
كوورنا لن يختفي، ونحن لن نستطيع اتباع هذه البروتوكولات الصارمة إلى الأبد، واللقاحات لا تجدي بنسبة 100% ولا يمكن للجميع الحصول عليها. عند نقطة معينة من الزمن، من أجل صحتنا العقلية وصحتنا الجسدية ومن أجل الاقتصاد وتعليم أبنائنا (وليس بالضرورة بهذا الترتيب) علينا أن نتحد كمجتمع، جسديا وعقليا.
ما هو أكثر أمانا من ارتداء الكمامة، وأكثر أمانا من التباعد الاجتماعي، وأكثر أمانا من غسل اليدين، وأكثر أمانا من أي لقاح، هو تقوية جهاز المناعة في أجسامنا. وعندما يتخذ كل واحد منا هذا القرار، فليس فقط كورونا الذي سنحمي أنفسنا منه، بل سنحمي أنفسنا من جميع الأمراض وسنجد أننا لم نعد بحاجة إلى مطاردة الأعراض.
إن الاقتصاد الفعال مهم للغاية لأي أمة لكي تبقى على قيد الحياة ناهيك عن أن تزدهر، ومن الأهمية بمكان أيضا أن تزدهر الأسر والعائلات. إن قدرة السلطنة على الازدهار كانت صعبة على مدى السنوات القليلة الفائتة بسبب انخفاض أسعار النفط، لكننا ما زلنا على قيد الحياة كأمة وهذا لا يقل أهمية.
ولكن الصورة الاقتصادية اليوم أصبحت قاتمة في ضوء هذا الوباء. وهذا يستدعي طرح السؤال التالي: هل الإغلاق ضروري؟ وإن كان كذلك، فإلى متى يمكن تحمله؟
في مرحلة ما، سيكون إغلاق المجتمع قد استمر لفترة طويلة، وبالتالي لن تستطيع الأنشطة التجارية إعادة فتح أبوابها، وستعاني الأسر من فقدان الدخل، ولن تكون هناك وظائف جديدة متاحة. وأنا لا أعرف كم مقدار الوقت الذي يمكن أن نصفه بأنه وقت طويل، ولا أعلم أن هناك من يعرف ذلك. بالنسبة لبعض الأنشطة التجارية، ذلك الوقت الطويل حدث بالفعل. فبدون تدفق الأموال من شركة إلى أخرى، ثم إلى الموظفين الذين يستخدمون تلك الأموال لدعم أسرهم، فإن كل ما تم إنجازه على مدار الخمسين عاما الماضية في خطر.
إن الاقتصاد، مثل المواطنين والمقيمين في عمان، يعاني من أجل البقاء على قيد الحياة وتجاوز هذا الوباء. والاقتصاد، مثل شعب هذه الأمة العظيمة، يجب أن يتعلم كيف يعيش ويزدهر في نهاية المطاف في عالم لن يخلو من فيروس كورونا. إن الشركات، بخلاف الجماهير، ليس لديها نظام مناعة، فهي إما يكون لديها زبائن يدفعون لها من أجل أن تبقى مفتوحة أو لا يكون. وفي الوقت الراهن، لم يعد لدى معظم الشركات الكثير من الزبائن، وحتى تلك التي مازالت مفتوحة تعاني كثيرا الآن.
أعتقد أن الشركات لا يمكن أن تظل مغلقة لفترة أطول من ذلك. وإذا حدث ذلك، فسيكون هناك الكثير من الشركات التي لن تفتح أبوابها مرة أخرى. لا أقول إن إبقاء الأنشطة التجارية على قيد الحياة وازدهارها يجب أن يكون على حساب الجمهور .. بالطبع لا. ولكني أقترح أن يتحمل كل واحد فينا جزءا من المسؤولية من أجل إعادة فتح بلدنا بأمان.
تخيل لو أننا اتخذنا تدابير لزيادة نظام المناعة في أجسامنا قبل شهرين من الآن، وفي نفس الوقت حافظنا على ارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي، إذن لكنا الآن في وضع مختلف تماما. تخيل إذا تم رفع الإغلاق واستطاعت الشركات استئناف أنشطتها لأن كل واحد منا يتحمل المسؤولية الشخصية عن صحتنا.
لا يتطلب الأمر سوى شخص واحد فقط، هو أنت، للنجاح في تعزيز نظام المناعة في جسمك من أجل حماية نفسك. توقف عن التطلع للحكومة لكي تتولى أمورنا وتحمينا. الحكومة ليس لديها سيطرة كاملة على الخيارات التي تتخذها أنت في محل البقالة ولا على ما تأكله.
اختر حماية نفسك بنفسك من خلال تقوية جهاز المناعة في جسمك. وفي النهاية، نحن محظوظون أننا نعيش في عمان، حيث الشمس مشرقة، فاستخدمها من أجل صحتك! وهذا بدوره سيساعد على إعادة تشغيل الاقتصاد. دعونا لا نخسر في أقل من عام ما استغرق بناؤه نصف قرن من الزمان.