ذكرى عيد العرش المجيد: إحتفال بنهضة المغرب الحديث

مقالات رأي و تحليلات الأربعاء ٢٩/يوليو/٢٠٢٠ ٢٠:٤٠ م
ذكرى عيد العرش المجيد: إحتفال بنهضة المغرب الحديث

طارق الحسيسن

سفير صاحب الجلالة ملك المغرب المعتمد لدى سلطنة عمان

وعميد السلك الدبلوماسي.

يحتفل الشعب المغربي في الثلاثين من يوليو الجاري بالذكرى الواحدة والعشرين لإعتلاء صاحب الجلالة الملك محمدالسادس،نصره الله،عرش أسلافه الميامين،وهي مناسبة مليئة بالرموز والدلالات، تعبر عن عمق أواصر الولاء والبيعة والتلاحم الوثيق بين العرش والشعب، وتكريس للالتزام الراسخ بمواصلة تحقيق النموذج المغربي المتميز الذي ارسى دعائمه عاهل البلاد وباعث نهضتها الحديثة. وفق مقاربة قوامها النمو الاقتصادي المستمر والتنمية المستدامة والتضامن الاجتماعي .
ان تخليد الذكرى الغالية لعيد العرش المجيد يشكل لدى كل المغاربة مناسبة للتأمل في منجزات العهد الزاهر لصاحب الجلالة وهي لحظة سياسية مهمة لرسم معالم العشرية الثالثة من حكم جلالته، والتي جعلت من العدالة الاجتماعية والتنموية محورها الأساس والمراهنة على تعزيز المكتسبات المسجلة والعمل على بلورة نمودج تنموي جديد يقوم كما قال جلالة الملك في خطبه السامية الأخيرة على "توطيد ثقة المواطنين في المؤسسات الوطنية، والإنفتاح على الخبرات والتجارب العالمية في مجال التنمية والاقتصاد، إضافة إلى التسريع الاقتصادي المنتج والمشغل وتحقيق النجاعة المؤسسية"
على مستوى الإنجاز الاقتصادي، تستمر المملكة المغربية في تنبي سياسات طموحة وواعدة من خلال الاستتثمار في المشاريع الكبرى والاوراش الإستراتيجية الكفيلة بتحقيق معدلات مرتفعة للنمو كمشاريع تقوية البنيات الأساسية للطرق والموانئ، فضلا على عدد من المشاريع في مجال صناعات السيارات، وتهيئة المدن، التي تتقاطع مع المجهودات المبذولة على مستوى الإستراتيجيات القطاعية الإقتصادية في مجالات الفلاحة والصناعة والسياحة والطاقة، والتي يتم تعبئتها لتكون قادرة على الانخراط في المجهود التنموي العام الذي تعرفه المملكة .
من جانب أخر ، يحظى المجال الإجتماعي بدوره بإهتمام منقطع النظير من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، من خلال الوقوف الميداني على ظروف عيش المواطنين والتجاوب مع إنتظاراتهم، حيث قام جلالته بإتخاذ عدد من المبادرات الإجتماعية التي كان لها الأثر الايجابي على حياتهم من خلال رد الإعتبار للأسرة وتكريس ثقافة حقوق الإنسان وثقافة المواطنة وتحديث القضاء وترسيخ التضامن والقضاء على اشكال الفقر والهشاشة الإجتماعية. وهو نفس الإهتمام الذي يخص به جلالة الملك افراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج ، الوفية لهويتها، والمتعلقة ببلدها الأم، والمساهمة بشكل فاعل في تنميته.
واذا كانت هذه الدينامية الاقتصادية والإجتماعية المتميزة قد تأثرت خلال الأشهر الأخيرة بجائحة فيروس كورونا كوفيد 19 ، فان المملكة المغربية وبفضل التوجيهات النيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس تمكنت من النجاح في الحد من التاثيرات السلبية للجائحة من خلال عدد من التدابير الإستباقية الحاسمة التي همت مختلف القطاعات ، بدءا بتشكيل لجنة اليقظة الاقتصادية التي اوكل لها مهمة الرصد الأني للوضعية الإقتصادية الوطنية، وإحداث صندوق خاص بتدبير الجائحة، عهد له التكفل بالنققات المتعلقة بتأهيل القطاع الصحي ودعم المقاولات والمهنالمتضررة وتعزيز الجاذبية الإقتصادية للمغرب ، وهو ما تسعى الحكومة الى تحقيقه عبر رافعتين، أولاهما خطة للإنعاش الاقتصادي تمتد إلى متم سنة 2021، وثانيهما خطة للإقلاع الاقتصادي على المدى المتوسط. كما يمكن الاشارة في هذا الصدد إلى تبني الحكومة لعدد من الإجراءات الإستثنائية ذات الطابع الإجتماعي لفائدة الأجراء المتوقفين عن العمل عبر تأجيل سداد القروض ومنح مساعدات للفئات التي تعمل في القطاع الإقتصادي غير المهيكل.
على الصعيد الدبلوماسي، تواصل المملكة المغربية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الإسهام الفاعل والمؤثر في القضايا الدولية والإقليمية وفق سياسة خارجية مبنية على الحوار وحسن الجوار و إحترام سيادة الدول و دعم الأمن والسلم الدوليين وتكريس التعاون الدولي وترقية حقوق الإنسان وتحقيق التنمية المستدامة. في هذا الإطار، فان المغرب يعمل جاهدا منذ سنوات من أجل تفعيل الإتحاد المغاربي، وتعزيز العمل العربي المشترك، والدفاع عن القضايا المصيرية للأمة العربية والإسلامية، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته وعاصمتها القدس الشريف كما ان التوجه الأفريقي أضحى محددا ثابثا في السياسة الخارجية المغربية، و التي بفضل ديناميتها حققت نتائج مهمة على مستوى التنمية في بلدان القارة وفق قاعدة الكسب المشترك والمنفعة المتبادلة، والتنمية الجماعية المستدامة للقارة. وهنا لا بد من الإشارة الى أن المغرب قام وبتعليمات ملكية سامية، بإرسال دعم من المواد الطبية والصيدلية لأكثر من 15 دولة في إفريقيا” في إطار الدعم للاشقاء والاصدقاء في افريقيا لمواجهة جائحة فيروس كورونا كوفيد .19
ان الحديث عن واقع العلاقات المغربية العمانية وافاقها لايمكن ان يستقيم دون التذكير بالدور الهام والمؤثرالذي قام به في هذا الشأن فقيد سلطنة عمان والأمة العربية المغفور له بإذن الله السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، القائد الحكيم الذي حقق لبلاده نهضة شاملة، والذي ساهم في مد جسور التضامن والتعاون والسلام بين الأمم. وان مما لا شك فيه ان العلاقات الاخوية العمانية المغربية المتميزة القائمة على التعاون المثمر والتضامن المتواصل مرشحة بأن تعرف مزيدا من التقدم والتطوير في ظل القيادة الحكيمة لقائدي البلدين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، واخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ، والذي نتمنى لجلالته بهذه المناسبة السداد والتوفيق في قيادة شعبه نحو مزيد من التقدم والرخاء.
في هذا الصدد، حري بالتذكير أن العلاقات المغربية العمانية قد تعززت خلال الفترة الأخيرة في عدد من القطاعات المهمة ، كالإقتصاد والأوقاف والشؤون الاسلامية، والصناعة التقليدية، والقضاء، إضافة إلى إستمرار تبادل الزيارات على مختلف المستويات بين مسؤولي البلدين الشقيقين، كما ان التعاون المثمر بين الهيئات التشريعية في البلدين متواصل، من خلال اللقاءات الدورية للجنة الصداقة ، فضلا عن ما تشهده العلاقات الثقافية والعلمية من زخم مميز، ويظل الطموح قائما للدفع بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين الى مستويات ارحب، خاصة في ظل توفر كل الظروف المواتية لتحقيق ذلك من موقع استراتيجي مميز، ومؤهلات اقتصادية كبيرة، وبيئة استثمارية جاذبة، فضلا عن وجود اطار قانوني غني بين البلدين يغطي كل مجالات التعاون (45 اتفاقية).
في الختام، أود ان أغنتم هذه المناسبة لأتقدم الى كافة أفراد الجالية المغربية المقيمة بسلطنة عمان بأحر التهاني بهذه المناسبة الغالية،، وأتمنى لهم مزيدا من التقدم والنجاح، كما أتوجه بشكري الجزيل وتقديري العالي لكل المؤسسات والهيئات الرسمية والخاصة بهذه الأرض الطيبة المعطاء، التي ابت ان تعرب لنا عن تهانيها بالذكرى الواحدة والعشرين لعيد العرش المجيد.