بعد السابعة مساءً

مقالات رأي و تحليلات الثلاثاء ٢٨/يوليو/٢٠٢٠ ١٩:٥٧ م
بعد السابعة مساءً

محمد بن رامس الرواس

قبل الساعة السابعة مساءً بقليل هدأت وتوقفت حركة السير تقريباً في كافة شوارع محافظات وولايات السلطنة تنفيذاً للقرار الصائب الذي أعلنته اللجنة العليا لمكافحة فايروس كورونا (كوفيد١٩) ولقد كان للتجاوب المجتمعي الذي لاحظناه بالأمس ينم عن وعي ورغبة أكيدة للتكاتف من أجل تنفيذ قرار التباعد الذي يهدف لوضع حد لتفشي وانتشار وباء كورونا، ولقد أنشغل الناس قبل الساعة السابعة بالعديد من شراء الاحتياجات والمستلزمات خلال فترة منع الحركة والإغلاق ولقد حصل هناك بعض الارتباك اثناء العودة للمنازل لكن سرعان ما هدأت الأوضاع واستقرت الأمور.
لم تكن أصوات الإنذارات ووميض أضواء مركبات دوريات الشرطة مزعجة ومقلقة بالأمس، رغم إنها دائماً ما تشير لحدوث أمر غير مستحب احياناً إلا أنها كانت تعبر عن توجيه رسائل كلها نصح وإرشاد للجميع بأن يسارعوا نحو التزام بمنازلهم طلباً للتشافي والتعافي، ولقد حدثني أحد ضباط الشرطة قائلاً: لم نكن نشعر بالأمس أننا رجال قانون وحسب، بل تولد لدينا شعور أن مهمتنا أصبحت ذات شقين وقاية ودعم للمنظومة الصحية بالوطن من أجل أن نحث الجميع على الإسراع نحو التعافي عبر الوقاية والتباعد.
إن منع الحركة والإغلاق بين المحافظات التي نحتاجها في هذه الفترة هي جرعة وقائية بمثابة الدواء الذي نحتاجه للتشافي من وباء أصبحت فيه الوقاية خير من العلاج ، وجميعنا يعلم إنما جاءت قرارات اللجنة العليا لمكافحة فايروس كورونا (كوفيد١٩) بمنع الحركة والإغلاق لدواعي صحية ، ولأن القانون هو المنظم لشؤون المجتمع فإن الالتزام والتعاون معه - ولله الحمد - قد لاحظه الجميع في شتى محافظات وولايات السلطنة عدا ذلك حصول بعض الحالات النادرة والخروقات التي لا تُذكر هنا وهناك.
في الجانب الأخر كانت المنازل عند الساعة السابعة مساءً ومع آذان المغرب تشبه أجوائها شهر رمضان المبارك فالجميع قد عاد للمنزل مع الآذان، والتفوا حول من صام في ذلك اليوم خاصة الجدات وكبار السن ، ففي هذه العشر من ذي الحجة أيام مباركات تتنزل فيها فيوضات الرحمات مزيد من البركات ، فاجتمعت الأسر حول الصائمين منهم وأقيمت صلوات المغرب بالمنازل جماعات وحلت السكينة والهدوء بالمنازل ، واستعدنا بحق وحقيقة روحانيات اشتقنا إليها وأجواء رمضانية خاصة مع هدوء الشوارع وخلوها من المارة، ورُفعت الأيادي والكفوف متضرعة إلى الرحمن الرحيم بعد إقامة الصلوات بأن يزيل الغمة ويجلي الكربة ويعين أهل الخير بفعل جميل الصالحات.
سكينة واطمئنان واستقرار بالمنازل قد تكون فُرضت علينا ولكن مقاصدها وقاية ودرأ لهذا الوباء وهو أحد الاحترازات الضرورية ، فالتباعد الأسري والمجتمعي هو أمر مؤقت لا محالة حتى تنخفض الأرقام - بأذن الله - وتتوزع اللقاحات في قادم الوقت ويُشفى المرضى وتختفي الاعداد التي باتت تتصاعد مؤخراً بشكل مخيف وغير مألوف.
الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، يرددها أهل المنازل اليوم مطمئنين بمنازلهم ، مصحوبين بسكينة ورحمة اتقاء لوباء قد استفحل وليس له دواء إلا الحذر والانضباط والتباعد وتطبيق الاشتراطات والاحترازات ، ومع ذلك كل الاحترازات والاشتراطات مازالت قائمة ، إنما جاء حظر الخروج المنزلي بعد الساعة السابعة مساءً لزيادة عوامل الوقاية ، على ألا ننسى الاستمرار بالنظافة والتعقيم ووضع الكمامات والمحافظة على الاحترازات الأخرى خاصة في فترة النهار لأولئك الذين يتطلب منهم الواجب الخروج للعمل أو لشراء المستلزمات سواء الغذائية أو الدوائية .
نسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة، كما نسأله - عز وجل - أن ينظر إلينا نظرة رحمة ويرفع هذا الوباء عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم اجمعين .